واصل الأستاذ عبد الجليل التميمي الحديث عن شخصية الشيخ المصلح عبد العزيز الثعالبي وتسليط الأضواء على جوانب مخفية من حياته ورفع الغبار عن مسائل مغيبة في شخصيته تم تعمد تجاهلها، كما واصل التعريف بشمائل أخرى منسية لهذا الرجل الذي ظلم حيا وميتا وتم إهماله ونسيانه وتشويه صورته في الوقت الذي كان شخصية رائدة لعبت دورا مؤثرا في تاريخ الحركة الوطنية والنضال من أجل الاستقلال ومقاومة المستعمر وكان له إشعاع كبير تجاوز الوطن العربي ليصل إلى العالم الحر ويكفي الشيخ الثعالبي شرفا أن يكون مؤسس الحركة الوطنية والجد الأول للحركة الدستورية. واصلت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات الحفر في شخصية الثعالبي وبذل الجهد في الكشف عن جوانب منسية من حياته في ندوة أولى التأمت يوم 21 نوفمبر المنقضي تلتها ندوة فكرية ثانية يوم 5 ديسمبر الجاري أثثهما الدكتور فتحي القاسمي الأستاذ الجامعي والباحث في قضايا الحضارة والمتخصص في فكر النهضة العربية وقضايا الإصلاح التونسي فهو من هذه الناحية من النخبة القليلة المؤهلة للحديث عن الشيخ عبد العزيز الثعالبي. في هذه الندوة كان السؤال الهاجس لماذا الثعالبي ؟ ولماذا الحديث اليوم عن جد الحركة الوطنية وأحد المصلحين المؤثرين في تاريخ تونس المعاصر ؟ وهل من فائدة نجنيها اليوم من خلال العودة إلى عبد العزيز الثعالبي ؟ و ماذا ستضيف هذه الندوة لحاضرنا في علاقة بكم المشاغل المختلفة الضاغطة على حياتنا ؟ وفي الأخير أي راهنية لعملية الاستحضار والاستجلاب التي نقوم بها ونحن نعيد الحديث عن الشيخ عبد العزيز الثعالبي ؟ قيمة هذه المحاضرة في كونها إلى جانب فتح نوافذ كانت مغلقة في حياة الشيخ وتصحيح بعض المغالطات التاريخية التي تعمد أعداؤه الترويج لها ومنها أن الشيخ كان ينتمي إلى عائلة بورجوازية وطبقة من نبلاء تونس و أغنيائها ليجعل منه انتماؤه الطبقي شخصية بعيدة عن مشاغل الشعب التونسي في بداية القرن والبلاد تعيش استبدادا سياسيا ونهبا للثروات و اضطهادا للشعب وهي معطيات استعملت لمحاربة الرجل والتقليل من قيمته فعلى خلاف ذلك فقد كشف الدكتور فتحي القاسمي أن الشيخ عبد العزيز الثعالبي لم يكن يوما منحدرا من طبقة ثرية ولا كانت عائلته عائلة غنية وإنما الحقيقة انه ينتمي إلى عائلة جزائرية مهاجرة عرفت بنضالها ضد الاستعمار الفرنسي وهو نضال معروف وغير مخفي جاءت إلى تونس و اختارت الاستقرار في مكان شعبي في ربض باب سويقة في حومة كان يسكنها الأندلسيون وبهم عرفت وبها ولد في 5 ديسمبر 1876. في هذا الحي الشعبي و بالإضافة إلى انتمائه إلى عائلة محافظة لها موقف رافض للاستعمار الفرنسي بدأ يتشكل وعيه الجنيني بالنضال الوطني ومقاومة المستعمر ومما يذكر عن المؤثرات الأولى التي ساهمت في تشكيل وعيه الوطني ما قالته له والدته ذات مرة وهي تذرف الدمع متحسرة على ما آلت إليه أوضاع البلاد " إن هؤلاء الجنود لا يخرجون من بلادنا إلا متى قاتلناهم " من الإضاءات الأخرى التي أتى عليها الدكتور فتحي القاسمي أن