في مرحلة ما بعد الثورة وما تبعها من احتجاجات واعتصامات وغلق المؤسسات وقطع الطرق التي للاسف لم يقع التصدي لها للأسف فأصبحت سلوكا جماعيا طال كل الجهات بالبلاد استعصت معالجة هذه الظاهرة تواجهها الحكومة بالوعود المستقبلية للحد من البطالة التي تعتمد فيها على الاستثمار الداخلي والخارجي الذي بدوره يحجم على الانتصاب امام هذه الظاهرة المتفشية التي زادت في عجز الحكومة امام الاعداد الهائلة لطالبي الشغل خاصة من حاملي الشهائد العليا الذين صرفت لأجلهم المجموعة الوطنية أموالا طائلة فقط للانتفاع بقدراتهم العلمية وتسخيرها للمسك بناصية التكنولوجيا الحديثة التي هي في تطور مستمر وتتجدد في اليوم الواحد عديد المرات. السؤال المطروح هل أن الشهائد المتحصل عليها تتناسب فعليا مع متطلبت سوق الشغل ؟ هل انها تستجيب للمواصفات التقنية الضرورية للنهوض بالمؤسسات المحدثة؟ وهل لنا بالداخل ما يكفي من الكفاءات العلمية والاختصاصات المهنية التي يجد فيها المستثمر ضالته هذا اذا ما علمنا بأن اليد العاملة المختصة ونوعية الشهائد العلمية والتقنية منها تعتبر من أساسيات حاجيات الاستثمار التي وجب توفيرها لأنها لا تقل أهمية على البنية التحتية وما يتفرع عنها من تجارة جانبية والأمر الثاني جنوح الجميع للعمل بالوظيفة العمومية او القطاع العام والعزوف عن كل ماهو خواص وهي عقلية وجب تغييرها عند الشباب خاصة من حاملي الشهائد العليا الذين لا بد ان يتسلحوا بالإرادة وامتلاك نصيب كبير من العلوم التقنية والتعامل معها بمهارة التي بها تكون وضعيتهم مع الخواص افضل بكثير من الوظيفة العومية لأن شروط الانتداب مستقبلا سوف ترتكز اساسا على الكفاءة وروح المبادرة والاستنباط بقطع النظر عن قيمة الشهادة العلمية لان التجربة تكتسب بحساب التربصات وسعة الاطلاع قبل التجارب العلمية التي تبقى دائما محببة ومرغوب فيها لكن كل ذلك لا يمكن توفيره لحامل الشهادة ما لم تتلاءم مراحل التعليم وحاجيات سوق الشغل ومتطلبات الوضع الاقتصادي بالبلاد في تجانس متكامل وجب ان يتمّ بمراحل تكوينية ودورات رسكلة تكون رافدا للحاصل العلمي الأكاديمي لقد تفطنت إلى ذلك عديد الدول السائرة في طريق النمو مثل كوريا وسنغفورة والصين وماليزيا واصبحت قوة اقتصادية عالمية متطورة تنافس اكبر الاقتصاديات لانها انتبهت إلى ما غفل عنه الآخرون وهو ضرورة الاستثمار في البرامج التعليمية والاحتكاك بتجارب الاخرين لتكتمل المنظومة برمتها وتكون مردوديتها على القدر المنتظر منها ان الدول المتقدمة اقتصاديا جنحت للاستثمار ليس في البرامج التعليمية وملاءمتها مع متطلبات التطور والنمو الاقتصادي فحسب بل انسحب ذلك على المخابر ومراكز البحوث العلمية والدراسات وغيرها ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل ممثلا في النقابات العامة للتعليم بمختلف تطويره لتبلغ المنظومة التعليمية مراتب الدولة المتقدمة وملاءمة الشهائد العلمية والبرامج التكوينية مع سوق الشغل بعيدا عن العشوائيات والحلول الترقيعية وعمليات الاصلاح واصلاح الاصلاح العقيمة واكد الطرف النقابي تمسكه بمطلبه لتصحيح المسار الذي اصبح ضرورة ملحة يفرضها الواقع والظروف الاقتصادية الوطنية والدولية نعتقد ان الوقت قد حان لان تجدد النقابات العامة مطلبها القديم الجديد المتمثل في اعادة تطوير المنظومة التعليمية برمتها والنهوض بها لإفراز شهائد علمية وتكوينية توفر اليد العاملة المختصة والكفاءات المتمكنة من المعرفة والتقنية الحديثة ليس لتلبية الحاجيات الداخلية فحسب بل لغزو الأسواق الخارجية ورفع تحدي المنافسة الاقتصادية للمؤسسات الدولية وضمان التطور التصاعدي لمؤشر التقدم الكفيل بتوفير عدد اكبر من مواطن الشغل ونحن في عهد ما بعد الثورة فلابد من ثورة تعليمية تجد للتونسيين تعليمهم في كل مراحله لتكون الضمان لتشغيلهم وتشغيل بقية الأجيال القادمة من بعدهم وكلنا ثقة في الاتحاد العام التونسي للشغل الضامن الوحيد لفرض هذا التّمشّي.