بقلم مهدي الزغديدي #كيفما_اليوم في مثل هذا اليوم 13 أوت 1987 أقرّ الرئيس الأمريكي رونالد ريغن بمسؤوليته في فضيحة بيع الأسلحة لإيران أو ما يعرف بايران كونترا. بعد الثورة الايرانيّة سنة 1979 والتي أطاحت بحكم الشاه وصعود رجال الدين الشيعة إلى الحكم وعلى رأسهم الخميني، كانت الشعارات التي تتبنّاه القيادة الايرانيّة الجديدة ترتكز في الأساس على معاداة أمريكا وإسرائيل واعتبار الولاياتالمتحدة "الشيطان الأكبر" والكيان الصهيوني "الشيطان الأصغر". وقد روّج الفكر الخميني في الثمانينات لهذه الشعارات في الداخل، وفي الخارج خصوصا في الدول الاسلاميّة. وقد وجدت بعض الصدى لدى بعض فئات الشعوب العربيّة التي ترى بدورها في أمريكا وإسرائيل عدوّا لها. في المقابل اعتبرت أمريكا أن إسقاط الشاه وحكم رجال الدين الشيعة خطر على أمنها، خصوصا أنهم أعلنوا منذ تسلّمهم للحكم عداوتهم الصريحة لها، وأن أحد أهداف الثورة الايرانيّة هي ازالة الكيان الصهيوني من الوجود وارجاع القدس إلى المسلمين. فقرّر الكونغرس الأمريكي في بداية الثمانينات حظر بيع الأسلحة لها باعتبارها "دولة عدوة لأمريكا" و"راعية للإرهاب". في بداية الثمانينات كانت حرب الخليج بين العراقوإيران في أوجها. وكانت أمريكا تساند الرئيس العراقي صدام حسين علنا وتدعمه سياسيّا وعسكريّا في مواجهة "العدو الايراني". وكانت لبنان في تلك الفترة تعاني من ويلات الحرب الأهليّة. وقد انتشرت في الثمانينات موجة خطف الأجانب من طرف الحركات الشيعيّة المدعّمة من إيران كحركة أمل وحزب الله، والمفاوضة بهم لإطلاق سراح أعضائها الموقوفين. وقد استلهموا هذه الطريقة بعد أن قام مجموعة من الطلبة الايرانيّين سنة 1979 بخطف 66 موظف في السفارة الأمريكيّة في طهران ولم يفرج عنهم إلا بعد أن وصل الرئيس الأمريكي رونالد ريغن إلى الحكم وخسارة كارتر. في يوم 3 نوفمبر 1986 نشرت جريدة الشراع اللبنانيّة تقريرا ذكرت فيه أنه تم اكتشاف عملية سرية لبيع الأسلحة بين إيرانوأمريكا بوساطة اسرائيليّة، وذلك بعد إسقاط جسر جوي من الأسلحة على نيكاراغوا واعتراف الطيارين بمسؤوليّة أمريكا في تمويلهم.عرفت العمليّة باسم "إيران غيت " وأيضا باسم "إيران كونترا" وينسب اسمها إلى صفقة سرية حيث باعت إدارة الرئيس رونالد ريغان خلال فترة ولايته الثانية إيران أسلحة بوساطة إسرائيلية. عقدت بموجبها إدارة الرئيس الأمريكي ريغان اتفاقاً مع إيران لتزويدها بالأسلحة بسبب حاجة إيران الماسة لأنواع متطورة منها أثناء حربها مع العراق وذلك لقاء إطلاق سراح بعض الأمريكان الذين كانوا محتجزين في لبنان من قبل حزب الله. وفي المقابل، استخدمت واشنطن أموال الصفقة وأرباحها في تمويل سري لحركة معارضة الثورة المعروفة ب"الكونترا" التي كانت تحارب للإطاحة بالحكومة اليسارية وحزب "ساندينيستا" الذي كان يحكم نيكاراغوا، وحظي بدعم من الاتحاد السوفياتي سابقا وكوبا. وقد عقد جورج بوش الأب عندما كان نائباً للرئيس رونالد ريغان في ذلك الوقت، هذا الاتفاق عند اجتماعه برئيس الوزراء الإيراني أبو الحسن بني صدر في باريس، بحضور المخابرات الإسرائيلية "الموساد"، حيث كان للكيان الصهيوني دور الوسيط في نقل تلك الأسلحة من أمريكا إلى إسرائيل، ثم من إسرائيل إلى إيران. وقد تمّت الصفقة بين 20 أوت 1985 و28 أكتوبر 1986. بعد نشر جريدة الشراع للتقرير انتشرت الفضيحة وتم نشر العديد من الوثائق والتحقيقات التي أكدت تورط الإدارة الأمريكية في تلك الصفقة، لكن ريغن نفي علمه بالعملية في باديء الأمر. وتم تأسيس لجنة تحقيق للقيام بمراجعة خاصة في الفضيحة عرفت باسم "لجنة تاور" على اسم رئيسها "جون تاور"، والتي لم تحدد في تقريرها بشكل حاسم درجة تورط ريغن، لكنها انتقدته لأنه "لم يسيطر على فريقه للأمن القومي". وأمام تلك الضغوط إعترف ريغن في مثل هذا اليوم 13 أوت 1987، في تصريح نشر في جريدة نيويورك تايمز، بخطئه وتحمله المسئولية كاملة. لكنّه برّر ذلك بأن مصلحة الرعايا الأمريكيين المختطفين في لبنان كانت همّه الأوّل، وأنّ تمويله جماعة الكنترا كانت بهدف حماية بلاده من المدّ الشيوعي. وقد زادت هذه التصريحات من شعبيّة ريغن ونائبه جورج بوش، وهو ما ساعد هذا الأخير لفوز في الانتخابات الرئاسيّة سنة 1988، والذي عيّن جون تاور وزيرا للدفاع (وهو الذي ترأس لجنة التحقيق ولم يدن فيها ريغان وجورج بوش رغم خرقهم للدستور بعدم اعلامهم الكونغرس الذي منع بيع الأسلحة لإيران)!! في المقابل برّرت إسرائيل تعاملها مع إيران، باعتبار أن هذه الأخيرة عدوّة صدّام حسين الذي تجرّأ وقصف تل أبيب. أما في طهران فقد التزم الخميني والمسؤولين الصمت، وواصلوا ترديد شعار "الموت لأمريكا، الشيطان الأكبر" وأن هدفهم محق اسرائيل وتحرير القدس. ومازالت ايران تردّد ذلك إلى اليوم.