عودة الثعالبي إلى أرض الوطن سنة 1908 بعد أن غادرها في نهاية القرن التاسع عشر للتعريف بالقضية التونسية وجمع التأييد لها في رحلة قادته إلى عدة عواصم ومدن عربية وإسلامية تعرف خلالها على عدة أعلام من الفكر والثقافة والسياسة من الذين كان لهم اشعاع كبير في زمانهم ، لم تكن عودة عادية من دون فائدة حيث عاد الرجل بفكر آخر غير الذي ذهب به ومواقف مختلفة ورؤية لتونس الجديدة وبرنامجا للمقاومة والنضال سوف يكون له الوقع الكبير في بلورة الوعي الوطني لدى الشعب للتشكل في تنظيم سياسي يقود حركة التحرر .. عاد الثعالبي برؤية إصلاحية واضحة قوامها الانتصار للعقل وتحكيمه في كل القضايا وفي كل تفكير سياسي واجتماعي وعاد بخطاب يقطع مع الفكر السائد وتحكم التقاليد البالية وسطوة الطريقة التقليدية في التدريس والتعلم وبفكر مؤسس على الاجتهاد وإعمال العقل فكان كتابه الحدث "روح التحرر في القرآن " الذي ألفه سنة 1905 علامة فارقة في فكر الرجل ألب عليه رجال الزيتونة وشيوخ التقليد .. عاد إلى تونس حاملا معه مشروعا إصلاحيا اجتماعيا يقوم على تخليص العقل مما علق به من طريقة تقليدية في التدريس والتي كانت تقوم على الحفظ وتكرار المعلومات ونادى مبكرا إلى تحرير المرأة التونسية ورفع كل الحجب التي كانت تمنع عنها المشاركة في الحياة العامة وتحول دونها و المساهمة في الجهد الوطني والحصول على حقوقها شأنها شأن الرجل ومنها حقها في التعليم فكانت أفكاره هذه هي التي واصل في تبنيها مفكرون آخرون وكانت اللبنة الأولى لما سوف يعرف فيما بعد بمعركة تحرير المرأة التي تزعمها الطاهر الحداد قبل أن ينسبها الزعيم بورقيبة لنفسه. من الإضافات الأخرى التي قدمها المحاضر فيما خفي من شخصية الثعالبي أنه لما عاد العودة النهائية سنة 1937 بعد أن غادرها إثر تأسيسه للحزب الدستوري سنة 1920 في جولة إلتقى خلالها بالكثير من الشخصيات المؤثرة في العالم الاسلامي وبعد أن حسم الخلاف سنة 1934 في مسألة مسار القضية التونسية وطريقة النضال ضد المستعمر لصالح النخبة الجديدة القادمة من مدارس وكليات فرنسا والتي كان يتزعمها الحبيب بورقيبة و انتهى إلى تأسيس الحزب الدستوري الجديد ، عاد الثعالبي ليجد الخلاف بين اللجنة التنفيذية بزعامة صالح بن يوسف والديوان السياسي الذي كان يقوده الحبيب بورقيبة على أشده ووجد البلاد مقسمة بين اتجاهين يشقان الحزب الدستوري الجديد فحاول بما يمثله من ثقل تاريخي ورمزي وبما يحتله من مكانة محترمة في المجتمع التونسي وفي قلوب الناس أن يلعب دور الوساطة بين الشقين لرأب الصدع واستعادة اللحمة بين زعماء الحركة الوطنية وأن يجري حوارا ينهي به الخلاف ويوحد الصفوف لما فيه صالح البلاد وقد انتخب من طرف الشقين لإدارة هذا الحوار والتوافق على وثيقة للوفاق الوطني قبل أن يتراجع الجميع عن فكرة التوافق ويستأنفوا التراشق بالشتائم والتهم فكان رد الثعالبي على هذه الردة وهذا النكوص نصا كتبه سماه " الكلمة الحاسمة " التي حدد فيها المسؤوليات فيما حصل من فشل المصالحة بين ين