رسالة عاجلة إلى السيد حمادي الجبالي: هي الأمنية شبه المستحيلة، لو لا الأمنية التي لا تفيد شيئا في السياسة، غير الحكم على الثوريين بالاستعداد الدائم الابدي أن يكون حق الوطن تونس وحق شهداء تونس الشهيدة وحق عموم التونسيين والتونسيات الذين يعتبرون انفسهم شعب شهداء أولى وأسمى من أي دكتاتور مُسعَف ومبرّأ وأبقى وأرقى من أية قاعدة أمريكية عربية سعودية لإيواء مجرمي ووكلاء أمريكية عربية سعودية لإيواء مجرمي ووكلاء أمريكا وأوروبا والصهيونية التي نستطيع قطعا التنصيص في الدستور الجديد على مقاطعتها اقتصادا وسياسة وثقافة اضافة الى عدم الاعتراف بها وعدم التطبيع معها الذي لا يعد الا مسألة ديبلوماسية ساذجة أمام تنشيط مقاطعتها. هي الأمنية أيضا أن يكون حق تونس الشهداء أهم وأبقى من أيّ حزب وشخص وأية حكومة كانت. تتحتم علينا ملاحظة أننا لسنا حيال اشتراكية حرب انتقالية حتى نقول الهدنة. لماذا لا تقولون انها مرحلة تأسيس ثوري وديمقراطية ثورية، انها مرحلة مشترك ثوري وطني وديمقراطي وعالمي، أنتم ناضلوا وأومُرُوا وشرعوا ونحن نناضل وننفّذ. نحن لم يفتنا، بمعية عاقليّة جماهير شعبنا أو عقلها المشترك أن بن علي هو ابن المخابرات والبوليس الدولي وابن عصابات شركات الامن الخاصة المعلنة وغير المعلنة التي ترتع في كامل الأرض قنصا ورقصا بتنسيق وتنفيذ او بأمر أو بفوضى أو بأخرى. وانه ابن مرتزقة رأسمالية الفساد والرعب المعولم. بيد أننا لسنا ولا شهداؤنا أبطال أفلام الحركة. نحن شهداء أحياء وشهداؤنا الاحياء بطريقة أخرى وثائقيون فعليون وبامتياز لا مجرد ضحايا ولا قتلى ولا أبطال قصص خيالية. من هو بن على بربكم حتى لا يتم ايقافه او التحجير عليه او وضعه تحت الاقامة الجبرية يوم 14 جانفي. لم نكن يومها لا أنبياء ولا سكارى حتى نصرخ صراخ الأقلية التي تسعى ل «الشعب يريد ايقاف بن علي» ببساطة طالب الحق امام بساطة إنه مجرم وحيوان مطلق. سنوات خلت كنا نقول لبعض أصدقائنا المحامين: عريضة واحدة تكفي التاريخ، قولوا إنه مجرم حق عام وكفى. من هو ولماذا لم يتمّ اقتياده من الطائرة الى احدى اماكن الايقاف داخل الجمهورية التونسية أو حتى العودة به ليلتها وصباحها من السعودية مهما تكن الرواية اذا أريد للرواية أن تتمدد قليلا. الجزيرة جزر لو تدري. لقد فهمنا بعد منذ ليلتها الأكثر حزنا على الاطلاق الا في عقول البلهاء وصباحها وما بعده أن عدم محاسبة بن على هي بالضرورة المشطة القاتلة عنوان مقاومة فكرة اسقاط النظام وهي فكرة اكثر من كونها شعارا ولذلك بالذات، نقولها مرة والى الأبد، لا تريد الدول الحاضرة في زفاف ما يسمى بالانتقال الديمقراطي ووكلائها أن يمس قلب اوروبا الشابة وامريكا واسرائيل ودول الوكالة الاقليمية أن ينجح هذا الحلم الثوري الراديكالى في تونس. هي فكرة (تأملوا العبارة جيدا وتركيبتها تفهمون انه ليس شعارا البتة وهو أبعد ما يكون عن اللحظوية والجزئية والعفوية الساذجة والمرحلية الكاذبة) فكرة الشباب اليساري الثوري في تونس أحب من أحب وكره من كره. نحن فهمنا انه ثمة استعداء جليّ وقويّ لفكرة التغيير الثوري للنظام. ذلك عنوان الانقلاب على ارادة الجماهير والاستعاضة عن المرحلة الثورية التأسيسية بما يسمى مرحلة الانتقال الى الديمقراطية (التي لطالما اخطأت الصحافة والاحزاب حتى في ترجمةالعبارة لأشهر طويلة جدا pacted transition to democracy) ) المتفق عليه وعليها بآليات نقل السلطة المخطط لها استعماريا لافتكاك الحكم والسيادة من السلطة التأسيسية الاولى والوحيدة والفعلية أي حكم جماهير الثوريين ولا شيء يهدد امبراطورية وحوش العولمة الرأسمالية غير هذا الرهط من البشر المناضل المتوحش بدوره حقا وعدلا. في ماعدا ذلك فهزائم وغنائم ومراسم ودُمى نداولها بين الأحزاب والدول. على الاختصار المؤلم، الوطن ليس الدولة والدولة ليست الحكومة والحكومة ليست الشعب والشعب ليس الانتخابات والانتخابات ليست الناخب والناخب ليس سعوديا ولا قطريا ولا تركيا ولا، لا، لا... على الاختصار كذلك، نشهد انّا ذُبحنا ولكن سالت دماء الشهداء بدلا منا وتبقت دماؤنا وبقينا نحن من نحن بكامل الشهادة التي فينا. ولكن نظل نفكر أنه لا مناص للجمهورية الدستورية الوقتية أيّا كان حاكمها من تفكيك أركان الاستبداد والفساد والاستعباد. لا سبيل آخر غير عنوان العدالة التأسيسية على قاعدتي المحاسبة واحقاق الحق لأصحابه. ولا شك في ان المهمة الرئيسية المطروحة على اية حكومة كانت بغض النظر عن شرعيتها وتوجهها ومَن ماذا متى وكيف وأين...هي بلا زيادة ولا نقصان تامين المرافق الحيوية لعموم الشعب دونما مساس بحياته و بعيشه وحريته وكرامته مهما كان الوضع ومن يصنع أرحامه ومن يدفع اليه ومن يسمّيه واما الباقي ففي رقبة جماهير الثوريين. انهم يعلمون تماما أن الملف الاقتصادي يُأخذ من الملف المالي ويأخذ السياسي من الأمني والسياسة الاجتماعية من فكرة شغل حرية كرامة وطنية وهي فكرة أبناء اليسار الثوري في الجامعة منذ بداية الألفية الثانية وليس شعارا حول التشغيل وكفى شر النضال. قل هل تبقى الضمائر في الصدور؟