اترحم على روح الاستاذ الكبير والعزيز محمد قديش الذي فارقنا اليوم ذلك الفراق الموجع الذي يخلف في القلب حسرة وفي الحلق مرارة ...وانا احب هذا الانسان لانه يتمتع بخصلة هي عندي بمثابة الجوهر الذي يقول لك بمنتهى الوضوح : هذا انسان طيب وجميل وينتمي الى معسكر الابرار والاخيار ...او يقول لك : هذا انسان غير طيب وقبيح وينتمي الى معسكر الفجار والاشرار ...وجوهر سي محمد جوهر نقي ...وبهي ...انه رجل يحب الخير للناس ...ويخدم الناس ...وينفع الناس ...ولا استطيع ان اعدد خدماته الانسانية التي حققها بفضل قربه من الرئيس زين العابدين بن علي الذي كان يسمع منه ...وازعم ان النزعة الانسانية في شخصية بن علي تعمقت ...وتجذرت ...وبرزت اكثر بفضل تاثير سي محمد عليه ..فلقد كان صديقه الشخصي الذي يراه يوميا ...ويستمع منه يوميا ...ويتجاذب اطراف الحديث في كل شان يوميا ...ولم يكن سي محمد يهتم بالسياسة الا قليلا ولكنه كان يهتم بكل ما من شانه ان يرتقي بتونس اجتماعيا ..وصحيا ...وعلميا ...وثقافيا ...وكان يوجه بن علي التوجيه الذي يرتقي بالوطن ...وينفع الناس ...ورغم قربه من بن علي وعلاقته الاخوية اللصيقة به فان بن علي لم يفكر ولو مرة في ادخاله للحكومة كوزير للصحة او وزير للتعليم العالي ...فللدولة منطقها ...واعتبارها ...ومنهجها ...ولكنه رغم انه لم يكن وزيرا او واليا فانه كان " يحكم " مع بن علي بطريقة غير مباشرة ....وباسلوب التوجيه والتاثير والايحاء والتلميح الذكي ... رحم الله سي محمد وجازاه عنا خير جزاء...وانك ميت وانهم ميتون ...