تميزت الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي ، بتوتر كبير بين النواب لاختلافهم حول الفصل 91 من النظام الداخلي، بل بلغ التوتر حد المشادات الكلامية بين النائب عن كتلة التكتل فيصل الجدلاوي والنائب عن الكتلة الديمقراطية إياد الدهماني. ولئن صرح رئيس لجنة النظام الداخلي والحصانة هيثم بن بلقاسم أن رؤساء الكتل قد تمكنوا أول أمس من التوصل إلى توافق حول مجموعة من الفصول وهي الفصل 62 و72 و87 و91 و100 وأنه حال الانتهاء من الجلسة العامة وأن رؤساء الكتل سيجتمعون مجدّدا للتوصل إلى توافق حول الفصول الخلافية المتبقية على غرار الفصل 104 والفصل 106 ، فإن النقاش العام كان عكس ما صرح به بن بلقاسم حيث أثار الفصل 91 من النظام الداخلي جدلا كبيرا لاختلاف المواقف حوله، بل ظهر خلال هذه الجلسة أن أغلب النواب ضد هذا الفصل ما عدى نواب كتلة «النهضة». ولأن نواب الكتلة الديمقراطية عبروا منذ انطلاق الجلسة العامة عن رفضهم للفصل 91 رغم توافق رؤساء الكتل، فقد انتقد النائب عن كتلة التكتل نواب الكتلة الديمقراطية مبديا استغرابه الشديد لكونهم يتخذون قرارات ثم يتراجعون عنها، الأمر الذي أثار غضب النائب إياد الدهماني متوعدا الجدلاوي بفضح ملفاته. وتجدر الإشارة إلى أن النقطة الخلافية في الفصل 91 من النظام الداخلي تنص على أنه «...لا يتناول الكلمة حول التعديل سوى رئيس اللجنة أو نائبه أو مقررها أو أحد مساعديه والمقرر العام للدستور ورؤساء الكتل وممثل الحكومة وعضو واحد ممن قدموا التعديل وعضو واحد ممن يعارضونه...» حيث رفض أغلب النواب أن يتناول الكلمة حول التعديل المقرر العام للدستور. واعتبر النائب عن كتلة «المؤتمر» عمر الشتوي أنه يستشف من ذلك أن المشرع قصد بهذا الفصل اعطاء المقرر العام مهمة غير النطاق العام، مشيرا إلى أنه لا يوجد مبرر قانوني أو من شأنه أن يعلل التمييز الذي حظي به المقرر العام، وأضاف أنه يجب التصويت في مرحلة أولى على الفصل دون أن يتناول الكلمة المقرر العام للدستور. كما اعتبر النائب المستقل هشام حسني أن الحبيب خضر هو مقرر عام للدستور وليس مقررا عاما للمجلس لذلك فلا حق له في التدخل في مضمون الفصول وينحصر دوره في الجانب الشكلي فقط. وقد تم تأجيل الجلسة العامة بتوافق بين رؤساء الكتل دون التصويت على الفصل 91 إلى يوم غد. وللتذكير فإن الخلاف حول صلاحيات الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة في النظر في المقترحات وصلاحيات المقرر العام مثل محور جدل كبير منذ عودة المقترحات إلى المجلس الوطني التأسيسي حيث أن أغلب النواب رأوا ضرورة إحالة هذا التقرير إلى اللجان التأسيسية، حيث اعتبرت النائبة عن كتلة المؤتمر سامية عبو أن إحالة التقرير إلى الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة لتنظر فيه وتقوم على ضوئه بتعديل الدستور، هو خلل، باعتبار أن اللجان التأسيسية هي الأولى بذلك ومهمة الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة تتمثل في النظر في الشكل حسب ما ينص عليه قانون النظام الداخلي. كما أشارت عبو إلى أن المشاركين في الحوار الوطني كان أغلبهم من قواعد حركة «النهضة» وحزب التحرير والسلفية، مؤكدة أن احالة تقارير الحوار الوطني إلى الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة إنما تندرج ضمن محاولة التلاعب من طرف كتلة «النهضة» التي تريد أن تمرر مشروعها صلب الدستور باسم مقترحات المواطنين وهو ما اعتبرت أنه يحمل في طياته بعدا سياسيا، وان لم تستطع حركة «النهضة» تمريره داخل اللجان والجلسة العامة تمرره عبر مقترحات المواطنين. لكن المقرر العام للدستور حبيب خضر أكد في تصريح سابق لجريدة «التونسية»، أنه انطلاقا من تجربة عمل اللجان إلى حد الآن وخاصة عند الأخذ بعين الاعتبار اللجان التي تعطلت في عملها أكثر من اللجان التي وفقت في سرعة انجاز عملها، يعتبر أن ارجاع حصيلة الحوار الوطني وكذلك حصيلة النقاش العام الجاري حاليا إلى اللجان سيجعل استكمال صياغة الدستور في سنة 2013 أمرا شبه مستحيل، لهذا اعتبر خضر أنه من واجب المجلس والجلسة العامة أن تحسم هذه المسألة بكل وضوح. وأضاف في ذات السياق أن لا رغبة له شخصيا في توسيع صلاحياته أو في استزادة عمل، مشيرا إلى أنه إذا رأت الجلسة العامة إحالة المهمة للجان ومصارحة الشعب بالانعكاسات الزمنية لذلك، سيكون ملزما انطلاقا من واجبه الوطني بالتعاون مع هذه اللجان قصد تيسير عملها قدر المستطاع.