من الواضح أنّ ثورة الأحرار جسّد معالمها شعب تونس الأبيّ رفعت الخناق عن العديد من المناضلين السياسيين الذين كُتب لهم العيش في المنفى بعيدا عن أرض الوطن بفعل فاعل. هؤلاء المناضلين سُلبوا حرّيتهم وافتكّت جوازات سفرهم وحرموا من عائلاتهم فقط لسبب بسيط هو إيمانهم ومناداتهم بأفكار وإصلاحات سياسية منافية لسياسة النظام السابق ومحاولاتهم الجادّة لكشف النقاب عن الممارسات القمعيّة لنظام الطاغية بن علي وعائلته المقرّبة. ولعلّ منير بن عبد الحميد العبّاسي أحد المناضلين الذي تصدّر إسمه القائمة السوداء لبن علي ليتمّ إبعاده عن تراب تونس إلى المغرب لمجرّد انتمائه إلى حزب معارض (حزب النهضة المحظور) ببلادنا لمدّة عشرين سنة. منير العبّاسي هو أصيل منطقة منزل بوزيان من ولاية سيدي بوزيد وحاصل على الدكتوراه في القانون الاداري لم يسلم من بطش الديكتاتور الذي مارس عليه شتى أشكال التّعذيب ونكلّ به ناهيك عن المداهمات اللّيلية التي تعرّض لها هذا المناضل. ورغم سياسة النّفي وتكميم الأفواه التي مارسها الطّاغية على هذا المناضل فإنّ عائلته لم تسلم من الاضطهاد والقمع والرقابة الأمنية المشدّدة عليها حتى في غيابه. والأغرب من ذلك إقصاء أحد أفراد عائلته من وظيفته دون سبب يذكر. وهو شقيقه حسيب العبّاسي الذي طُردَ من مهنته ظلمًا. ومع ذلك غلب صوت الشعب الباطل ونصر الحق ليسقط الطاغيَة من الحكم ذليلا ويهرُبَ خلسة. واليوم تفتح تونس الأبواب على مصراعيها لاستقبال كلّ المناضلين السياسيين في المهجر على اختلاف أحزابهم وأفكارهم لممارسة حياتهم السياسية بكلّ حريّة وتحرير. وها نحن في انتظار عودة الناشط السياسي في حزب النهضة منير العبّاسي في غضون هذه الأيّام لينعم بالحريّة والديمقراطية بعد رحيل الديكتاتورية.