يوسف وبورقيبة مما تسبب في تراجع شعبية الحزب الدستوري الجديد بعد أن انسحب الكثير من الانصار من مناصرة الحزب. في موضوع مطلب الاستقلال الذي كان غائبا في برنامج الحزب الدستوري القديم والذي تمت مؤاخذة الثعالبي عليه لكونه لم يكن يعمل على استقلال البلاد وإنما كل نشاطه السياسي كان منصبا على كيفية للتعايش مع سلطة الاحتلال الفرنسي والاكتفاء بالمطالبة ببعض الحقوق كحق التونسيين في التعليم والتشغيل و العمل النقابي وحرية التعبير بإصدار الصحف اليومية لا غير في حين أن مطلب استقلال البلاد لم يكن مطروحا ، قال فتحي القاسمي بأنه على خلاف ما يشاع ويروج فإن فكرة الاستقلال كانت مطروحة منذ تأسيس الحزب القديم وهناك العديد من الدلائل على أن هذا المطلوب كان هاجس المناضلين في الحزب وكان محل حوار ونقاش في كيفية الوصول إليه لكن عبد العزيز الثعالبي كان يتعامل مع ما هو متاح وممكن التحقيق لذلك توخى سياسة تم فيها تأجيل هذا المطلب إلى حين تحقق شروطه وتتوفر له الظروف لتحققه وقد تأكد هذا من خلال وثيقة تاريخية موجودة عند الحبيب شلبي وكان أحد الاعضاء الناشطين في الديوان السياسي التابع للزعيم بورقيبة تتحدث عن اجتماع سري التأم سنة 1944 في منزل عبد العزيز الثعالبي دعا فيه هذا الأخير إلى ضرورة أن يكون استقلال البلاد كاملا وهو الاجتماع الذي مهد ودفع نحو حصول الاجتماع التاريخي سنة 1946 الذي عرف باجتماع ليلة القدر والذي حضره جمع كبير من كل الاطياف والمشارب الفكرية والسياسية والذي تقرر فيه بكل وضوح أن يكون مطلب الحزب الجديد استقلال البلاد من الاحتلال الفرنسي. بقيت مسألة أخرى تحتاج إلى توضيح وأن نتوقف عندها قليلا وهي مسألة انتماء الثعالبي في مرحلة ما من حياته إلى المحفل الماسوني وهي التهمة التي حورب بها والتهمة التي لا زالت عالقة به. حول هذا الموضوع اعتبر المحاضر أن انتماء الثعالبي إلى المحفل الماسوني جاء في سياق تاريخي معين وهو البحث عن سند خارجي قوي يدعم القضية التونسية وهو تمش كان قد انتهجه كل المناضلين في حركات التحرر حيث كانت الكثير من الزعامات في العالم تبحث عن الدعم والسند لنصرة القضية الوطنية وتقديم العون لها من خلال الانتماء إلى جمعيات أجنبية لها إشعاع ومكانة وربط الصداقات والعلاقات معها وانتماء الثعالبي للمحفل الماسوني كان من هذا القبيل وفي هذا السياق حيث أن الماسونية لم تعرف حقيقتها ويكتشف أمرها إلا خلال الحرب العالمية لما دخل الألمان إلى باريس واستولوا على ارشيف الجمعية وتم نشر وثائقها والتعرف على أهدافها الحقيقية وبالتالي فإن تحديد الفترة الزمنية التي انتمى فيها الثعالبي إلى الماسونية مهم للغاية بما يفيد أن هذا الارتباط كان قبل أن يكتشف أمرها وتنشر وثائقها السرية شأنه في ذلك شأن الكثير من زعماء حركة الاصلاح العربية وقادة التحرير الوطني في العالم العربي وبهذا يفسر انتماء الكثير من الزعامات الفكرية العربية إلى الماسونية قبل أن ينسلخوا عنها . من الاضافات الجديدة في هذه المحاضرة الحديث عن شخصية