تفاعلا مع التوجّه الجديد الذي دعت إليه وزارة التربية في صلب الفعل الابداعي لم تفوّت المدارس الابتدائية في شتّى جهات البلاد التونسية ليفتحوا نوادي «المسرح» على مصراعيها واستقبال جحافل التلاميذ تحت رعاية معلميهم قصد تحسيسهم بقيمة هذا الفنّ حتى يقبلوا عليه وينخرطوا فيه وانتقاء نصوص تونسية للعمل عليها واخراجها مسرحيّا وتقديمها داخل المؤسسات التربوية ودور الثقافة والشباب. وفعلا لم يتأخر أبناؤنا في الانخراط بنوادي المسرح وهم يدركون ما ينطوي عليه هذا التعبير الثقافي من طاقات كامنة على التعبير والإيحاء وقدرته الجمالية على تحقيق التقارب والتفاهم بين الأفراد والشعوب وتخطي عائق اللغات لاصطناع لغة كونيّة تستلهم الرافد الانساني المشترك بين الشعوب لقاء الدور الذي يلعبه المسرح في البناء الديمقراطي المنشود بما يشيعه من قيم المواطنة والحسّ المدني وروح الانتماء والمشاركة الفعّالة والإيجابية من خلال تنظيم أنشطة مسرحية في المرحلة الابتدائية تضمن إيناس التلاميذ بهذا التعبير الفني وتكشف لهم طاقته الجمالية والتعبيريّة المتميّزة ووظيفته في الارتقاء بالنفس الإنسانية وتطهيرها من نوازع الشرّ. نوادي المسرح في كل المدارس الابتدائية تحوّلت إلى مسارح صغيرة ومعها صارت مصطبة القسم ركحا يقف عليه أبطال المسرحيات وقد انبلجت من واقع الطفل.. به تبدأ وفي أرض «تونس» الوطن ترتسم قولا وفعلا.. فيها الإلقاء والحوار والتجسيد والغناء والرقص بين «ديكور» تفنن التلاميذ في صنعه وابتكاره قبل أن يتمّ عرضها في ساحة المدرسة أمام التلاميذ والمربين والأولياء في شكل عرض أولي وبعدها بدأت المسابقات المحلية والجهوية والوطنية حيث الانطلاق من دائرة التعلّم وبعدها المرور إلى تصفيات تمهيدية في نطاق المندوبية الجهوية للتربية والختام في نطاق وطني حيث احتضنت مدينة جندوبة الدور النهائي للمسرح في نطاق المدارس الابتدائية جمع ممثلي كل المندوبيّات الجهوية للتربية قصد اختيار أحسن الممثلين وأروع المسرحيّات التي جاءت كأبهى ما يكون إذ انبهر الجمهور الحاضر بمواهب الأطفال وبإمكاناتهم الفائقة في التمثيل والوقوف على الركح لنتأكد جيّدا أن طفل تونس مبدع على الدّوام.