أبو مازن هلمّوا للوفاق، كذلك أعلنت رباعية "الحمار الوطني" بعد الاتفاق، فتختفي بجرّة القلم كافة مظاهر الشقاق، وتتصافح الأيدي و يعمّ العناق، إخوان و وطنيون و متنطعون و أهل ردّة و رفاق، عجبا لتونس فقد أضحت كبلاد الواقواق، فبعد القطيعة والمظاهرات والتمرد و قطع الأرزاق، جاءت التفاهمات و ارتفع منسوب الخداع و النفاق. اليوم يهتف الشعب المعتز بثورته أين الاستحقاق، وقد خرجتُ ثائرا على الزمرة الحاكمة فكان الفراق، ثم وقفتُ معتصما بالقصبة لطرد السرّاق، ثم انتخبتُ مجلسي في آخر السياق، واليوم تنتكسون على ثورتي و تسخرون من دمي المراق، سأرفع صوتي واستعمل الأبواق، و لن تمروا وقد فشل حشدكم بالأمس القريب بالساحات و الأسواق. الشعب المسكين تائه حيران بين قنوات النفاق، يتابع المنابر السياسية هنيهة ثم يهمّ بالاغلاق، تهديد و وعيد و تعنت و تبشير بنظريات الرّفاق. فإمّا أن يحكموا أو يندلع الاحتراق، كذلك سوّلت لهم أنفسهم فخاف الشعب خشية الإملاق، و أراد أن يفرّط في حلمه فيدرأ القلاقل والشقاق. قد عادوا يتمنّون زعيما يحمل على الأعناق، و ذا غلظة يعمل فيهم السّب والشتم و سوء الأخلاق، ثم يسرق وترتشي زبانيته و يتبعهم كل عاق. أهذا ما تبشر جبهات الخراب و هي تجري محمومة في السّباق، تحاول لحق الرّكب ببث الإشاعة والكذب والاختلاق. ولمّا وجدت من يسمع طنينها ويسعها صدره بعد أن ضاق، اشترطت الاستقالة و تغيير قانون السّلط ذلك الصّداق، وتمنّت علينا انقلابا و حربا فنلحق مصر وسوريا والعراق. نعلم جيدا أنّكم كنتم للمخلوع عشاق، فخبُثت طعمتكم و تضوّعت روائحكم في الزنقة والزقاق. لتسعى الترويكا أن شاءت للوفاق، و لكن عليها أن لا تنسى مئات الآلاف من الأصوات و جهد شاق، قدمته الثورة والثائرون قبل و بعد فرار الأفّاق، و دماء زكية سكبت بسخاء في هذا السّياق، و مئذنة تعلو الديار يرتفع منها صوت البّراق، و غبطة الحرّية والكرامة التي كانت لنا ترياق. لا تنسوا ذلك عند كلّ اتفاق، فالجبهات متربصات بكم ينتظرن عثرة الساق، و سيبقى الشعب حارسا للثورة بالصّوت والسّاعد والحبر المراق. كفانا الله شرّ ما يصبون إليه و هو العليم الخبير الرّزاق.