ربما يجهلها الكثير من الناس وكان لها حسب المحاضر موقعها في كتابة تاريخ الحركة الوطنية وهي شخصية " عمر بن قفصية" وكتابه الخطير " الصحائف السوداء " والتي دون فيها الكثير من الأحداث التي حصلت بعد تأسيس الحزب الدستوري الجديد ما وقع من صراعات وخصومات بين الأخوة الأعداء في الفترة الممتدة بين سنة 1923 وسنة 1937 و قبل عودة الثعالبي العودة النهائية سنة 1937 وقيمة هذا الكتاب في كونه يتضمن معطيات تشكل مادة تاريخية يمكن الاعتماد عليها في معرفة الكثير من الأمور التي بقيت ملتبسة ومحل خلاف قد تفرض إعادة القراءة والفهم للذاكرة الوطنية و لما حصل بين شقي الحزب الدستوري الجديد من صراعات في اتجاه اعادة الكتابة الجديدة في بعض جوانب تاريخ الحركة الوطنية وتاريخ الحزب الدستوري الجديد بطريقة تقربه إلى حقيقة ما حدث . يتحدث عمر بن قفصية في صحائفه عن أحداث كثيرة ويكشف عن العديد من الحقائق منها أن عبد القادر بن سلامة قد بعث إلى الشيخ الثعالبي لما كان متواجدا بالقاهرة رسالة يعلمه فيها بما حصل في تونس من أحداث في غيابه وهي أخبار مؤلمة عن انقسام الساحة السياسية في تونس بعد أن دب الخلاف بين الزعماء السياسيين وعمت التناقضات في المواقف السياسية في الوقت الذي كان الشعب يعيش أوضاعا اجتماعية واقتصادية مزرية وفي الوقت الذي يواصل فيه المستعمر سطوته على البلاد وإحكام سيطرته على مقدرات الشعب فما كان من الشيخ الثعالبي إلا أن كتب بعد اطلاعه على رسالة صديقه خطابا توجه به إلى الشعب التونسي نشر في جريدة " النهضة " و قد كان لإطلاع الشعب عليه أن زادت الأوضاع تأزما وتدهورا . قيمة هذه الرسالة في كونها قد كشفت عن شخصية الثعالبي المفكرة والمتابعة جيدا لما يحصل في البلاد بالرغم من تواجده خارجها في تلك الفترة من التاريخ التي كان فيها التواصل والاتصال لنقل الأخبار عسيرا وغير سهل غير أن الشيخ كان ملما بما يحصل من صراع مدمر لكل ما بناه من أجل الوطن وتحرره فكان دوره الحاسم في رتق الفتق ورأب الصدع الذي تسبب فيه هوى البعض ونزوات البعض الآخر من خلال التوجه برسالة إلى الشعب والقادة السياسيين يطالبهم فيها بضرورة إنهاء الخلاف و الانطلاق في حوار يعيد الألفة والوحدة . يقول الثعالبي في هذه الرسالة مخاطبا صديقه عبد القادر سلامة " أشكرك على تعريفي بالأحوال العاثرة في تونس وأنه لا يعتريني الانقباض - أي تألمي من هذا السقوط في هذا التورم السياسي وهذا الانحراف على الخط النضالي - والبلاد محكومة بالضمائر المريضة وشفاؤها منه عسير لو نظفوا النفوس ولكن كل شيء يهون في بلد جثم عليها الاستبداد بكلاكله .. كان ذلك لغياب الموازين العقلية لتحكيم العقل في تدبير الشأن العام .. هذه طفولة أمة ..." لقد لخص الشيخ الثعالبي ما دار في تونس في ظل الحزب الدستوري الجديد بشقيه اللجنة التنفيذية والديوان السياسي بكلمة هي قاصمة الظهر حينما وصف ما يجري من تناقضات وصراعات على الزعامة والقيادة بأنه "طفولة أمة " لم تصل بعد إلى مرحلة البلوغ والنضج في إدانة صريحة للقادة