لاول مرّة يتم احياء ذكرى احداث 26 جانفي 1978 على المستوى الوطني من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل اذ مكنت بعض الاتحادات الجهوية للشغل من احياء هذه الذكرى الكبيرة في تاريخ الاتحاد على مستوى جهوي حيث نظّمت الندوات وتم الاستماع إلى شهادات لبعض المناضلين الذين عاشوا هذه الاحداث وتعرضوا للسجن والتعذيب والذكرى 34 لاحداث 26 جانفي 1978 تم احياؤها هذه المرة عبر برنامج اعده الاتحاد واحتضنته دار الثقافة بن رشيق بالعاصمة باشراف الاخ حسين العباسي الامين العام للاتحاد وحضور عدد من اعضاء المكتب التفنيذي الوطني وجمع من الاطارات النقابية لتونس الكبرى بالاضافة الى عدد من ممثلي الاحزاب والمجتمع المدني وبعض اصدقاء الاتحاد وكذلك ابناء بعض الزعماء النقابيين مثل المرحوم الحبيب عاشور واحمد التليلي وحسين بن ڤدور. وبالمناسبة تولى الاخ حسين العباسي تدشين معرض وثائقي تضمّن صورًا لعدّة نضالات واجتماعات خاصة بأحداث 26 جانفي 1978 الى جانب صور لمظاهر العنف الذي مورس على مناضلي الاتحاد اثناء الاحداث وبعدها وبخاصة في السجون مما ادى الى حدوث فظاعات مُورست على حسين الكوكي وسعيد ڤاڤي وقد توفيا نتيجة ما تعرضا له من تعذيب... الاخ حسين العباسي وفي كلمة معبرة اكد ان احداث 26 جانفي مثلت منعرجًا حاسما في تاريخ الاتحاد من أجل التمسك بالاستقلالية والحرية والكرامة والديمقراطية وهي معركة استشهد خلالها المئات من النقابيين ومن العمال وجرح العشرات منهم وزُجّ بالعديد من قيادات الاتحاد في السجون لسنوات إلى جانب طرد الآلاف من العمال والعاملات. الاخ العباسي اكد ان الاتحاد خرج من محاولات التدجين وضرب استقلالية قويا وصلابة. وقد اغتنم الاخ الامين العام هذه الفرصة ليقدّم الاعتذار الى ابطال هذه المعركة على التأخير المسجل في تخليدها. ومن باب الوفاء اعلن الأخ حسين العباسي عن ادراج ذكرى 26 جانفي 1978 ضمن المناسبات الرسمية للاتحاد والمطالبة بفتح تحقيق حول هذه الاحداث للكشف عن الضالعين في عمليات القتل والجرحى والتعذيب والنهب التي استهدفت نقابيي الاتحاد ومقارّه ومؤسساته وتتبعهم قضائيا والدعوة إلى استعادة ما نهب من وثائق وارشيف اثناء المداهمات وادراج شهداء احداث 26 جانفي 1978 ضمن شهداء الحرية والكرامة وتمتعهم بكل الاستحقاقات التي يخولها القانون لهم ولعائلاتهم. الأخ العباسي شكر كل من وقف آنذاك مع الاتحاد من منظمات حقوقية ومجتمع مدني وصحافة حرة وجمعيات تونسية بالخارج والقوى التقدمية في العالم. الاخ العباسي اعتبر ان كل محاولات تهميش دور الاتحاد وابعاده عن محيطه الطبقي فاشلة وتبقى يدُ الاتحاد ممدودة في اتجاه قوى التقدم والاصلاح من اجل تأسيس عقد اجتماعي من نوع جديد يتجدد فيه بناء التوازن بين فئات المجتمع وجهات البلاد. شهادات من ضمن فعاليات الذكرى تم تقديم عرض لفيلم اعده الاخ رضا بن حليمة حول هذه الاحداث مع شهادات لبعض من عايشها مثل محمد الناصر الوزير السابق وعبد المجيد الصحراوي وصالح الشلي وصالح الصيد والحبيب بن عاشور ومنصور الشفي ومحمد شعبان وغيرهم من النقابيين (على سبيل الذكر لا الحصر) وقد برز من خلال الفيلم الذي نال استحسان الحاضرين الذين غصّت بهم دار الثقافة بن رشيق لانه ابرز حقيقة الاحداث فظاعة التنكيل بالنقابيين ومناضلي الاتحاد امثال الاخوة الحبيب عاشور والحبيب بن عاشور والحسين بن قدور وعبد المجيد الصحراوي وحسين الكوكي وسعيد ڤاڤي والطيّب البكوش وعبد العزيز بوراوي وخير الدين الصالحي وعبد الرزاق غربال وعبد السلام جراد