أكّد المتدخلون في اليوم الإعلامي لتقديم دراسة حول التنمية بجهة سليانة الذي نظمه الاتحاد الجهوي بسليانة يوم 07 سبتمبر 2012 أن تنمية الجهة يمر عبر تدخل الدولة معتبرين أنّ القطاع الخاص لن يتحرك مادامت الدولة لا توفر المناخ المناسب و تقصر في توفير البنية التحتية اللازمة. وقد حضر هذا اليوم الإعلامي الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والأخ أنور بن قدور الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم الدراسات الذي تكفل بإعداد الدراسة والأخ سامي الطاهري الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم الإعلام والنشر ومعدي الدراسة الأستاذ الجامعي سامي العوادي والأستاذ الجامعي فتحي السلواتي و الكتاب العامين للاتحادات الجهوية للشغل بسليانة و أريانةوجندوبة إضافة إلى نقابيي الجهة وعدد من ممثلي المجتمع المدني وعدد من ممثلي الإدارات الجهوية. وأكّد الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وجود ظلم وحيف في توزيع الثروة وفي توزيع التنمية نظرا لغياب تنمية عادلة و مدروسة وهو ما أفرز مركزةً للتنمية في الجهة الشرقية والساحل عموما في حين ظلت الجهات الداخلية محرومة. وقد أنتج هذه الوضع نزوحا ولد حالة تصحر سكاني في بعض المناطق إضافة إلى توجه الشباب نحو الهجرة وركوب قوارب الموت. وذكر الأمين العام أنّ الاتحاد اعد عديد الدراسات قبل 14 جانفي ونبه إلى الوضع الملغوم الذي تعرفه البلاد بسبب غياب التوزيع العادل للثروة واقترح تدخل الدولة ودفع الاستثمار الخاص أو الاستثمار العمومي ولكن رأيه لم يجد أذانا صاغية بل وان السلطة الجهوية عطلت الدراسات وخاصة الدراسة حول جهة جندوبة التي تكفل بإعدادها حسن الديماسي والتي توقفت بعد 14 جانفي عندما أصبح وزيرا. وعبر العباسي عن أمله في أن يتسارع نسق انجاز الدراسات لان ما كان يعطلها في السابق هو انغلاق الإدارة.ودعا إلى ضرورة تفعيل الدراسة على ارض الواقع بالتعاون مع كافة مكونات المجتمع المدني. وذكر الأخ نجيب السبتي الجبالي أن جهة سليانة تعاني الحرمان على جميع الأصعدة رغم استعداد أبنائها للعمل. واعتبر أن الدراسة قوة اقتراح وأداة قوية للعمل مشيرا إلى أن الاتحاد على وعي تام بدوره الوطني. وبين أن دعوة السادة ممثلي الإدارات الجهوية ومكونات المجتمع المدني يعكس قناعة الاتحاد بأنه قوة أساسية في البلاد للدفاع عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحق في الشغل والكرامة لكل التونسيين. ولاحظ أن توجه المواطنين إلى الاتحاد لبسط قضاياهم ومشاكلهم يعود لكونهم وجدوا الاتحاد يتحدث عن همومهم. وأشار الأخ أنور بن قدور إلى أن الميزانية التكميلية لسنة 2012 هي ميزانية لحكومة عادية فاغلب المشاريع تمثل المشمولات العادية للحكومة ولا تحقق أهداف الثورة بل حافظت على النسق العادي وهو ما يعكس غياب الكفاءة. ولاحظ أن المرحلة الحالية هي مرحلة توافق لا مجال فيه للانفراد بالرأي وان على المجتمع المدني أن يشكل شراكة. وذكر أن الاتحاد سيطلب من الحكومة لقاءات خاصة مع النقابيين حول التنمية في الجهات مشددا على ضرورة الانتباه ومراقبة كل المشاريع. ودعا بن قدور المجتمع المدني لتحمل المسؤولية وتوحيد الجهود وإنجاح البرامج المشتركة. وأشار الأخ أنور بن قدور إلى أن الاتحاد سيواجه في المستقبل القريب إشكاليات