عرفته أيام كنت أكتب بمجلة " شمس الجنوب " التي تصدر بمدينة صفاقس ، وقتها وصلتني رسالة من رئيس تحرير جريدة مرآة الوسط يطلب مني الانضمام الى أسرتها ،في الحقيقة سررت بهذه الدعوة و أنا الذي كنت من المتابعين لنشاط الزميل محمود الحرشاني بصفة مستمرة بل و يمكن القول أنني تنبأت لهذه المجلة الجريدة مستقبلا رائدا في المجال الاعلامي و الصحفي الجهوي ، و انتشارا سريعا بحكم تواجدها في منطقة " سيدي بوزيد " التي تقع وسط تونس و كانت بحق مرآة ناصعة و لذلك سميت " مرآة الوسط" كان الأستاذ الحرشاني يتابع باهتمام كبير كتاباتي وما ينشر لي البعض من انتاجيبالرغم أني اكتب في " جريدة شمس الجنوب لصاحبها الصحفي القدير الأستاذ على البقلوطي" فمرآة الوسط في الواقع تأسست قبل عام 1980 ، حيث تهيأت ظروف قبل تأسيسها و كنتمن بين المدعوين للانضمام الى أسرنها الموقرة أنذاءك و المساهمة في اثراء محتوياتها، و مع ذلك حافظت على علاقتي الحميمة بها بل صرت اقتنيها و اقلب صفحاتها فلاحظتأنها تزداد تحسنا و بهاء .في بداية الثمانينات كنت انشر في نفس الوقت بالإضافة إلى مرآة الوسطو جريدة شمسالجنوبفي مجلة الفكر وجريدتيالصدى للزميل صالح الحاجة و الصباح و صحف أخرى ، ومجلة صوت امريكا و مجلة هنا لندن و مجلة العربي ومجلة بناء الصين سابقا و غيرها منالمجلات الأخرى و كانت مقالاتي تجد طريقهاللنشرلهدف التعريف بكتاباتي... كان الأخ محمود الحرشاني بلباقته وبداهته ودماثة أخلاقه يرغبني دائما في الانضمامإلى أسرة مرآة الوسط... ورغم أن بعض الصعوبات حاولت في تلك السنوات الأولى أن تؤثرعلى مسيرة المجلة والحقيقة أنها كانت تصدر في شكل جريدة ربما انطلقت في بدايتهالتصدر كل شهرين ولكن تجاوزت وتقدمت وحافظت على صدورها الشهري المنتظم فكانت في جلها منضبطة في مواعيدها وفقراتها ومادتها التي تخوض في شتى المواضيع كالسياسية والتنمية الاقتصاد والثقافة والأدب والرياضة، بل دعوني أقول إنها فعلا ساهمت في تقدم البلاد بفضل ما تنشره من مقالات تنتقد فيه ما تخلفه بعض الأشغال من حفر في الطرقات و الشوارع فتلفت نظر السلطات المعنية لإصلاحها و تنظيف الأماكن و رفع الأوساخ و لتنبيه على مستعملي الطرقات للخفض من السرعة و ذلك قصد تجنب مزيد الحوادث خاصة امام المدارس الابتدائية الخ .. ولكن نقطة التحول الكبرى والهامة في مسيرة المجلة تتمثل في تأسيس مهرجان مرآة الوسط للأدباء الشبان في الوسط والجنوب وكان ذلك في شهر مايو1986. فعلى سبيل المثال لا الحصر مهرجان مرآة الوسط للثقافة والفنون ملامح في دورة أبريل 2009 الاستعدادات كانت حثيثة في ولاية او محافظة سيدي بوزيد لتنظيم مهرجان مرآة الوسط الذي اتخذ شكلا جديدا بعد تغيير اسمه إلى مهرجان مرآة الوسط للثقافة والفنون، ولئن حافظ المهرجان على تخصصه الأول الذي انطلق به في دوراته الأولى، وهو التفتح على أدب الشباب وتخصيص مسابقات وورشات للكتابة الأدبية الموجهة للشباب، فانه ما انفك يتفتح على مجالات أخرى جديدة تخلصه من الرتابة والجمود. من هنا تقرر أن يحمل المهرجان الذي ترعاه وتشرف عليه مجلة مرآة الوسط بالتعاون مع المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث وعديد الأطراف الأخرى، تسمية جديدة تخول له الاهتمام بالألوان جديدة من الثقافة والفنون وتجعل منه نقطة بارزة في المشهد الثقافي الوطني. إن هذه المجلة الرائدة التي تأسست سنة 1980 وصدر عددها الأول في مايو1981 ،ظلت تصدر بانتظام متواصل طيلة ثلاثة عقودمن الزمن دون كلل او ملل ... إن مجلة مرآة الوسط، هذه المنارة الإعلامية والثقافية استطاعت إن تفرض وجودها على الساحة الإعلامية التونسية من لال ما تتميز به من ثراء وتنوع، وحرص على التجديد وتحقيق الإضافة من عدد إلى آخر، تحت إدارة ورئاسة تحرير الكاتب والصحفي و الأديب الأستاذ محمود الحرشاني الذيعرف كيف يؤسس لمرآة الوسط منهجا و منبرا يجمع القراء و الأحباء من حولها فساهم في إحداث منتديات تواصل تجمع هؤلاء القراء في نقديم مساهماتهم و ملاحظاتهم و تبادل آرائهم مثل منتدى ألوان و ابن خلدون و إحداث موقع الكتروني سمي " الزمن التونسي " و هو موقع ثري يتضمن عدة أبواب تستقطب اهتمام القارئ الكريم و تفتح له لمجال واسعا للمساهمة في اثرائه . مرآة الوسط ما بعد ثورة 14 يناير 2011 كانت سباقة للحدث حيث تضمن العدد يناير فبراير 2011 عديد المواضيع مثل ركن " الحدث " تضمن مقالا حول تحول مدينة سيدي بوزيد إلى "وجهة إعلامية بفضل البوعزيزي" من خلال الإشارة إلى زيارة العديد من الوفود الإعلامية الأجنبية إلى المدينة التي انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة الشعبية المباركةالتي أطاحت بنظام بن علي القمعي . وفي ذات السياق أشارت المجلة إلى أن "العالم أجمع انبهر بنجاح الثورة التونسية " ثورة الياسمين " وأنها مؤشر على بداية زمن الشعوب التواقة الى مزيد الحرية و الديمقراطية و تحسين أوضاعهم الاجتماعية ، كما نشرت صورة محمد البوعزيزي على الغلاف الأول و تحقيق يتضمن قصة شخص تونسي عاطل عن العمل كان مواطنا عاديا غير مجرى تاريخ تونس . وتحقيقا آخر تطرق إلى كل التفاصيل عن حادثة احتراق موقوفين بقاعة الإيقاف بمركز شرطة سيدي بوزيد. هكذا ظلت المجلة محافظة على أركانها القارة وخاصة الثقافية والفنيةو الاجتماعية و حتى السياسية و الرياضية . و ماتزال تواصل مشوار الابداع في اجواء عهد اعادت فيه الثورة التونسية بريق الحرية في الرأي و التعبير و اعاد الاعتبار لكل صحفي نزيه كرامته . * رضا سالم الصامت كاتب صحفي * مستشار اعلامي لوكالة واد الدولية بالأردن الشقيق . مكتب تونس