وحسن حمودية وغيرهم كثير من المناضلين البررة القلم رصد وحشية القمع الذي تعرض له النقابيون والتعذيب الذي طالهم الى حد ان الاخ الحبيب بن عاشور اجهش بالبكاء خاصة وقد فقد نور عينه اليسرى. الفيلم كان بعنوان: «لكي لا ننسى» وقد حاول تجسيد الهجمة الوحشية على الاتحاد العام التونسي للشغل في محاولة لتركيع مناضليه وسلبهم حريتهم وكرامتهم لكنّ وقفة النقابيين كانت اقوى من كل انواع الظلم والتسلط وانتصرت الاستقلالية والتمسك بالوجود وبالهوية النقابية الصحيحة والصادقة نعم استشهد بعض النقابيين وعذّب آخرون ولكن الارادة النقابية انتصرت وتم الاضراب العام. ❊ محمد الناصر: الإضراب العام قرار سياسي أكثر منه اجتماعي السيد محمد الناصر الوزير السابق والذي استقال من حكومة بورقيبة احتجاجا على سياسة التصعيد ضد الاتحاد قدم شهادة حيّة تعرض فيها الى حيثيّات الوضع العام الذي صار سائدا قبل الاضراب العام والعلاقة القائمة آنذاك من الحكومة والاتحاد كما تطرق الى العقد الاجتماعي الذي تم امضاؤه بين الطرفين الى جانب جملة من العوامل التي ساهمت في توتر العلاقة بين الجانبيْن مبينا ان الاضراب العام كان سياسيا اكثر منه اجتماعيّا مبرزا عمل الاتحاد من اجل ان يبقى منظمة قوية لفائدة البلاد والشغالين على حد السواء مبينا ان الاحداث تتطلب بحثا وتدقيقا مضيفا ان الاتحاد منظمة تحمل منظومة مجتمعية تحترم كرامة المواطن، منظومة تميز الاتحاد عن غيره والاتحاد يبقى قويا وكبيرًا وهو كسب لتونس وقوة خير البلاد. ❊ عبد المجيد الصحراوي: صمود النقابيين كسر هيمنة الحكومة عبد المجيد الصحراوي أحد الوجوه النقابية المعروفة والذي كان اصغر نقابي إبان احداث 26 جانفي 1978 قدّم شهادة عن ظروف الاعتقال ومحاصرة النقابيين ونهب الوثائق ومداهمة دُور الاتحاد وعن التعذيب وعن محاولات تركيع الاتحاد وضرب استقلالية لكن السلطة آنذاك وجدت مناضلين صامدين اقوياء متمسكين بمنظمتهم العتيدة ومدافعين عن كيانها مهما كان الثمن. الاخ الصحراوي ابرز التماسك الذي كان يميز العلاقة بين المناضلين النقابيين متطرقا إلى الوحشية التي عُومل بها من تمّ اعتقالهم والزج بهم في السجون ومحاكمتهم بتهم واهية وجوفاء الغرض منها تسليط اقصى العقوبات على الزعماء والمناضلين وتدجين منظمتهم العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل ودعم الاحكام والطرد والتتبعات ومحاولة تنصيب قيادات غير شرعية انتصر النقابيون وعادوا ن جديد لتسيير منظمتهم التي تأسست على مبادئ الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية والنضال من اجل مصلحة تونس ومصلحة العمال... هذا وقد شارك ايضا في الشهادات الحية كل من الاخوين صالح الشلي ومحمد الصالح التومي المعروفين وكذلك الاخت زينب بن سعيد وهذا يبرز ان المرأة العاملة سواء بالساعد او الفكر شاركت في الدفاع عن الاتحاد وتعرضت الى اسوأ المعاملات لكن التعلق بالاتحاد حرا مستقلا ومناضلا وديمقراطيا كان اقوى من بطش السلطة ومحاولة المس من معنويات المناضلين والمناضلات... المناضل النقابي صالح الشلي المعروف بصدقه وتفانيه في خدمة العمال والوطن والوفاء لرموز الاتحاد طالب من بين ما طالب به رد الاعتبار لأحد رواد الحركة النقابية والوطنية الزعيم الراحل الحبيب عاشور الذي تعرض الى شتى انواع محاولات تركيعه لكنه صمد وصبر وصابر لانه من معدن ثمين لا يرقى اليه الصدأ... الاتحاد العام التونسي للشغل احيا ذكرى 26 جانفي 1978 بصفة رسمية لانه اتحاد الوفاء للشهداء المناضلين واتحاد كل فئات الشعب التونسي.