اجتماعية خاصة تتعلق بالمعوزين والمعاقين الذين يتطلبون اهتماما خاصا. ولاحظ أن الاتحاد منفتح ولا مشاكل له مع منظمة الأعراف بل هناك فرصة تاريخية لتغيير الأوضاع وسيتمسك بها. وبصفته الجامعية لاحظ الأخ بن قدور أن إنشاء الجامعات في تونس لم يكن مدروسا وان الجامعات لا تقدم نفس التكوين للتباين الواضح في الإطار البيداغوجي ودعا إلى أن يقع مستقبلا إعداد الإطار البيداغوجي قبل إنشاء الجامعات. ولاحظ الأخ سامي الطاهري أن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يكتفي بالاحتجاج بل يشكل قوة اقتراح عبر المشاريع والبرامج والتصورات التي يقترحها. ولاحظ أن الفلاحة والسياحة البيئية يمكن أن تمثل حلولا تنموية مهمة للجهة. ورأى أن على الدراسة أن تفرد هذا المحور ببند واضح ومستقل كما لاحظ ضرورة إبراز أهمية الاقتصاد التعاوني كرديف لتدخل الدولة معتبرا انه عمود من أعمدة التنمية بصفته ممولا ومنتجا لا مجرد مؤطر ومشرف. كما أشار إلى أهمية المخزون الغابي الذي تتمتع به الجهة. وفي العلاقة بين السياسي والاقتصادي أشار إلى أن التنمية مرتبطة بالمناخ العام ولا يمكن تحقيقها في ظلّ الفوضى والتوتر الاجتماعي والفساد. وأشار الطاهري إلى أن ملفات الفساد لم تفتح بعد ولا يوجد سبب لذلك آملا أن لا تكون الحكومة تنتظر الفرصة للتسوية تحت الطاولة. واعتبر أن من مصلحة التنمية توفر مناخ عام دون رشوة ومحسوبية وإتاوات على الأعمال كما حصل في السابق. وبين أن الجهة تتمتع بطاقات وقدرات كفؤة ممّا يُقيمُ دليلا على الرغبة في البناء والتنمية. ودعا إلى مأسسة لجان التنمية حتى تخرج القرارات من دائرة المركزة المشطة التي لا علاقة لها بواقع الجهات وان تنقل إلى المستوى الجهوي لتكون مستقلة معتبرا أن دسترة الحوكمة المحلية والجهوية ستمكن السلطات المحلية والجهوية من إمكانيات التصرف بما يجنب الخلط بين المشاريع الجهوية والوطنية ودعا المجتمع المدني إلى ضرورة تفعيل دوره وتعبئة كل مكوناته لمزيد الضغط وإبلاغ الرأي. اعتبر الأخ سليم التيساوي الكاتب العام للاتحاد الجهوي بجندوبة أن جهتي جندوبةوسليانة تعانيان من نفس المشاكل وان الوضع التنموي متشابه إلى حد كبير. ولاحظ أن التوزيع العادل للثروة مثل أساس ما حصل في تونس مشيرا إلى غياب تركيز أقطاب صناعية والى غياب نموذج تنموي ولاحظ ان الجامعة التونسية تمثل قاطرة التنمية داعيا إلى ضرورة دفع البحث العلمي وتطويره. ولاحظ الأستاذ الجامعي سامي العوادي أن الدراسة أنجزت بناءاعلى عديد المعطيات والدراسات الأخرى منها الدراسة التي أعدها بوجمعة الرميلي ولاحظ أن الدراسة بينت أن الموقع الجغرافي للجهة متميز وان النسيج الاقتصادي يمكن أن يكون متنوعا وان ثراء المنتوج الفلاحي والإمكانيات و الموارد الأولية تفتح عديد المجالات أمام التنمية وأشار إلى أن منوال التنمية الموجود حاليا قديم وقائم أساسا على تنشيط الشريط الساحلي وانه لفظ أنفاسه مبرزا أن التعويل على الفلاحة داخل المناطق الداخلية ومنها جهة سليانة لا يمثل حلا ولا يستوعب العدد الكبير من العاطلين. ودعا إلى ضرورة الديمقراطية المحلية وإعطاء مزيد الفرصة للسلطة الجهوية لتخطط للجهة وتتخذ القرارات المناسبة. وبين أن منهجية توظيف الاستثمار العمومي القديمة لم تعد مجدية مشيرا إلى ظهور خلاف بعد 14 جانفي حول منهجية تدخل الدولة ففي الوقت الذي