تطور مستوى العيش في الاتجاه الايجابي، عالميا، حتى أدرك الكماليات رغم التفاوت المريع بين الطبقات الاجتماعية... فهناك 200 ثري يمتلكون 40 من ثروة العالم... وازداد عدد السيارات في العالم سنويا، بنسبة 3... وهناك بعض الدول الناهضة قد فاقت هذه النسبة... في الصين، مثلا، ارتفع عدد السيارات بنسبة 16، وفي الهند، هناك تطور ب : 14... هذا التهافت على السيارات، تزامن مع ارتفاع مريع لأسعار البترول... في سنة ,1970 كان برميل البترول السعودي ب : دولارين... واثناء المدة، ما بين جانفي 2002 واواخر شهر مارس ,2008 بلغ معدل الزيادة في سعر البترول 268 بسعره اليورو : و 483 بالدولار... وهذا يجرنا الى الحديث عن الدولار كعملة رئيسية في العالم... اثر الحرب العالمية الثانية، انطلق مشروع رئيس الأركان الأمريكي «مارشال» لتعمير أوروبا وإعادة بنائها... في ذلك الوقت كانت خزائن أوروبا مليئة بالذهب الذي تحتاج اليه الولاياتالمتحدةالامريكية... فتم تسعير الذهب بالدولار، فكانت «الأوقية» من الذهب ب : 35 دولارا... لكن ظروف الولاياتالمتحدةالامريكية، خصوصا، اثناء حرب فياتنام تكبّد الاقتصاد الامريكي خسائر فادحة وتغير ثمن الذهب بالدولار حتى كان يوم 15 أوت 1971 حيث صرح الرئيس الامريكي «نيكسون» معلنا «وقف العمل بنظام مبادلة الدولار بالذهب»... وحين سئل عن ذلك أجاب: «إن الدولار يستمد قوته من قوة الاقتصاد الامريكي»... ولما سقط نظام الشاه في ايران امام قيام الثورة الاسلامية في 23 فيفري ,1979 صعد سعر «الأوقية» من الذهب الى 221 دولارا... وبدأ سعر الدولار ينهار امام الذهب، وتخلت الولاياتالمتحدةالامريكية عن دعم عملتها بالمعدن الثمين فصارت «المطابع» تقدم للعالم أكداس الورقة الخضراء دون اي سند... فإذا بالذهب تصاعد ثمنه امام الدولار حتى بلغت «أوقية» الذهب، في شهر مارس ,2008 ما قدره 1045 دولارا... وفي عهد «ريغن» سنة ,1980 سئل هو الآخر عن «تخلي الولاياتالمتحدةالامريكية» عن دعم الدولار بالذهب، فقال يومها: «قوة الدولار تستمد من قوة الولاياتالمتحدةالامريكية... فهذا الغرور الامريكي، وهذا الصلف الذي أبداه قادة البيت الابيض الامريكي في كل المجالات والاحداث العالمية، والتدخل العسكري هنا وهناك (العراق افغانستان كوسوفو الصومال الخ...) بالاضافة الى قضية «الرهان العقاري» وعسر عمليات القروض، كل ذلك وغيره سرّع عملية انخفاض الدولار، وان كان هذا يساعد المصدرين الامريكيين الا انه يسبب متاعب لغيرهم... ونتيجة لذلك صار الدولار ورقة نقدية تفقد قيمتها يوميا، وركد الاقتصاد الامريكي حتى باتت نسبة نموّه تقدر ب : 0,02 في حين تقدر نسبة النموّ في (الولاياتالمتحدةالامريكية مع أوروبا واليابان) : 2,8 والصين وحدها تحقق نسبة 11... والصين وروسيا والهند معا، تحقق نسبة 7 حسب ما تذكره مجلة (Le Courrier International) بالعدد الخاص ب : العالم في سنة 2008 في ظل هذا الواقع، شهدت اسعار البترول ارتفاعا مريعا، لا يصدقه الخيال قبل عشر سنوات، إذ بدأ يطرق أبواب 130 