كنّا قلنا في اعداد سابقة أنّ الترجي الرياضي مُقبل على مرحلة صعبة، ليس على مستوى النتائج فقط وإنّما في طرق تسييره وحتى تتأكدوا من أنّ توقعاتنا كانت جلّها في محلّها نقدّم بعض القرارات الاعتباطية والتي جاءت لتؤكد قلّة الخبرة في ادارة شؤون ناد له من العمر قرابة القرن. ففي بحر الأسبوع الماضي قرّر رئيس الترجي حمدي المؤدب الاستغناء عن مدرّبي شدّو عندْكُم كرة الطائرة وكرة القدم وكرة اليد! في خصوص هذا الأخير، تجدر الإشارة الى أنّه وقع اسعافه بتأجيل التنفيذ أي أنّ القرار كان سيصدر بعد نتيجة مباراة السبت الماضي أمام النجم الساحلي بسوسة والتي جاءت لتكذّب توقعات رئيس الترجي وتُسقط كل حساباته في الماء. بعد ان كان جهّز نفسه لإلحاق السيد بُوريسلاف اليتش (مدرب أكابر الترجي لكرة اليد لمن لا يعرفه) ببقية المطرودين هذا الذي تواضع وقبل مهمّة تدريب الترجي الرياضي بعد ان كان درّب أكبر الفرق بفرنسا وبيوغسلافيا وما النتائج التي تحصل عليها حيثما مرّ الاّ خير شاهد على علوّ كعب هذا المدرّب المحنّك. أمّا ما يُعاقب عليه من طرف رئيس الترجي هو أن ينتصر على منافسيه بفارق ضئيل، فرئيس الترجي يريد شبعة من الأهداف في كلّ مباراة!!! هذه الحادثة ذكّرتني بحادثة أخرى مشابهة حيث ذكر أنّ أحد رؤساء الترجي السّابقين بعد أن وقع اعلامه بأنّ فريق الترجي لكرة الطائرة انتصر بنتيجة ثلاثة أشواط لصفر (3 0) قال بكل عفويّة: آه! لازم ولْنا شدْ مليح!!! فأعلمته شخصيّا بأنّ لعبة كرة الطائرة ليس بها ولْ مثلها مثل لعبة كرة السلة. اليوم بعد مرور قرابة 37 عاما على هذه الحادثة مازلنا نعيش ونستمع ونستمتعْ. أمّا أصل الحكاية وحقيقتها فإنّ فكرة التخلّص من هذا المدرب بدأت تخامر رئيس الترجي لأنّ الشخص الذي انتدبه واختاره ليكون مدربا للترجي قرّر الاستقالة من هيئة حمدي المؤدب لأسباب مبدئية.(؟) اذن لأجل ذلك لم يعد للسيد اليتش مكانا بفرع كرة اليد للترجي! تفكير غير منطقي لا يمكنه أن يجرّ الترجي إلاّ الى ما لا يُحمد عقباه. على كلّ، لقد أنصفت آلهة كرة اليد هذا المدرب الذي تمكّن من هزم النجم في عقر داره بفارق خمسة أهداف كاملة، وهذا لم يحصل منذ فترة بالترجي تقريبا نفس الشيء حصل مع مدرب كرة القدم كابرال الذي وقع الاستغناء عن خدماته بقرار فردي من رئيس الترجي ضمن تمثيليّة هزليّة رُسمت خيوطها بالاستعانة ببعض الفاشلين الذي وقع استقدامهم خصّيصا للغرض لإتمام الضربة القاضية للبرازيلي كابرال وتنفيذ تعليمات رئيس الترجي (الشعب كانت قدّمت السيناريو منذ أسبوعين تقريبا) . للتذكير فقط نقول بأنّ هذه الفروع تحتلّ المراكز الأولى في الترتيب العام. فماذا يريد رئيس الترجي من هؤلاء المدربين؟ كما أنّنا نتساءل عن مدى قدرته على تقييم أعمالهم حتى يقرّر الاستغناء عن خدماتهم دفعة واحدة. هنا تكمن الفوارق بين من يُراعي مصلحة فريقه وبين من يبحث عن تلميع صورته بأخذ قرارات عشوائيّة تفتقد لعمق في التفكير وتُبرز في نفس الوقت محدوديّة الزاد التسييري، بما يجعل الكثيرين من أحباء الترجي يتساءلون عن الأسباب الكامنة وراء تعنّت رئيس الترجي وتركيزه على بعض الأمور التافهة، وترك عديد المواضيع التي تتطلّب ايجاد حلول سريعة. هنا نسأل: ماذا أعدّ رئيس الترجي للذكرى التسعين لميلاد شيخ الأندية التونسية؟ ولمّا نعلم أنّه لم يعد يفصلنا عن هذا الموعد الاّ سبعة أسابيع (15 جانفي 2009) نسأل بكل اندهاش عمّا وقع اعداده لهذه التظاهرة الكبرى والتي نتمنّاها أن تكون خير فرصة لتنقية الأجواء بين أبناء الترجي. الأكيد أنّ الكل يعلم أنّه وقع تكليف سليم شيبوب بإعداد هذا الحدث، لكنّنا نسأل ماذا وقع توفيره لشيبوب حتى يأتي هذه المسؤولية في أحسن الظروف؟! ثم نحن نعلم أنّ التيّار انقطع بين سليم شيبوب وحمدي المؤدب بفعل الفاعل فكيف ستكون الأمور في غياب الانسجام والتناسق؟ ومتى سيقوم رئيس الترجي بمبادرة شخصيّة حتى يضع حدّا لخلافاته مع عديد الأطراف؟ لأنّ الترجي بالنهاية هو ملك لجميع أبناءه، وليس حكْرًا على بعض الأسماء التي مهما تعدّدت الرّوايات في شأنها فلن يكون تواجدها الاّ ظرفيّا، ولفترة مُعيّنة. ولكن، ومهما يكن من أمر، فإنّ ما يقوم به بعض المسؤولين بالترجي تُجاه الأشخاص الذين كانوا سببا مباشرا في تواجدهم في صلب الترجي من تجاهل وادعاءات باطلة، لا يمكنه أن يندرج الاّ في خانة نكران الجميل وتلك هي قمّة الجحود. ماذا يحدث بالترجي؟ أشياء كثيرة يعجز عقل الانسان على فهمها! تحالف وتكتّل جماعي في وجه من سعى ومكّن هؤلاء من منصب مرموق بالترجي! ولكن هل كان هذا الشخص المعني بالأمر سيلقى نفس المعاملة لو ساند بعض أصدقائه من لاعبي الترجي القدامى عوضا عن القيام بمزايا على أشخاص «فارغين». يدرك جيّدا بأنّهم غير قادرين على إفادة الترجي؟ نحن نتمنّى أن يقع استخلاص العبرة بل العِبَرْ حتى لا يحدث مُستقبلا بالترجي ما حصل من مثل هذه الاختيارات التي لم يجن منها فريق باب سويقة الاّ الانقسامات والانشقاقات. حسب رأيي الخاص يُعتبر التعويل على ذوي الخبرة والشخصيات القويّة من أبناء الفريق أجدى وأنفع بكثير من الاستنجاد بأشخاص عندهم «الفلوس» ولا شيء غير الفلوس. وليست النتائج الظرفية التي حصل عليها الترجي في الفترة الحالية هي التي ستغيّر الوضع الصعب الذي يعيشه من الداخل.