مطلوب إدارة نظيفة... محايدة ونزيهة هناك مترشحون لنصف السباق ومترشحون جدّيون حاوره: عبد السلام لصيلع نستضيف في «حوار اليوم» الأستاذ عبد القادر اللّبّاوي المترشّح المستقلّ لرئاسة الجمهورية لمعرفة العناوين العامّة لمحتوى برنامجه الانتخابي والإطّلاع على آرائه وأفكاره في العديد من القضايا التي تهمّ النّاخب التونسي في هذه الفترة بعدما خرجنا من انتخابات تشريعية ونستعدّ لانتخابات رئاسيّة قادمة. ومعروف عن المترشّح المستقلّ عبد القادر اللبّاوي أنّه من الاطارات الادارية العليا في تونس من خلال المناصب التي شغلها خلال مساره المهني سواء في وزارة الماليّة أو المدرسة الوطنية للإدارة أو عندما كان رئيسا مديرا عاما لشركة المركّب الصنّاعي والتكنولوجي بالقصرين أو على رأس الإتّحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة وبروزه في العمل الجمعياتي. في البداية ما هي قراءتك للنتائج الأوّليّة للانتخابات التشريعية؟ من حيث المبدإ، في الحقيقة، هذه النتائج تعكس صوت الناخب، وأقول صوت الناخب كي لا أقول إرادة الناخب، الصّوت حُسم في الصندوق.. كيف وصل هذا الصّوت الى الصندوق؟ هذه مسألة تهمّنا جميعا ولكنها تهمّ بدرجة أولى الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات بتمثيلياتها الفرعية الجهويّة والمحليّة من مراكز ومكاتب وهيئات محليّة وتهمّ كافة الأطراف المعنيّة بمراقبة وملاحظة المسار الانتخابي، فمن الممكن أن يكون هناك شراء للذمّة ومن الممكن أن يكون هناك إكراه أو ضغط أو تغرير أو تحيّل... ومن الممكن أن يكون هناك تدليس. فالتقارير والتقييمات الأوّلية تقول إجمالا إن تجاوزات كثيرة وقعت لكن ليس لها تأثير جوهري على نتائج الانتخابات، غير أن ذلك لا ينفي حدوث بعض التجاوزات التي ليست فيها إثباتات ولا نستطيع أن نقول عنها إنّها تجاوزات مثل شراء الذّمم وغير ذلك.وهذا في حقيقة الأمر رهين ماذا؟ هذا رهين وعي المواطن وحرصه على عدم بيع صوته أو ذمّته، رغم أنّ سياسة التجويع والمسك من الإمعاء تجعل من حرص المواطن على ذمّته شيئا ثانويا بامتياز معنى ذلك un bien de luxe... يجب أن يأكل أوّلا ثم يفكّر في ذمّته. فلابدّ من توفير مقوّمات العيش الكريم حتّى نستطيع أن نتحدّث فعلا وموضوعيا عن نتائج الانتخابات الحرّة والنزيهة والعامّة والمباشرة والسريّة والشفّافة والديمقراطية. على ضوء نتائج «التشريعية» التي أفرزها الصندوق كيف سيكون المشهد السياسي التونسي في المستقبل؟ بعد ما ظهرت النتائج الأوّليّة في انتظار النتائج النهائية سيكون في هذا المشهد توازن هشّ وسيدفع الحزبين اللذين تحصّلا على أكثر الأصوات إمّا الى التحالف وتكوين حكومة لتحقيق الاستقرار أو عدم التحالف ووقتها سوف ندخل في صورة تشبه كثيرا الأنظمة السياسيّة التي تعتمد النظام البرلماني لأنّ الصّورة تشريعيا على الأقلّ لن تكون مستقرّة باعتبار أن الأغلبيّة ستكون هشّة وضعيفة. هنا يكون دور رئيس الجمهورية كبيرا جدّا نظرا لأنّه الضّامن للتوازن الإيجابي بين السلط والضامن لاستقرار البلاد. إذا تحقّقت هذه الفرضيّة، أي مجلس نوّاب الشّعب بأغلبيّة هشّة أو ضعيفة، عندئذ على رئيس الجمهورية أن يلعب دورا إيجابيا ينتصر فيه للاستقرار خدمة لمصلحة الشعب والوطن وليس خدمة للأغلبية الضعيفة أو خدمة للمعارضة التي قد تقضّ مضجع هذه الأغلبيّة الهشّة أو الضعيفة. حسب رأيك هل يمكن أن يكون لنتائج الانتخابات التشريعية تأثير على الانتخابات الرئاسية القادمة؟ أكيد جدّا هناك ارتباط مباشر وتأثير جوهري لنتائج الانتخابات التشريعية على الانتخابات الرئاسية باعتبار أوّلا أن لأغلب الأحزاب مرشّحين، وثانيا لأن لحزب الأغلبيّة مرشّحا ثم إنّني أرى أن دعوة البعض الى رئيس توافقي على هي كلمة حقّ يراد بها باطل سوف يكون لها تأثير وربّما ينعدم تأثير هذه الدّعوة المغرضة الى رئيس توافقي بمجرّد انتباه الناخب ووعيه الى ضرورة إعمال العقل ومصلحة البلاد وضرورة التصويت للرّئيس الذي يكون فعلا محايدا، رئيس كلّ التونسيات والتونسيين وليس الرّئيس الذي سيتوخّى أمر هذا التوافق أو ذاك سيما أنّ الدستور يقول إنّ الرّئيس ينتخب انتخابا عامّا وسريّا وحرّا ومباشرا وشفّافا وديمقراطيا. نحن هنا في إلتباس أمام فكرتين، فكرة «النهضة» حول «الرّئيس التوافقي».. وفكرة بعض الأحزاب المهزومة في الانتخابات التشريعية بشأن «الرئيس الديمقراطي».. ما هو رأيك في هذه المسألة؟ هذا ليس إلتباسا... فمن حيث الجبّة المشروع واحد... ولكن أين هو الإختلاف؟ الاختلاف في الوسائل والغاية والأهداف. وقد يكون الأسلوب في المناورة السياسيّة واحدا أيضا وأخالني أعلم أنّه نفس الأسلوب. هل يمكن أن يكون الأمر اتّفاقا مرتّبا بين هؤلاء كلّهم؟ نعم.. فربّما تكون هناك اتفاقات كواليس أو ربّما يكون هناك نوع من التّجاذب والتّداور قصد الضّغط على الخصم لتقديم تنازلات والوصول الى مربّع الوفاق الذي يراد منه محاصصة على مستوى مجلس نواب الشعب ورئاسة الجمهورية والحكومة. وهذا لن يخدم الشعب في شيء ولن يخدم الوطن في شيء ما لم تكن هذه المحاصصة تحت الشّمس، فوق الأرض، وعلى مرأى ومسمع وبمشاركة وموافقة من الجميع: مواطنين ومجتمعا مدنيا وأحزابا سياسية ومنظّمات وطنيّة. ما هي الأسباب التي جعلتك تترشّح للرئاسية؟ في حقيقة الأمر السّبب الرئيسي أنّ تونس والحمد لله ليس فيها نظام ملكي، هي جمهورية... والجمهورية يلزمها رئيس.. هذا مبدئيا. وثانيا إنّ البرنامج الذي عرضته والذي يتضمّن إعادة الاعتبار الى مؤسّسة رئاسة الجمهورية يتضمّن الترسيخ الفعلي والعملي والميداني للصلاحية المركزية لرئيس الجمهورية بما هو «الرّئيس الضّامن»، وهو شعارنا في هذه الحملة... فرئيس الجمهورية يجب أن يكون ضامنا لسيادة الدّولة ولأمنها العام الدّاخلي والخارجي ولاحترام الدستور وللحقوق والحريّات الفردية والعامّة. فالدستور، كما تعلمون، يتضمّن كثيرا من الحقوق التقدّمية منها الحق في العيش الكريم وحقّ الشغل وحقّ الصحّة وحقّ الأمن... وقد حمّل الدستور رئيس الجمهورية مسؤولية ضمان هذه الحقوق والحريّات حيث يصبح التشغيل وتوفير العيش الكريم للمواطن من أولويات رئيس الجمهورية... وكذلك من أولوياته الأمن والصّورة المشعّة والمشرّفة لتونس في الخارج والداخل والاستثمار الخارجي والديبلوماسية الاجتماعية والاقتصادية، وما الى ذلك من الصلاحيات التي يعتقد أنها موكولة حصريّا الى الحكومة غير أن القراءة المتأنيّة والرّصينة والعميقة لصلاحيات رئيس الجمهورية وهو الضّامن لكل هذه الحقوق والواجبات تقتضي في ما تقتضي أن يحشر أنفه في كافة هذه الصلاحيات الموكلة ظاهريّا للحكومة. ولكن ما أبرز ما يتضمّنه برنامجك الانتخابي بالاضافة الى ما تحدّثت عنه؟ أهمّ عناوين هذا البرنامج تتلخّص في محاور أساسيّة فيها مستويات فرعيّة تدور كلّها حول الصلاحيات الموكلة لرئيس الجمهورية في الدستور باعتبار أنه لا يمكن لرئيس الجمهورية بأيّ حال من الأحوال أن يتجاوز، تعسّفا أو بصورة سلبيّة صلاحياته كي لا يُحدث اختلالا في التوازن الايجابي بين السّلط. فانطلاقا من صلاحيات رئيس الجمهورية فإنّ برنامجي الانتخابي يسعى أساسا الى: تدعيم مقوّمات النّظام الجمهوري. تعزيز مقوّمات الهويّة العربية الإسلامية. ترسيخ مدنيّة الدولة والحفاظ على هيبتها. ضمان صورة مشرّفة لتونس بدعم مكانتها عربيا ودوليا عبر حقيبة الخارجية والديبلوماسية. مزيد تفعيل الحقوق والحريّات وتدعيمها. تكريس حياد الإدارة من أجل مرفق عمومي ناجع وشفّاف يخدم المواطن. تكريس وضمان حسن التصرّف في المال العام باعتماد الحوكمة الرّشيدة. ردّ الاعتبار المعنوي والمادّي لشهداء وجرحى الثورة وعائلاتهم. تكريس مبدإ تكافؤ الفرص في التنمية والتشغيل. وهذه الشعارات تمّت ترجمتها في برنامجي الانتخابي بصفة اجمالية مع بعض التفصيل، حيث يقوم البرنامج على سياسة عسكرية وأمنية استباقيّة وشاملة تقتضي إحداث هيكل وطني يعني بالأمن الشامل في بعديه الخارجي والداخلي. ويضمّ هذا الهيكل ممثلين عن المؤسستين العسكرية والأمنيّة وعددا من الخبراء المشهود لهم في كافة المجالات والاختصاصات ذات الصّلة قصد مقاومة الإرهاب بعد الوقوف طبعا على أسبابه. كما تقوم هذه السياسة العسكريّة والأمنيّة الاستبقاية والشاملة على فرض هيبة القانون وسلطة الدولة مع مراعاة الحقوق والحريّات التي يكفلها الدستور وذلك بترسيخ ثقافة الجيش والأمن الجمهوريين واحترام قيم المواطنة وحقوق الانسان ضمن جميع الوحدات العسكرية والأمنيّة وتكثيف تدريب هذه الوحدات وتأهيلها في هذا المجال والرّفع من معنوياتها ومن كفاءة العسكريين والأمنيين وتثمين دورهم في الدّفاع الشّامل من خلال برامج الإحاطة الاجتماعية والرعاية الصحيّة ومستوى التأجير والترقية وتطوير برامج التدريب والتكوين وظروف العمل وتأهيل وتجهيز الوحدات والمقرّات العسكرية والأمنية وتمكينها من وسائل العمل الضرورية لأداء وظائفها على أكمل وجه. كما يقوم برنامجي على سياسة خارجيّة تعتمد الديبلوماسية الذكيّة وتدعم سيادة البلاد وموقعها على الصعيد الدولي. وتقتضي هذه السياسة عدم الاقتصار على التسيير الديبلوماسي السياسي كحدّ أدنى للتّواجد في بلدان الاستضافة وتدعيم الديبلوماسية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية من خلال تنويع الكفاءات والاختصاصات في البعثات الديبلوماسية وتطوير التكوين في المعهد الديبلوماسي وتوجيه التمثيل الديبلوماسي نحو فتح الأسواق لاستقطاب الاستثمار الخارجي والسياحة والعمل على التواجد المكثّف في البلدان العربية والافريقية والآسياوية وتكريس المبادئ الكونيّة لحقوق الانسان وحماية البيئة وحفظ الأمن والسلام العالميين ودعم المجهود الدّولي لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظّمة وتبييض الأموال وتسويق صورة مشرّفة لتونس بالخارج مع دول الجوار والسعي الى الاندماج الاقتصادي عبر تطوير المبادلات التجارية وفتح الأسواق المشتركة والتعاون من أجل التنمية ومكافحة الإرهاب ودفع الاستقرار والنّموّ بالمنطقة وتفعيل المجلس الأعلى للهجرة بالتنسيق مع الهياكل والوزارات ذات الصّلة والجمعيات الناشطة بالخارج بهدف توفير الامكانات والوسائل الضرورية لمزيد الإحاطة بالجالية وتثمين دورها في الإرتقاء بصورة ومكانة تونس بالخارج ومعاضدة مجهود التنمية بالداخل. وفي برنامجي أيضا حرص على تكريس التّوازن الايجابي البنّاء بين السّلط ودعم استقلالية الوظائف الإدارية والماليّة للهيئات الدستورية العليا المستقلّة مع العمل وهذا هامّ جدا على إحداث هيئة عليا مستقلّة دستورية إضافية بقانون أساسي تُعنى بحياد الإدارة كي نحميها من براثن الدّائرة السياسية لتتجنّب التجاذبات السياسية. ما هي حظوظ فوزك في الانتخابات الرئاسيّة؟ الحظوظ متساوية حسابيا بين كلّ المترشحين ولكن عمليا هناك مترشّحون ترشّحوا لنصف السّباق، وهناك مترشّحون جدّيون، وهناك أنصاف مترشّحين مع كامل احتراماتي للجميع، وهناك مترشّحون مدعومون. مترشّحون مدعومون؟! مترشّحون مدعومون نعم... مدعومون ممّن؟! من قبل كثير من الأطراف والجهات في الدّاخل والخارج. وأنت من أيّ صنف من المترشّحين؟ أنا من بين المترشّحين المستقلّين والمدعومين من الشعب في الداخل، من المواطن، ومن الإدارة النزيهة، فرادى وموظّفين ونأمل في ارتفاع درجة الوعي لتكون لنا حظوظ وافرة، إن شاء الله، من خلال الجولة القصيرة بالامكانات المحدودة التي قمنا بها وننوي القيام بها في تونس ولمَ لا في الخارج.. لمسنا ونأمل أن نلمس كثيرا من التفاعل الايجابي والدّعم، ونطلب من الله أن يوفّقنا. بماذا تعد التونسيين والتونسيات إذا انتخبوك لرئاسة الجمهورية؟ أعدهم بأن أساهم في إحداث كافة ظروف تشريكهم بآليات فعليّة في صياغة القرار من المستوى المحلّي الى المستوى الجهوي والمستوى الوطني في مقاربة تشاركيّة تعتمد تقريب الدّائرة السياسيّة والإدارية من المواطن بصورة فعليّة. بالنسبة إليك ما هي مواصفات رئيس تونس القادم؟ رئيس تونس القادم يجب أن يكون قويّا كي يكرّس عمليّا توازنا إيجابيا بين السّلط دون أن يستبدّ بهذه القوّة.. ولكي يكون قويّا يجب أن يكون كفؤا ويجب أن تكون له الدّراية بالتصرّف في الشأن العام في الملفات التي تتضمّن في الأساس قضاء حاجات المواطن والإستجابة لاستحقاقاته، وهذا لا يمكن أن يكون إلا إذا كان لدى الرئيس فهم لما يسير داخل الجهاز الذي يتصرّف سواء على مستوى الإعداد أو التصوّر أو المساهمة أو التنفيذ أو المراقبة أو التقويم. ما هي معاني شعارك الانتخابي «الرّئيس الضّامن»؟ في الدستور الرئيس هو الضّامن لسيادة الوطن والدولة... والضامن لاستمراريتها وأمنها... والضامن لاحترام الدستور... والضامن للحقوق والحريّات ولكي يكون ضامنا يجب أن يكون كفؤا ونزيها ومحايدا وقويّا حتى بدنيّا. ما هو موقفك من مسألة المال السياسي في الانتخابات؟ المال السياسي مرفوض بكلّ تأكيد خاصة عندما يكون فاسدا وحتى المال السياسي النظيف ان وُجد فإن من شأن اعلان وجوده ان يُحدث نوعا من القهر الانتخابي والسياسي... والقهر الانتخابي والسياسي سالب لإرادة النّاخب... لذلك نحن نرفضه لأننا نريد أن يترجم الصندوق الإرادة الحقيقيّة للنّاخب ولا يترجم الإرادة الحقيقيّة للمال السياسي. كيف ترى مستقبل تونس؟ مستقبل تونس بإرادتنا، ولكنّي أراه مشرقا ولو بعد أمد. أخيرا، بماذا تتوجّه الى الشعب التونسي في الدّاخل والخارج، في هذه المناسبة؟ أدعوه في الدّاخل والخارج الى الكثير من الالتفاف حول الوطن والكثير من العمل والجديّة والكثير من الإيثار واليقظة... والكثير من المتابعة للسياسيين سواء كانوا أحزابا أو مستقلّين ولصنّاع القرار وأصحاب القرار... والكثير من المشاركة حتى وإن كره السياسيون وأصحاب القرار ذلك وعلى الشعب أن يعمل لأنّ العمل هو الذي يساهم في صنع مقوّمات وممهّدات نجاح الاستثمار والتشغيل.