نورالدين الخميري بون ، ألمانيا نعتقد أنّ معالجة ظاهرة الهجرة وتحسين أوضاع المغتربين والدفاع عن مصالحهم يتطلب بالضرورة البحث عن إطار قانوني بعيدا عن أيّ تجاذب سياسي أو حزبي ليكون بحقّ معبّرا عن مشاغل الجالية التونسيّة وهمومها وقادرا على إيجاد الحلول الكفيلة لمعالجتها . بيد أنّ هذا الأمر يجعل المسؤولية تتعاظم أكثر فأكثر على عاتق المغتربين الشرفاء ، إذ عليهم البحث عن أفضل النماذج التي تساعد على تخفيف هموم الجالية وآلامها . ولعل المبادرة المطروحة اليوم للنقاش والتي تتناول مشروع قانون أساسي ينظم الجالية في ظرف محلّي مضطرب سياسياً وإقتصادياً، من الأهمية، كونها تحمل في طياتها صياغات تتلائم مع متطلبات المستقبل، وتجيب على جملة من التساؤلات التي يتطلب العناية والمتابعة وإيجاد الحلول لها . ولئن رآى البعض فيها شيئا من النواقص أو الإخلالات والثغرات فحسبي أننا نقف اليوم بالرغم من كلّ ذلك أمام إدراك الهدف الذي نسير في اتجاهه جميعا لتحسين أوضاع الجالية والدفاع عن مصالحها وأهدافها ، الأمر الذي يدعو موضوعياً جميع التونسيين المغتربين إلى تكاتف جهودهم لإنجاح هذا العمل حتّى يكون تعبيرة صادقة عن آمال الجالية ورغباتها واحتياجاتها . بيد أنّ الجانب الرسمي هوّ الآخر غير معفي من هذه المسؤولية فهومعنيّ بشكل مباشرلإنجاح هذا المشروع والإستفادة من هذه الطاقات البشرية الهائلة من المغتربين وتسديد أفضل النتائج التي من شأنها أن تساعد على تعزيز العلاقة بين المغترب ووطنه الأم ، فضلاً عن دوره كوسيط لتعميق صلة الإرتباط وتمهيد الطريق نحو علاقات مثمرة ومتميزة يكون المستفيد الأكبر منها الوطن والمواطن على حدّ السّواء. ومن هذا المنطلق جاء حرصنا على الإسهام في تقديم رؤية متواضعة لمشروع القانون الأساسي للمجلس الأعلى للهجرة نحسب أنّها قد تساعد على تأسيس إطار قانوني جامع للمعالجة الشاملة والقانونيّة لكلّ القضايا المتعلّقة بالهجرة والمهاجرين . غير أنّ هذا الجهد الذي ساهم فيه عديد الفاعلين من مشارب مختلفة وإن بدى في حقيقته يمثل خطوة إيجابيّة لبلورة رؤية وطنية نابعة من روح المسؤولية لهذه الأعداد الكبيرة من المغتربين التونسيين فهو بحاجة إلى مزيد تفاعل كلّ الطاقات والكفاءات المهجريّة حتّى لا يؤخذ بالمشروع بعيدا عن الحلم الذي رسمناه معا .