السياسيين وعلى رأسهم بورقيبة وبن يوسف لتسببهما في ما آلت إليه الأوضاع وتعثر العمل الوطني فهو يعتبر أن الأمة الرشيدة هي تلك التي تقدر أعمالها بقدر النتائج وحسن التصرف في الأوضاع وليس بقدر النوايا .. إن الأمة الرشيدة حسب الثعالبي هي الأمة التي تصنع القادة الأكفاء الذين يتقلدون راية الزعامة فالقيادة ليست شهوة وهي عنده لا تكون إلا بتوفر جملة من المحددات منها الخبرة والكفاءة ومؤهلات كثيرة غير الدراسة فالتعلم وحده لا يكفي من دون كفاءة عملية وخبرة ميدانية فالقيادة في الأحزاب لا تكون بالشهائد فقط ومن دون ممارسة عملية وهو يتحدث عن الزعيم الشعبي الذي يشترط فيه لكي تكون له هذه الصفة جملة من الشمائل والخصال كالكفاءة العملية وخلو الذمة ونظافة اليد من دون ملوثات ولا شبهات والبعيد عن مؤثرات الأهواء وبعيدا عن الأنانية الفردية والقومية في إشارة إلى ضرورة أن لا ينسب القائد اعماله لنفسه أو لجهته . قيمة خطاب الثعالبي في تحديد ملامح الزعيم في علاقة بما حدث من صراع مدمر أشهر قليلة بعد تأسيس الحزب الدستوري الجديد بزعامة بورقيبة مع تقلد إدارة اللجنة التنفيذية الرجل الثاني في الحزب وهو صالح بن يوسف وفي تحميل المسؤولية لهؤلاء الزعماء الذين لم يغلبوا المصلحة الوطنية وانشغلوا في تناقضاتهم في الوقت الذي تعرف فيه البلاد مشاكل عدة فمن هذه الناحية تمثل رسالته وثيقة تكشف عن حقيقة الصراع اليوسفي البورقيبي وهو صراع لم يكن وليد لحظة الاستقلال ولم ينشب كما يروج له بسبب حدث الاستقلال والخلاف بين الزعيمين حول بعض القضايا التي شكلت الخلاف حول الاستقلال وإنما الصراع والخلاف في حقيقته يعود إلى الأيام الأولى لتأسيس الحزب الجديد وتواصل حتى بلغ ذروته إبان التفاوض على وثيقة الاستقلال. وراهنية خطاب الثعالبي في حديثه عن الزعيم الشعبي في إحالته عما يجري في البلاد هذه الأيام من غموض في المشهد السياسي وانسداد لأفق الخروج من الأزمة الخانقة وتعثر التوافق بين الفرقاء وتصاعد الخلاف واتساع رقعته بين الجميع حتى وصل إلى مؤسسات الدولة وما يدور من حديث حول ضرورة إجراء حوار وطني يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد وهو واقع ومشهد يشبه كثيرا مشهد البلاد في تلك الحقبة من التاريخ حينما نبه فيها الثعالبي إلى ضرورة إجراء حوار ومصالحة لاستعادة الثقة في النضال وإنقاذ البلاد من السقوط في الهاوية بسبب طفولة قادتها السياسيين الأمر الذي جعل الثعالبي يعبر عن هذه الخيبة بقوله إن القضية التونسية هي مخاض حياتي وفي هذا المخاض معاناة سوف تضفي إلى ولادة قد تكون قيصرية تتطلب تدخلا وقد تكون طبيعية سهلة وفي الحالتين ينتج عن هذه الولادة حلم شعب يريد أن ينعم بنسائم الحرية وأن يكون له موقع قدم تحت الشمس كباقي شعوب الأرض الأخرى ولكن هذا لا يتحقق من دون زعماء تتوفر فيهم شروط القيادة وهذه كلها هواجس تحدث عنها الشيخ الثعالبي ورصدها وهي تعاد اليوم مع النخبة الحالية التي قد تقود البلاد نحو المجهول الذي نبه إليه الثعالبي في زمانه.