نحن نقدّر معاناة الفلاح التّي لا تنتهي خاصّة أمام تكلفة الإنتاج وغلاء الأعلاف و الأسمدة بل و أحيانا كثيرة فقدان هذه المواد الحيوية للزراعة أو للمواشي في وقت الذروة، في حين يحتكرها المضاربون ويفرضون الأسعار التّي يريدون ممّا يضاعف عناء الفلاح أمام ضعف تامّ لمصالح الدولة للتصدي لهؤلاء المضاربين والمحتكرين و الفاسدين و المفسدين في الأرض و لكن كلّ هذا لا يبرّر سكب هذه المواد و المنتوجات الفلاحية على غرار الحليب لنسقي بها الأرض رغم تبريرنا لما يعتمل في صدور الفلاحين من خيبة الأمل أمام عجز المصالح الحكومية من رأب هذا الصدع الذي أضجع راحة الفلاح بل هذا الوضع من شأنه أن يهدد حتّى أمننا الغذائي و قطاع الفلاحة أضحى اليوم من أهم القطاعات الحيوية في حياة الدول و قد تأكدّ ذلك بصفة جليّة بمناسبة انتشار وباء كورونا خاصة أمام توقف التنقل بين الدول وإيقاف حركة المرور الجوية و البحرية و البرّية احتماء من انتقال هذا الفيروس القاتل من دولة إلى دولة و بالتالي من ليس له انتاج محلي و وطني قد يتهدد شعبه شبح المجاعة. و الحمد للّه أنّ بلادنا حباها الله بالأراضي الخصبة و الأمطار السخيّة و تمسك الفلاح بأرضه رغم كلّ العراقيل والمعوقات و المطبات. وهي مناسبة لنرفع دعوة ملحة للدّولة – و هي التي من مهامها الأصلية السهر على السيادة الغذائية للشعب – أن تولي القطاع الفلاحي الأولوية المطلقة و ذلك عبر تشجيع فلاّحيه وإعطائهم الأولوية في القروض و الوقوف إلى جانبهم عند الأزمات سواء الطبيعية أو البشرية و إعادة النظر في الميزان التبادل التجاري الفلاحي لأنّه لا يعقل أن يتمّ توريد مواد فلاحية يتمّ إنتاجها محليا عوض البحث عن سبب الدّاء الذي وراء النقص في الإنتاج و بالتالي الهرولة نحو التوريد – كطريقة سهلة لمعالجة المشكل - ممّا يضاعف محنة الفلاح و كأنّنا بذلك ندفعه دفعا ليهجر أرضه و ينزح نحو المدن ولكن أيضا و عبر أعمدة " الصريح أون لاين " ندعو أيضا الفلاح أن يبتعد عن أسلوب التخلص من الفائض من إنتاجه الفلاحي عبر سكبها في الأرض على غرار مادّة الحليب أو التخلص من وفرة منتوج الغلال في أماكن وضع الفضلات في حين يكون أجدى و أنفع للبلاد و العباد مثلا أن يتمّ التبرع - مثلا بمادّة الحليب الزائد عن حاجة الفلاح أو التي لم تتمكن الجهات المعنية من شرائها منه - إلى دور الأيتام و المؤسسات التربوية و المستشفيات ودور المسنين على أن يتمّ اهدارها في التراب و بذلك يكون الفلاح قد ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد و أوّل هذه العصافير أنّه قدّم العون للجهات التي تستحقّه و كم من مدارس يشكو تلاميذها فقدان هذه المادة بمدارسهم و بالتالي نال رضاء الرحمان كيف لا و قد ساعد بذلك المحتاجين .و ثانيا تجعل الفلاح المتطوع بهذه الكميات في نظر العموم شخصا واعيا و مسؤولا يجلب له الاحترام و التآزر فضلا عن التنويه بمثل ذلك العمل من قبل وسائل الإعلام التّي قد تتبنى الدفاع عن أوضاع القطاع الفلاحي عموما و أيضا على السلطات اعتبار ذلك بمثابة الإنذار و لفت نظره إلى وجود مشكلة هامّة . لنقول في ختام هذه الورقة و نذكرّ بقوله تعالى " أمّا بنعمة ربّك فحدّث "