هل هو حزب أم حزبان؟ من يمتلك الشرعية القانونية ومن يتمتع بالشرعية الشعبية؟ ماهو مستقبل كل منهما خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة؟ على أية مسافة من كليهما يقف رئيس الحزب المستقيل وهل سيجد محمد منصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت نفسه بغير أداة سياسية اثناء المحطة السياسية القادمة خاصة اذا ما قرّر الترشح؟ أم ان حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي ساهم في تأسيسه قد انتهى دوره مع وصوله الى الرئاسة؟ وهل يفكر رئيس الجمهورية المؤقت في الرهان على دعم النهضة اكثر من دعم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية؟ وهل سيلتحق «المنشقون» عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بالمنشقين عن الحزب الجمهوري والتكتل من أجل العمل والحريات، هذه الاسئلة وغيرها نطرحها في هذا اللقاء على الاستاذ عبد الرؤوف العيادي الامين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية. لماذا رفضتم تحمّل أيّ مسؤولية صلب الحكومة الحالية؟ ان العرض الوحيد الذي وصلني هو وزارة أملاك الدولة، وأنا لم أقبلها لأنه ليس لدي اية خطة او برنامج يمكن تنفيذه عند تحمل هذه المسؤولية. لقد كانت لدي خطة لإصلاح العدل وقد تصدت لي عدة جهات معروفة حتى لا أكون على رأس هاته الوزارة رغم أنه كان لدي برنامج اصلاح يشمل جميع عناصره ومكوّناته من خبراء وعدول التنفيذ وقضاء ومحاماة. إلى متى يمكن اعتبار أن المسؤوليات الوزارية قد أثرت في مواقف رفاق الأمس؟ انا أعتبر ان دخول الرفاق الى الوزارات لم يكن على أساس تنفيذ برامج ولكن من اجل تنفيذ سلطة جديدة. فالقضية طرحت على الشكل التالي: من سيتحمل المسؤولية، وليس من له برنامج خاص بالوزارة. وانا اعتبر ان الرؤية التي يستند اليها هذا السلوك تقوم على خطة التموقع واحتلال المراكز في اطار الاستعداد للحملة الانتخابية القادمة لذلك لاحظنا غياب تطارح الرؤى السياسية والاختيارات الاساسية التي كان من المفروض ان توجه عمل الادارة التي عاشت حوالي 60 سنة دون دليل سياسي اذ انتصر دور السياسي في المساندة والولاء لرئيس الدولة لا غير. لذلك طبع عمل الادارة بالمنهج التجزيئي والتفريقي، وعجزت عن التخلّص من الموروث الاستعماري الذي جعل منها ادارة الحاكم وليست ادارة تؤمن المرفق العام في خدمة المواطن لذلك جاء الحديث مؤخرا عن الغيابات وانتفاء قيمة العمل والعطاء، اذ هناك ظاهرة التغييب قد برزت من جديد وبرز معها مبدإ الولاء المسنود بحزب السلطة الذي روّج داخلها فكر الاعتلاء مقابل الولاء إلى أن آل الأمر إلى الحالة الثورية التي مررنا بها، وكل ما حصل انهم حاولوا تحميل المسؤولية لرأس السلطة دون كبار الموظفين والمسؤولين داخل الادارة ان ما يحصل اليوم، لا يخرج كثيرًا عمّا تعوّدناه من لعبة الولاء والاعتلاء. والمشكل أن القطيعة مع هذه الممارسات لم تتم خاصة في ظلّ غياب المحاسبة فالمجال ظلّ مفتوحا على ماهو عليه من أجل اعادة انتاج ذلك السلوك القديم الذي لا يتلاءم مع النظام الديمقراطي. حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، هل هو حزب أم حزبان؟ الآن هو حزبان، لقد انسلخنا بعد اجتماع القيروان وأسسنا حزبا جديدًا وذلك عقب المواجهة التي دارت منذ أشهر وانتهت الى توضيح الرؤى التي لا يمكن من خلالها ان نتعايش داخل اطار حزبي واحد. وهذه الرؤى تتصل بنمط العلاقة التي يجب اقامتها بين الحزب والدولة اذا اكدنا على ضرورة ان يكون الحزب مستقلا عن الدولة ومؤسساتها في حين ان المجموعة المقابلة كانت ترى ان الحزب هو الزائدة الدودية للدولة ونحن كنا نرى في الحزب الاداة التي تؤطر الجماهير وان تكون لها اولويات في توضيح الرؤى الاستراتيجية والمرحلية وهم رأوا في الحزب قناة لتمرير مواقف الحكومة وقراراتها ورجع صدى لمواقفها. ومن الناحية السياسية، سرّعنا في تأهيل الحزب من خلال بلورة خطاب وممارسة يستجيبان لطبيعة المرحلة وهم ساهموا في تكريس سياسة الامر الواقع وتقاسم المواقع داخل الدولة ومؤسساتها. من يمتلك في نظرك الشرعية القانونية ومن يتمتع بالشرعية الشعبيّة؟ طالما ان السياسات لم تتبلور بالنحو الكامل، نحن لم نبحث حتى داخل المجلس التأسيسي السياسة الامن الدفاع الاقتصاد، الاجتماع والخارجية وما لاحظناه وجود براغماتية مرتجلة لا ترتقي الى صياغة استراتيجية. انها حكومة تصريف اعمال لا غير لذلك تبقى مسألة الشرعية ومدى توفرها في هذا أو ذاك رهينة بلورة الخطوط الساسية نحن بصدد شرعية ايديولوجية وتنظيمية فقط شرعية نتائج الانتخابات فقط. أي مستقبل للحزبين خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة؟ انه رهين استعداد كل طرف منهما ازاء هذه الاستحقاقات وكذلك رهين اختبار الشرعية السياسية لان المواطن الذي اختار «إلي يخافو ربي في 23 أكتوبر» سيختار الذي يقدّم البرامج التي توفر الحلول المناسبة لحاجاته وقضاياه واذا لم يميز المرء بين مرحلة واخرى ومتطلباته سيكون مآله صدمة الفشل. هل تعتقد أن إمكانية التحالف مع المنشقين عن الحزب الجمهوري والتكتل من اجل العمل والحريات واردة خلال المرحلة القادمة؟ نحن الآن منكبون على اعداد الوثائق التأسيسية للحزب الجديد وتوضيح رؤانا في شأن تأهيل الحزب تنظيميا وسياسيا ثم سيكون الحوار مع الاطراف الاخرى وغيرها على اساس تلك النصوص الاساسية. الا ترى معي ان السيد منصف المرزوقي قد تعاطى مع حزب المؤتمر كأداة اوصلته الى الرئاسة ولم يعد لها اي دور من الادوار؟ هو خاض بواسطة المؤتمر حملة انتخابية ولم يؤسس حزبا له هياكل قارة وقادرة على ادارة حياة سياسية داخلية والاشعاع على مجال السياسة الوطنية. اعتقد انه منذ ان نزل بالمطار عائدا الى تونس كان هاجسه قصر قرطاج في حين ان الامر كان يتطلب بناء سياسة لحزب كان في الحقيقة يضم ثلة من المقاومين للدكتاتورية وكان منهجه موزعا بين النضال الحقوقي والاعلامي وليست لدينا كتابات في القضايا الاستراتيجية كما انه ليست لنا تحاليل بشأن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وهذا ما يعد نقصا كان من المفروض تداركه بعد توفر مناخ العمل بحرية غداة الثورة. نحن كنا في حاجة الى عمل كبير ومكثف الا انه بعد الاعلان عن النتائج انصرفت نخبة من الحزب الى البحث في توزيع المراكز والمناصب. هل تعتقد أن الرئيس المؤقت يراهن على دعم النهضة أكثر من دعم المؤتمر خلال الانتخابات الرئاسية القادمة؟ انا لم اعاين في مستوى السلوك اختلافات وتميزا بين المؤتمر والنهضة بخصوص التعاطي مع الشأن العام اذ طغى الجانب التنظيمي والتمركز داخل مسؤوليات الدولة على غيره من توضيح السياسات والخيارات الاساسية. هل توافقني القول ان الشعب التونسي قد اصيب بخيبة امل في المؤسسات المنتخبة والتي عجزت الي حدّ الآن على تحقيق اي هدف من اهداف الثورة ولم تلبّ اي مطلب من المطالب الاجتماعية. حتى وان لم نتحدث عن خيبة امل فإن السلطة لم تفلح في بناء جسور ثقة مع الشعب ويكفي ان توجه السؤال إلى أي متتبع للشأن العام حول ثقته في القضاء مثلا او ثقته في اداء الادارة او تقييمه للاداء الحكومي بصفة عامة لتقتنع بان السلطة الجديدة لم تفلح في كسب ثقة الناخب الذي قطعت له عدة وعود. واذا غابت خيبة الامل، فإن هناك عدم ثقة واذا لم نبلغ مستوى خيبة الامل فإنّ عدم الثقة باتت بمثابة الامر الحاصل. فالمحاكمات المتعلقة الآن بقتلة الشهداء والمتسببين في جرحى الثورة تفتقر الى معايير المحاكمة العادلة والحقيقة كانت هي اكبر ضحية في هذه المحاكمات اذ عجز القضاء العسكري عن الوصول الىعدة جوانب من الحقيقة والكشف عن جميع المجرمين حتى بدا الامر أقرب إلى عقد تسوية منه الى عقد محاكمة عادلة.