دولارا للبرميل، وهذا يسبب مصاعب كبيرة للدول الغنية والفقيرة على السواء... فهذه الدول الاخيرة تجد نفسها عاجزة عن تحقيق حاجياتها من الطاقة بهذه الاسعار... أما الدول الغنية، فان استهلاكها للطاقة اكثر... ورغم بعض التفاؤل الذي تبديه بعض الدوائر العالمية استنادا الى ان سنة 2009 ستشهد دخول مكتشفات بترولية في شرق أوروبا جديدة، حيز الانتاج، كما ان المملكة العربية السعودية وعدت بالترفيع في انتاجها البترولي ليصل 12 مليون برميل في اليوم بعد ان كان 10,7 ملايين برميل سنة ,2006 ورغم التقدم الذي تحقق في انتاج الغاز وكذلك الكهرباء وايضا الاستعمال السلمي للطاقة النووية، فإن خطر الارتفاع الجنوني لسعر البترول وهاجس نضوب هذه المادة، حمل بعض الدول وخاصة الولاياتالمتحدةالامريكية وأوروبا وتبعتهما كل من الصين والهند والبرازيل في البحث عن الطاقة البديلة او الطاقة المتجددة... ووجدوها في مادة «الإيثانول والديزيل الحيوي»... علما ان مادة الايثانول تستخرج من مواد فلاحية يقتات منها الانسان، وهي: القمح والشعير والذرة والصوجا وقصب السكر، وعشب الحمير، والعلف المركب... اي قوت الانسان والحيوان... وحتى يعلم القارئ خطر هذا «الوقود الحيوي» المستخرج من هذه المادة، نقول: ان استخراج برميل واحد من الوقود الحيوي يساوي استهلاك غذاء: 20 شخصا لمدة عام كامل اي، البرميل الواحد يساوي قوت 7300 انسان في اليوم... ورصدت له الدول الغنية أموالا طائلة... ففي الولاياتالمتحدةالامريكية قدمت شركة «بريتش بتروليود نصف مليار دولار لجامعة كاليفورنيا حتى تركز اهتمامها على توليد «الوقود الحيوي» من الزراعة... كما رصدت شركات اخرى: مثل: (بي بي) النفطية الامريكية و (دي 1 ويلز) البريطانية مئات الملايين من الدولارات لتعديل الدورات الزراعية في القارة الافريقية لتغيير بعض المزروعات وخصوصا الحبوب بنبات «الجاتروفا»، بعد ان تعالت اصوات الاحتجاج على خطف غذاء الفقراء ليكون وقودا للسيارات الفارهة في الدول الصناعية... وللتذكير فأن العالم اليوم يشكو من وجود 850 مليونا من الفقراء... وتكاثر الاهتمام بهذا الوقود الحيوي المستخرج من المزروعات الغذائية مما قلص كميات القمح والذرة والشعير وغيرها... فكانت النتيجة الارتفاع المشطّ لأسعار المواد الغذائية... وانتشر الاحتجاج على غلاء المعيشة في 37 دولة... وإذا لم يتم تدارك الامر، فسوف تكون العواقب كارثية على الجميع... لذلك تحركت منظمة (غذاء بلا حدود) وقدمت الى الاممالمتحدة عدة توصيات ومطالب، منها: الوقف الفوري لانتاج الوقود الحيوي من المحاصيل الزراعية... وغير ذلك من المطالب... انه موضوع طويل وخطير، والحديث فيه يفوق هذه المساحة من الورق... المهم أننا نرفع الصوت عاليا: أوقفوا انتاج هذا الوقود الحيوي حتى لا تفتكوا منا الغذاء لتجعلوه لسياراتكم الفارهة. ملاحظة : اعتمدنا في أخذ الارقام على كل من: مجلة المؤشر: 357 مارس 2008 مجلة المجلة: 4 10 ماي 2008 مجلة: Le courrier International ديسمبر 2007 جانفي فيفري 2008