اتصل بنا الأخ صالح الشلي المناضل النقابي لمزيد توضيح أسباب الحكم بالسجن بعشر سنوات ضد الزعيم النقابي والوطني الحبيب عاشور وأوضح ان عاشور حوكم بسبب الاضراب العام الذي نفذ يوم 26 جانفي 1978 والتهمة التي وجهت اليه وباقي الموقوفين هي الاعتداء المقصود به تغيير هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب وبالتراب التونسي والاعداد بالاسلحة جموعا بقصد النهب والاستيلاء على الامتعة والاملاك وافسادها ومحاربة القوة العامة حال مقاومتها لمرتكب ما ذكر واحداث الحرائق عمدا في مكاسب الدولة والخواص وتراوحت الاحكام ضد عاشور وبقية القيادة النقابية بين عشر سنوات وعدم سماع الدعوى وكان الحكم الاقصى قد صدر ضد الاخ الحبيب عاشور. وأكد الاخ صالح الشلي ان الخلاف بين الاتحاد والحرب والحكومة انطلق اثر مؤتمر الاتحاد نتيجة عدم رضى الحكومة عن التكشيلة المنبثقة عن المكتب التنفيذي الوطني واتهمت القيادة بالتطرف. وقد انطلق الحزب في التخطيط لنشر التفرقة وتحريض القواعد العمالية ضد القيادة النقابية باعتبارها ضد الحكومة وأوضح الاخ الشلي ان الحكومة طلبت من الوزراء باصدار الاوامر الى رؤساء المؤسسات العمومية لقطع الحوار مع النقابات وتمكين الشعب المهنية من دور اكبر ضد النقابات مما افرز مناخا اجتماعيا متوترا فازدادت الاهانات ضد العمال واعطى الفرصة لاصحاب المؤسسات الخاصة بعدم التقيد بقانون الشغل مما خلق جوا متوترا ارتفعت معه نسبة البطالة وتميزت بغلال المعيشة واثر ذلك على المقدرة الشرائية للمواطن وعلى المناخ الاجتماعي وواصل الاخ الشلي حديثه ليؤكد ان مازاد الطين بلّة ظهور عبد الله الورداني (قاتل الزعيم صالح بن يوسف عمال كما يقال) في احد النزل بسوسة شاهرا مسدسه قائلا: إن احد الخراطيش ستسكن رأس الحبيب عاشور. وامام هذه التطورات الخطير اصبحت القيادة النقابية تتأكد شيئا فشيئا بوجود مؤامرة تحاك ضدّها للقضاء على استقلالية منظمتهم وتنصيب قيادة خاصة للحكومة، لكن ورغم هذا الوضع فقد تمسك النقابيون بمنظمتهم فارتفعت وتيرة الاجتماعات العامة بالعمال وازدادت الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات. وفي نفس الوقت كان الحزب الحاكم قد حرّك كافة هياكله وتوزع اعضاء الديوان السياسيي على الجهات للتحريض ضد قيادة الاتحاد وتكثف نشاط الشعب المهنية ضدّ النقابيين. وأكد الاخ صالح الشلي ان الشرارة التي اكدت ان الاوضاع تتجه إلى التصعيد تعيين زين العابدين بن علي مديرا للامن الوطني حيث تم استقدامه من المغرب، وذكر الاخ صالح الشلي انه اثر هذا التعيين اصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيانا طالب فيه بعدم عسكرة وزارة الداخلية. وأم هذا التصعيد عقد الاتحاد مجلسه الوطني ايام 8 و9 و10 جانفي 1978. حيث استعرض نوابه الحالة العامة بالبلاد والمضايقات التي يتعرض لها الاطارات النقابية وتأثير غلاء المعيشة والاسعار على الشعب وتقرر اثر ذلك الاضراب العامة بيوم في سائر انحاء الجمهورية، وظن الجميع انذاك ان هذا القرار قد يفتح باب الحوار ويفرض التعقل على الطرف المقابل حتى لا يتم جرّ البلاد الى ما لا يحمد عقباه لكن وقع العكس تماما حيث تم اقناع الرئيس الحبيب بورقيبة بان الحبيب عشاور