بعد تجاوز عدّة ضغوط كانت منتصبة أمامنا، أمكن لنا، كإدارة لجريدة الشعب وقسم الاعلام والاتصال، وبدعم مادي ومعنوي كبير من أمين عام الاتحاد وأمين المال، عقد الدورة الرابعة لملتقى النقابيين الشعراء يومي 1 و2 ديسمبر 2008 بمدينة سوسة، حيث استضافنا إخوتنا الاعزاء في الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة وأكرموا وفادتنا وسهروا على راحتنا وساهموا بشكل كبير في انجاح أعمالنا. وعليه، أقول إنّ الدورة نجحت على مختلف الأصعدة، تنظيما، محتوى، مشاركة، حضورا ورواجا. وإذا كان لي أن أعرض هذه الاصعدة، فإنني أبدأ بالاخير حيث أتوجه بالشكر الجزيل إلى الزملاء في العديد من وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة منها وخاصة المرئية فقد نشر العديد من الزملاء أخبارا سابقة للدورة ولاحقة وأجروا الاحاديث مع بعض المشاركين وخاصة مع ضيف الملتقى الشاعر العربي السوري محمد شاهر خضرة وإنني هنا استسمح بقية الزملاء فأوجّه شكرا مخصوصا الى أصدقائنا في »الاسبوع الثقافي« و»نسمة صباح« في قناة 7 وشكرا غير مسبوق الى الصديق حاتم بن عمارة وباقي اعضاء فريق »وقيت حلوّ« في قناة 21، لما أفردوا به ملتقانا من متابعة شملت التغطية الصحفية المألوفة والاحاديث والاستضافات والتعاليق. من ناحية الحضور، تجدر الاشارة الى وفود ضيفنا المبجل الشاعر المبدع شاهر خضرة الى تونس التي ينحدر منها أجداده، الذين هاجروا قبل نحو 200 سنة الى سوريا وأقاموا فيها الى اليوم. شاهر يعرف تونس جيدا، يرتاح لها وفيها، تربطه صداقات متينة مع عدد كبير من الشعراء التونسيين منهم المنصف الوهايبي، اولاد أحمد، يسرى فراوس، حياة الرايس، محمد الغزّي، آدم فتحي، عادل المعيزي، منصف المزغني، نورالدين صمود، وغيرهم. كما له علاقات جيدة مع بعض الاعلاميين، وسنسمع له قريبا قصيدة تونسها المنصف الوهايبي وراجعها نورالدين صمود ووضع لحنها الموسيقي المبدع سمير العقربي (وقد تؤديها أمينة فاخت). ولمن لم يحضر احتفالية الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة الخاصة بتسليم جائزة حشاد للابداع الشعري، نشير الى ان شاهر خضرة قال شعرا عن الزعيم فرحات حشاد، من فرط بلاغته، أنّه اضطر أرملة الزعيم الشهيد الى تقبيله من جبينه شكرا وثناء. من حيث المشاركة، جاء القدماء عبد الحفيظ المختومي، أبو القاسم الثليجاني، الصغير أولاد أحمد، محمد صدود، محمد معالي، أحمد العرف، بوبكر العموري، خالد العقبي، التهامي الهاني طبعا، سليم ساسي، مراد العمدوني، فتحي النصري، كما حضر الاوفياء، المنصف الوهايبي، سلوى بن رحومة، سالم أبوبكر، فاطمة بن فضيلة، يسرى فراوس، المنذر العيني، كما جاء لاوّل مرة عبد الله الزياني، وعمر بن بوبكر ورياض الشرايطي وجلال الحبيب وبلال بوعاني ومبروك السياري وغيرهم... قد أكون نسيت أحدا، رجلا كان أم امرأة فالعذر، كلّ العذر. لكن غابت عن الدورة بعض الاسماء اللامعة مثل عبد الكريم الخالقي وقيدوم الشعر والعمل النقابي محفوظ الجرّاحي ومنى الورغي وكذلك عمر الجملي ومحمد حمدي وسعيد السلطاني وسالم الشعباني، وآخرون وأرجو أن يكون المانع خيرا. لكن لا مفرّ من ان نستفتي الناس مستقبلا حول التاريخ الذي يختارونه لكل دورة، عبر استمارات توزّع للغرض وتفرز بدقة. كما لابدّ من أن نستفتي الناس حول القصائد التي يجبُ ان يعدّوها خصيصا للملتقى او التي يدعون لإلقائها ويجب ان نحسمَ امر المكافآت التي تعوّدت الملتقيات الأخرى ان تصرفها للشعراء، فهذه مسألة محرجة بالنسبة لنا أكثر من حرجها بالنسبة للشعراء، ندفع او لا ندفع. أذكر أنّني طرحت المسألة على شاعر ففاجأني بإجابة مفادها انّ الناس يدفعون لمقرئي