انطلقت صباح أمس بالعاصمة فعاليات الدورة التكوينية في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة التي تنظمها وزارة شؤون المرأة والأسرة بالتعاون مع مكتب منظمة العمل الدولية بتونس بحضور مجموعة هامة من ممثلي الهياكل الحكومية ومن مكونات المجتمع المدني وباشراف سهام بادي وزيرة المرأة وبدرة علاوة ممثلة منظمة العمل الدولية ومديرة مشروع «الطريق نحو التقدم بعد الثورة، العمل اللائق للمرأة في تونس ومصر». وأكدت سهام بادي لدى افتتاحها للدورة أن المنظومة التشريعية والمؤسساتية في مجال حقوق المرأة في تونس تعد من المنظومات المتطورة مقارنة بعديد البلدان المتطورة على حدّ تعبيرها. وأضافت: «لنا من الحقوق ما يجعلنا نفتخر خارج تونس، لكن جل القوانين غير التمييزية بين الجنسين وجل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الضامنة لحقوق المرأة بقيت حبرا على ورق وقد حان الوقت اليوم لمراجعة منظومة التشريعات والقوانين الموجودة والمتعلقة بالمرأة العاملة خاصة في مجالات غير مثمنة وغير معترف بها». وأقرت وزيرة المرأة أن الأجر الزهيد الذي تتقاضاه المرأة في العديد من القطاعات تسبب في عدم تمتّعها بالضمان الاجتماعي وبالتأمين على الشيخوخة مشيرة الى أن ضياع هذه الحقوق الاجتماعية تسبب من جهته في ضياع الحقوق الاقتصادية للمرأة عامة وتابعت قائلة: «إن كرامة المرأة الحقيقية تتحقق عبر كرامتها الاقتصادية ورغم العدد الهائل للنساء الكادحات في تونس فإن الاحصائيات قد أثبتت أن نسبة النساء المشتغلات بلغت 25٪ فقط، وهو ما يدفعنا الى إعادة النظر في كل النقاط السوداء المتعلقة بهذا الملف مثل مسألة عدم تكافئ الفرص وعدم المساواة في الأجر وعدم تمتعها بالضمان الاجتماعي خاصة أن المرأة بصدد تأمين جزء كبير من اقتصاد البلاد ومن المنتوج الغذائي». وذكرت سهام بادي أنهم سيعملون على تفعيل كل ما من شأنه أن ينهض بواقع المرأة وأن هذه الدورة التكوينية التي ستختتم أشغالها عشية اليوم الجمعة ستتوج بمجموعة من التوصيات وتنقيحات للقوانين سترفع في ما بعد الى أعلى مستوى حكومي على حد قولها وذلك من أجل تفعيلها ومن أجل ارساء استراتيجية واضحة لتأمين الحد الأدنى من حقوق المرأة، مؤكدة أن هذه هي المعركة الحقيقية، «معارك تشريعية بحتة» على حدّ تعبيرها. الاتفاقيات هي الحل من جهتها، قالت بدرة علاوة ممثلة منظمة العمل الدولية أن حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من القيم والمبادئ وأن أهم الطرق المتكاملة لتنفيذ برنامج عمل لائق هو حث الدول على المصادقة على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في مستوى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة خاصة على حدّ تعبيرها. كما شددت بدرة علاوة على ضرورة دعم المبادرات المحلية ومن يدفع التعاون بين جميع الشركاء وذلك من أجل الرفع من مستوى المرأة على حدّ قولها. أطر دولية ووطنية وانطلقت أعمال الورشة بمداخلة للقاضية منية عمار التي سلطت الضوء على المنظومة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبينت أن حقوق الانسان هي حقوق كونية يقع اقرارها على قدم المساواة ودون أي تمييز وتابعت قائلة: «هي حقوق شمولية مترابطة ومتكاملة وغير قابلة للتجزئة وعلى جميع الأطراف المتداخلة الاعتراف بهذه الحقوق، احترامها واقرارها». وبعد سردها لمجموعة من الاتفاقيات الدولية وما تضمنته من حقوق في تساوي الفرص، أكدت منية عمار أن كل هذه الاتفاقيات تتضمن إقرارا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للإنسان مقابل ذلك لم تخف القاضية استياءها من مسألة تهميش الحكومة التونسية لهذه الاتفاقيات ولما تضمنته من حقوق للمرأة. هذا وقد تنوعت المداخلات خلال اللقاء وتحدث بعض الخبراء علىتكريس مبدإ تكافئ الفرص والمساواة وقدمت مقاربات حول قوانين الشغل ومنظومات تشريعية في مجال المساواة بين الجنسين. وستختتم أشغال الدورة عشية اليوم لتتوج بمجموعة من التوصيات ستعمل جميع الأطراف على رفعها الى الجهات المختصة للنظر والمصادقة والتطبيق. غادة مالكي