يطمح إلى رئاسة الجمهورية وانه مدعم من قِبَلِ النقابيين مما جعل الشعب والميلشيات تتجند للاعتداء على دور الاتحادات الجهوية والمحلية كما تكثفت الحملة الاعلامية المغرضة ضد القيادة النقابية. وأمام هذه الهرسلة المتواصلة اضطر الاتحاد إلى عقد هيئة ادارية قررت تنفيذ اضراب عام يوم 26 جانفي 1978 المقرر من طرف المجلس الوطني، وتحدث الاخ صالح الشلي ان عدّة شخصيات دولية من منظمات امريكية وأوروبية اضافة إلى منظمة التحرير الفلسطينية ووفد تونس ضمّ احمد المستيري والباجي ڤائد السبسي والمرحوم حسيب بن عمار اتصل بالطرفين لتقريب وجهات النظر واستئناف الحوار لايجاد حل مشرف يمكن من الغاء الاضراب لكن تنجع كل تلك الوساطات بسبب تعنت الحزب والحكومة، وحال سماع النقابيين بقرار الاضراب العام تواجدوا طوال تلك الفترة بشكل مكثف في بطحاء محمد علي وحاول بعض العمال الاعتداء على أحد الاعوان الامن المعروف بتواجده اليومي لرصد تحركات النقابيين لكن تدخل الحبيب عاشور وفّر له الحماية. وفي اليوم الموالي عاد اعمال والنقابيون ليتواجدوا بكثافة امام دار الاتحاد وخوفا من احتكاكهم بالامن ووقوع ما لا يحمد عقباه اتصل الحبيب عاشور بإدارة الامن طالبا من أحد المسؤولين بابعاد اعوان الامن عن ساحة محمد علي خوفا من تبعات ذلك لكن هذا التدخل استغله زين العابدين بن علي للتقرب من رؤسائه والترويج لدى الصحف الصفراء انذاك بان الحبيب عاشور اتصل بإدارة الامن الوطني قائلا: «اسحبوا رجال الامن الوطني من ساحة محمد علي والا فإنه سيحرق تونس». ولما غادر الاخ الحبيب عاشور مقر الاتحاد على الساعة السابعة مساء تقدم أحد الضباط وقفل باب الاتحاد ولم يسمح بمن كانوا بداخله من الخروج، وفي فجر يوم الخميس 26 جانفي ألقي القبض على كل من وجد داخل مقر الاتحاد وتم نقلهم إلى مراكز الايقاف بوزارة الداخلية كما القي القبض على الحبيب عاشور في نفس اليوم وحالما نشر خبر القاء القبض على القيادة النقابيّة نزل العمال والنقابيون في مظاهرات عارمة. واوضح الاخ صالح الشلي ان ما قاله السيد الباجي قائد السبسي كان مجانبا للحقيقة خصوصا ان الاخ الحبيب عاشور عانى الويلات في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، وطالب الاخ صالح الشلي من الوزير الاول الحالي ومن الطبقة السياسية ومن النقابيين اعادة الاعتبار الى الزعيم الحبيب عاشور من ظلم عانى منه سنوات طوال كما طالب الاخ الشلي بانصاف كافة النقابيين والسياسيين الذين عرفوا السجون في عهد بورقيبة وبن علي. ويوضح الأخ صالح الشلي ان الذين احرقوا تونس ليس الحبيب عاشور بل أولائك الذين اقنعوا بورقيبة بان الحبيب عاشور يريد الاستيلاء على الحكم وهم الذين لم يقبلوا الوساطات واصحاب النوايا الحسنة كذلك أولئك الذين جندوا الميليشيات بقيادة محمد الصياح للاستيلاء على مقرات الاتحاد وهم الذين زجوا بالجيش والشرطة والحرس الوطني في معركة كانت نتيجتها مئات القتلى والجرحى وفتحت السجون في وجه المواطنين والطلبة والنقابيين واحيل الآلاف على البطالة. وذكر الاخ صالح الشلي في الاخير بان مدير الامن الوطني آنذاك زين العابدين بن علي كان قد استعان يوم 26 جانفي 1978 بطائرة هيليكوبتر لقتل عدد من الابرياء المحتجين.