مستثمرون هاجروا.. فلماذا لا يفتح تحقيق؟ التونسية (تونس) حذر معز الجودي الخبير الاقتصادي و رئيس الجمعية التونسية للحوكمة في تصريح ل «التونسية» من مواصلة انهيار المؤشرات الاقتصادية مشيرا الى ان الوضع الاقتصادي كارثي ويتجه نحو الهاوية لكنه استدرك قائلا «لا بل نحن في الهاوية»،داعيا الى الاسراع بتنفيذ اصلاحات اقتصادية حاسمة واعداد برنامج انقاذ عاجل . واضاف الجودي قائلا «حذرنا سابقا من الوضعية الاقتصادية السيئة لكن للأسف لا توجد محاولات جدية لتفادي هذا الانهيار، الحكومات المتعاقبة لم تكن لديها اية برامج اقتصادية هي مجرد محاولات للتشخيص دون ايجاد حلول جذرية ولا يوجد مناخ مشجّع للأعمال فضلا عن غياب توجهات و سياسات واضحة من قبل الحكومة من أجل تجاوز بعض العقبات التي تعترض الاستثمار الاجنبي في تونس من قبيل مشكل الاطار التشريعي». تجاذبات لاحظ الجودي ان غياب خارطة سياسة واضحة اثر سلبا على الواقع الاقتصادي الذي تضرر أيضا بسبب غياب الحوكمة وتشتت السلطة وعدم انسجامها وطغيان الحسابات والتجاذبات السياسية الضيقة موضحا ان الاستثمار يعتمد بالأساس على درجة عالية من الأمن والاستقرار وهو ما تفتقده الساحة السياسية والاجتماعية حاليا. واضاف الجودي قوله «اصبحنا نعيش تحت رحمة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وذلك باسم المطالب الاجتماعية والمقلق في الأمر أنّ القروض التي تحصل عليها تونس لا توجه للاستثمار بل إلى الاستهلاك وخلاص أجور الموظفين والنفقات العمومية»، كما دعا الى تغيير القوانين و تسهيل الاجراءات علاوة على الاهتمام بمسألة الاحاطة بالمستثمر الأجنبي الذي كثيرا ما تعترضه مشاكل نتيجة عدم توفر جهة مسؤولة واضحة للتنسيق معه وبالتالي تحفيزه. تحت الصفر واعتبر الجودي ان كل الحكومات المتعاقبة اثبتت عدم قدرتها على التسيير وايجاد الحلول الناجعة مؤكدا ان نسبة النمو لن تتجاوزخلال الثلاثي الثاني0.5 بالمائة وقد تكون تحت الصفر، قائلا « هذه ليست تنبؤات بل حقائق بالنظر إلى توقّف إنتاج الفسفاط في الحوض المنجمي الذي يوفر 6 بالمائة من الإنتاج الخام التونسي والوضعية الكارثية للقطاع السياحي الذي فقد 50 بالمائة من السوق الاوروبية اضافة الى تصاعد نسق الاضرابات والاعتصامات وهروب عديد المستثمرين الاجانب وعزوفهم عن الاستثمار في تونس.» كما أكد الجودي أن عديد الشركات اغلقت مشاريعها في تونس للاستثمار في وجهات أخرى مثل المغرب مقدرا أن تونس خسرت 100 ألف موطن شغل ومعتبرا أن «الحكومة ظلت مكتوفة الايدي»، وداعيا في هذا الصدد الى فتح تحقيق في الغرض لمعرفة اسباب هروب مثل هذه الاستثمارات من تونس والجهات المسؤولة عن ذلك. ودعا الجودي الى تنفيذ برنامج انقاذ لإرجاع الثقة للمستثمرين معتبرا ذلك عاملا اساسيا لتحريك عجلة الاقتصاد والعمل على ايقاف نزيف تفاقم عجز كل من الميزان التجاري وصندوق التعويضات والصناديق الاجتماعية مع وضع اصلاحات اقتصادية في المجال الجبائي وعلى مستوى منظومة الدعم وتنفيذها عاجلا بالإضافة الى العمل على إنعاش الاستثمار والمضي في مصالحة اقتصادية تضع حدا لأزمة الثقة التي زادت في تكبيل المسؤولين بالإدارة الذين اصبحوا يتهربون من اتخاذ القرارات خوفا من امكانية أن يتسبّب ذلك في مشاكل لهم. كما أكد الجودي على تكريس مبادئ الحوكمة الرشيدة والشفافية داعيا الى ضرورة الاسراع بالمصالحة الوطنية والاقتصادية التي تمثّل أحد الحلول لتجاوز الازمة الاقتصادية مشيرا الى ان هذه المصالحة لابد ان تكون داخل اطار قانوني وتشريعي.