القرآن في المآتم ومناسبات »الحزب اللطيف« والحج والختان، فما بالك بقارئي الشعر، وخاصة اذا كان جميلا، ملهبا للحماس، هادفا، مروّحا عن النفوس، منوّرا، مثقّفا، مثيرا، إلخ إلخ... واعترف انني كنت أرى المسألة بعين أخرى، حيث تصوّرت وإلى الآن ان النقابي الذي يقول شعرا إنّما ينفّذ ذلك في إطار الفعل النقابي، وكما يفعل بالنسبة لتحقيق مطلب أو المطالبة بمكسب او دفع الظلم عن عامل او رفع الضيم عن عاملة، وكما ينصح ويوجّه، فإنّه يقول الشعر، ويصبح شعره فعلا نقابيا إذا ضمّنه اهداف العمل النقابي والدفاع عن العمال وعن الحقوق والحريات. أقرّ هنا أنّ الامور تغيرت او بالاحرى يجب ان تتغير، ففي المسألة خاصة إذا تعلّق الامر بقصيدة يقع نظمها خصيصا للملتقى في المسألة إذن جهد يبذل لابدّ من مكافأته وتبعا لذلك تأتي أسئلة أخرى، كم يكون حجم المكافأة؟ هل نساوي بين الشعراء، هل نضع تصنيفات ودرجات؟ لا أدري.. المهم انّه يجب بحث المسألة وتوفير الاجابات اللازمة لها. في باب المحتوى، نظرت الدورة الأخيرة للملتقى في جملة من القضايا. الاولى اهتمت بالشعر التونسي الحديث من خلال قراءة مفردة قدّمها نقابي باحث عن نقابي شاعر فقد تعلّق الامر ب: مخطوط تمبكتو: الذات والمكان وهو أثر للمناضل النقابي المعروف في قطاع التعليم العالي الاخ المنصف الوهايبي، في بحث غير مسبوق أنجزه النقابي الباحث الاخ عمر حفيظ. من جهة أخرى، ومواكبة لسنة الترجمة، أتحفنا الأخ عثمان أحمدي بعمل في غاية الظرف حول ترجمة الشعر وعنونه: الترجمة والمثافقة، اشكاليات ترجمة الشعر. ولان الدورة مهداة للشاعر الاستثنائي محمود درويش فقد أسعدنا الاخ فتحي النصري بقراءة لافتة للنظر لمنزلة اليوميات في كتاب الفراشة لمحمود درويش، فيما اكتشفنا في الاخ المعز الوهايبي باحثا جيدا قادما على مهل كشف لنا عدة ثنايا من كتاب لاعب النرد لمحمود درويش.. أمّا الوفي بلقاسم الثليجاني فقد أعادنا في قراءة سريعة الى الجدل القائم حول قصيدة النثر واختلافات الشعراء حول تعريفها أو حصرها في حدود يمكن التوقف عندها او المضي الى ما هو أبعد. بقي التنظيم، وقد توليته باشراف من الاخ محمد شندول وتشجيع منه، رفقة الشاعر الاخ نورالدين الشمنقي، وهو نقابي حتى النخاع ومساعدة ثمينة من الزميل ناجي الخشناوي. وقد اجتهدنا في دعوة الجميع عبر كل الوسائط التي اتيحت لنا وحرصنا على حضور الجميع دون استثناء وخلافا للمرات السابقة، أمنا للملتقى تغطية اعلامية تمهيدية كبيرة بأن ضمّنا نشر أخبار عن موعد انتظام دورته الرابعة ومحتواها وضيوفها في كل الصحف وفي كلّ الاذاعات تقريبا. وقد سهرنا على راحة الجميع وحاولنا قدر المستطاع الاستجابة لكل المطالب وإذا حصلت اخطاء فاننا نعتذر عنها ونحن واثقون أننا تعلمنا منها دروسا للدورة القادمة. يجب ان أشير أيضا الى ارتقاء الملتقى من خلال تأسيس جائزة سميناها جائزة حشاد للابداع الشعري وقد اقترحها الصديقان العزيزان الأخوان محمد الجدّي ونورالدين الغماري وأقنعا الجميع بوجاهتها. وزادها توهّجا حضور السيدة ام الخير حشاد رفيقة درب شهيدنا خالد الذكر وتولّيها بنفسها تسليم تلك الجائزة وقد حصلنا بالمناسبة على وعد من الاخ عبد السلام جراد أمين عام الاتحاد، بوصفه هو الآخر مؤمنا بدور المنظمة الفاعل في الشأن الثقافي، يقضي بالترفيع في مبلغ الجائزة بالنسبة للدورات القادمة. لقد كان الاتفاق جماعيا على ان تنعقد الدورة القادمة في توزر (للعلم فقط، انطلقت فكرة الملتقى من توزر بالذات) وان تهدى للشاعر الفذّ أبو القاسم الشابي في مئويته الاولى. فحتى نلتقي هناك، نبقى وإياكم محبّين للشعر، مخلصين للنقابيين والنقابات، ومبجلين للشعراء.