تتمسك فيه الحكومة بان انجاز البنية التحتية يكون وفق العائدات التي ستحققها رأى عدد آخر من الاقتصاديين أن انجاز البنية التحتية يمثل دافعا للتنمية، يجب أن يكون مرتبطا بضمان العائدات. وأشار إلى أن جهة سليانة تعتبر عذراء صناعيا وبعيدة عن الإشباع إلا أن الواقع الحالي وخاصة حجم تدخل الدولة لا يسمح بالتنمية. وبين العوادي أن الفرضية الأساسية هي ضرورة أن تقوم الدولة بمهامها لأنّ التجربة أثبتت أن انسحاب الدولة خاصة في الاقتصاديات الفقرية يؤدي إلى انسحاب القطاع الخاص. ولاحظ أن المشكل لا يكمن في التمويل بل في ضبط المشاريع المناسبة. ولاحظ الأستاذ الجامعي فتحي السلاوتي أن سيطرة الليبراليين على المؤسسات المالية العالمية فرضت توجها عالميا نحو الخوصصة وانسحاب الدولة من الاقتصاد وهو ما قلص هامش تدخل الدولة وتراجعها عن القيام بمهامها التنموية. غير أن أزمة 1998 غيرت الأوضاع وجعلت عديد الليبراليين يدعون إلى ضرورة مراجعة دور الدولة وعدم الاكتفاء بدعم البنية الأساسية والصحة والتعليم بل وتوفير المناخ الملائم للاستثمار في الجهات الداخلية. ودعا الأستاذ السلواتي إلى ضرورة وضع سياسة حوافز بديلة لان نظام الحوافز القديم كان مكلفا ولم تنجز أي دراسة لتقييم جدواه ولا يبدو انه نجح في انجاز الأهداف التنموية. ولاحظ أن الموقع الجغرافي للجهة يفترض أن يجلب الاستثمارات غير أن رداءة الطرقات ومحدودية السكك الحديدية نفرا رؤوس الأموال. واعتبر السلاوتي أن خلق المناطق الصناعية لا يكون مفيدا ولا يخلق الاستثمارات إلا بشرط توفر المحلات والسكنى وكامل المرافق. ورأى أن أهم تحدي تواجهه الجهة في القطاع الفلاحي هو مقاومة التصحر الذي يهدد 65 بالمائة من المساحة الجملية للأراضي الفلاحية. واعتبر السيد بوجمعة الرميلي أن الاتحاد يعطي عبر هذه الدراسة الدرس والمثال في ضرورة فهم الواقع قبل الحديث والاقتراح. وأشار الرميلي الى أن القضية الأساسية في التنمية هي قضية مؤسساتية وان على أبناء الجهة اخذ الأمور بيدهم. ولاحظ أن سر نجاح التنمية الجهوية في البلدان المتقدمة يكمن في افتكاك المبادرة والانتصاب كطرف مستقل. ولاحظ في هذا المجال أن البنوك الجهوية في تونس ليست سوى أكشاك ولم تساهم في دفع التنمية. وبين أن أهداف التنمية تنقسم إلى قسمين منها الأهداف البعيدة والأهداف القريبة وانه من الضروري الربط بينهما. وأشار إلى ضرورة فتح ملف الأراضي الدولية حيث طال العبث والإهمال قرابة 25 ألف هكتار. وأكد الأخ عبد الجليل السّبتاوي الكاتب العام للاتحاد المحلي بمكثر أن الاتحاد المحلي يسعى إلى البناء والاقتراح ولا يكتفي بالمطالبة وقد انعكس ذلك في عديد المناسبات ولاحظ الستاوي أن الدولة غائبة تماما في معتمدية مكثر وأن الفلاح والمواطن معتمد على نفسه وطالب بضرورة تدخل الدولة خاصة أمام غياب القطاع الخاص. ورأى الأخ عثمان الفرشيشي الكاتب العام للاتحاد المحلي ببوعرادة أن غياب تدخل الدولة اثر على المردود الاقتصادي للجهة. وأشار إلى أن السكك الحديدية وقع إهمالها ذلك أن الشركة تعمل دون انتدابات جديدة وان المسالك الريفية غير مهيأة وهو ما عقد وضع الفلاح الذي أصبح غير قادر على نقل إنتاجه وبيعه وأوضح أن الأراضي الدولية تعاني مشاكل نظرا لأنها مهملة واقترح تقسيمها بين العمال التابعين لديوان الأراضي حتى يستغلوها ويستفيدوا منها.