عشنا أخيرا تظاهرة حول تطوير الموقف القطاعي لكي يكون أكثر ايجابية وتفاعلا مع الوضع التشغيلي والوضع العلمي في بلادنا وهو ما جعل الكثير من الاصوات ترتفع منادية بضرورة الوقوف جنبا إلى جنب والقيام بدور يثري انجازات التغيير التي ارتقت بمستوى عيش المواطن واهله ليكون بحق وعن جدارة خير مواطن لخير وطن خصب العطاء للجميع. وفي هذا التحول اصبح المواطن ملزما بالاعتماد على الذات دون ان يستعير لاسهامه عونا من الخارج وهذا يعني ان التغيير جهد يومي مشترك في واحة امن وسلام ونموذجا للعدل والمساواة وحرية الفكر والتعبير لتفتح البصائر وتنير العقول لكن سرعان ما تأزمت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتوترت اجواء بلدان العالم واصبحت مكاسب كل الدول مهددة وفي هذا الصدد استجابة لتعليمات رئيس الدولة بمتابعة المجهود التنموي واتخاذ الاحتياطات الضرورية والقيام بالاستعدادات اللازمة لمعالجة ازمة البطالة وتأثيراتها على سياسة التشغيل التي اثرت بدورها على الوضع العام وأضافت لمخلفات السنوات التي سبقتها متاعب كان مؤشرها تدهور القدرة الشرائية للمواطن. هل يمكن القول ان ازمة البطالة هي وليدة بعض خيارات التعليم العالي والبحث العلمي؟ وهل هذه المنظومة سجّلت خلال مرحلة التغيير الكثير من النقاط الايجابية؟ يجدر الاشارة الى ان ضرورة النهوض بإرساء مسار العمل على تحسين برامج التعليم ونوعية البحث العلمي والسيطرة على تكاليف التعليم والبحث بالترفيع في المردودية وفي مهارات الموارد الطلابية والخلط بين البحث العلمي والبحث التنموي. البحث العلمي هو بحث نظري مرتبط اساسا بمنظومة التعليم العالي ويتمتع سنويا بميزانية يقع ضبطها وفق متطلبات برامج تنمية الكفاءات ذات فعالية محدودة كما يؤكد نظام LMD مدى الإدراك المعرفي لهذه الكفاءات بغض النظر على نقل القيم التي تسلحت بها، هو معادل المستوى الاساتذة الجامعيين اندماج خريجي هذا النظام يخضع لامكانية الانتدابات في منظومة التعليم العالي والبحث العلمي او في حقل الخدمات غير المعملية في القطاعين العمومي والخاص اما في مجال الإنتاج السلعي فدمجهم مشروط بمرحلة التكوين معين. البحث التنموي هو البحث عن البدائل للمواد الاولوية والتكنولوجية لاحداث المؤسسات التنافسية لرفع التحديات بطريقة اخرى. البحث التنموي هو المنبع الاساسي للترفيع في المستوى المعيشي بخلق ثروات جديدة بما يكفل للمواطن ما يستحقه من منزلة اجتماعية متقدمة بمفهوم الحضارة الصناعية مع العلم بأن البحث التنموي يخص بالاساس العنصر البشري الذي يمتاز بميل او استعداد طبيعي في مجالي الاستنباط والاضافة يقع انتدابه على مبدإ الاعتراف بحقوقه الابداعية مقابل جوائز مالية او رقع في المؤسسات الكبيرة والمتوسطة وصغيرة او على حسابه الخاص في كل الحالات يحيط بفريق تقني منطلق دون حساب في سباق للوصول الى الهدف او احتكار الافكار. سبب عدم نشأة البحث التنموي في القطاع العمومي هو عدم المنافسة بين المؤسسات العمومية لكن في القطاع الخاص المؤسسة مهددة دوما في جمع الارباح باخفاء سريع. بتمشي منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في استهلاك الدعم المالي للبحث التنموي بعنوان محضنة المؤسسة مثلا وباستفحال هذه الظاهرة اشتد الضغط على البحث التنموي من ناحية الدعم المالي وان استمر هذا الخلط في التصاعد فإنه يُخشى ان نفقد البحث التنموي ويبقى البحث العلمي غير مستقر على اساس صلب مثل المسرح الخاوي من الحضور. يمكن قياس وزن ومردودية منظومة التعليم العالي والبحث العلمي من خلال قراءة بالعين المجردة التركيب الهيكلي الذي يمكننا من تصنيف الفئات الاجتماعية اي المنهجية العقلانية التي نعتمدها لتعديل الاصلاحات الهيكلية لضمان ديمومة التوازنات الاجتماعية وفق متطلبات البناء الحداثي المؤسس على الحوار الديمقراطي والشراكة والعلاقات المتطورة بين افراد المجتمع. حاملي الشهائد العليا خريجي التعليم العالي بلا شهائد البقية 5 32 63 تركيب المجتمع كما يؤكده الجدول A يبعث الى الانشغال ويستوجب تعديل المنهج القائم على مبدإ مداومة المبادرة في فضاء مغلق على تبادل الافكار والتجارب واضحة المعالم تمكّن من ترشيد سلوكيات منظومة التعليم العالي والبحث العلمي وتنير لها السبيل نحو مفهوم جديد لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي. الموضوع نفسه جذب انتباهي خلال زيارات قمت بها الى وزارة التربية ومخابر الباحثين بسبب ابتداء مشاريع بحث في اطار المهمةالتي كلّفت بانجازها عند العودة من الخارج للخروج من الصعوبات المتأتية اساسا من غلق الفضاء العلمي امام حاملي طاقة العطاء اكدت للوزير الاول المرحوم الهادي نويرة ان احداث وزارة التعليم العالي والبحث العلمي امر ضروري ومستعجل ودون نقاش تحقق بسرعة احداثها في سياق نشأة هذه الوزارة الجديدة بهدف تحفيز روح التضامن بين الأساتذة الجامعيين والباحثين في الاطار الوزاري نفسه للعمل الاصلاحي لا سيما في مجال البحث العلمي الذي يتطلب كفاءات قد تعجز على تحقيقها بمفردها والذي يستدعي اعتماد سياسة بصيرة تخلق تكاملا بين كل المهارات. وكل ذلك يطرح السؤال التالي ماهي النتيجة التي حققتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وخلال كينونتها أي 31 سنة؟ اسفل جدولB تبرز نسبة تطور نقل القيم الى الطلبة. الجدول B، معدل مردودية التعليم العالي والبحث العلمي وتأثيرها السلبي على الناتج الداخلي الاجمالي. لا شك ان هذه النتائج تدفع الى الانشغال، ان حاملي الشهائد العليا وذوي المستوى التعليم العالي رغم ضعف المردودية هم الضحية الاولى للمنظومة، لذلك يجب اعتماد سياسة بصيرة تمكّن من ترشيد سلوكيات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتنير لها السبيل نحو مفهوم جديد لتنمية الكفاءات وفق الارتقاء بمستوى المهارات امام التحولات العالمية وهذا الواقع السلبي لا يعني ان الاستاذ الجامعي غير قادر على تحسين مردوديته ولا يعني ايضا ان الوزارة نفسها هي التي تحبسه بصورة غير شرعية في فضاء مغلق. المعضلة ان تكاثر المعلومة المغلوط فيه تتسبب في ضغط اجتماعي حقيقي مثل ارتفاع نسبة البطالة التي تثقل كاهل ميزانية العائلة مما يتسبب في تذبذب الأفكار والنسيج المجتمعي يمدد بإفراط من كل جهة. نظرا لهذا التأثير السلبي على النسيج المجتمعي سنحاول اخيرا طرح بعض اسباب تستلزم معالجتها لتفادي الصعوبات التي تعترض البناء الاقتصادي بالاعتماد على الذات ونأمل أن يكون رئيس الدولة طرفا فاعلا في ربط تمتين العلاقات المهنية في الاطار القانوني تتمتع فيه كل الأطراف بحماية ملائمة ضد جميع اعمال التمييز التي ترمي الى النيل من الحرية الابداعية في احداث المؤسسات التنافسية التي تؤكد ديمومة العمل اللائق وتحسين مردودية الاسهام في الآداء وفي الدعم المالي للبدائل للمواد الاولوية والتكنولوجية بالتركيز على شفافية المعلومة والمصداقية العلمية. السبب الاول يكمن في اداء الدور الموكو ل الى قيادة البحث العلمي والذي يؤشرها في اقامة العولمة التنافسية كحامل مشروع تنموي يشهد لها بتوجيه سلوكيات الكفاءات برأي عقلاني ينير السبيل ويساعد على فهم الواقع وتثبيت الوجود الذاتي بتحقيق الملائمة بين مسارات التكوين الاكاديمي ومتطلبات سوق الشغل وفتح الافاق امام الطلبة لتنمية روح المبادرة وارساء ثقافة بعث المؤسسات. ان هذا ابصار نظري يفضي الى انتهاج سياسة المصدر الرئيسي لنمو صناعي نشيط وحوافز انجع للأنشطة الصناعية. السبب الثاني يكمن في تحديد نزعة حب الذات والتصرف باستبعاد المبدعين من السباق خوفا من مجيء اقتصاد المعرفة اين يشيد جمع الموهبة في اطار اتفاقية مشتركة حول مواصفات المشروع الوطني كمّا وكيفا وحول ضبط مقاييس الاستنباط والاضافة وتحسين نوعية البدائل والسيطرة على تكاليف ابداعية وتخفيض تكاليف الخدمات والمساعدات التحفيزية التي تقدمها الدولة سنتصفح نتائج العلاقات الميدانية مع قيادة البحث العلمي التي تتمتع باعتماد المعلومة احادية الجانب قبالة الدولة بهدف رفض ضبط منصف للتوازن مع المبدعين. واعتبارا للتحديات التي علينا رفعها يمكن ان نستخلص انه من المهم التذكير بأن رئيس الدولة يدعو دوما الكفاءات الى القيام بمجهود ضخم في احداث المؤسسات التنافسية. والتجربة تؤكد ان عقلية قيادة البحث العلمي ترفض الارتقاء بقيم جديدةوهذه الحالة لا يمكن معالجتها الا في اطاراكثر انصاف في توزيع المسؤولية وبإجراءات البناء الديمقراطي الذي يرفض انتقال المعلومةوالحصول عليها في كل الفضاءات من طرف الدولة والمؤسسات والمواطن وبهذا يتحقق التضامن والشعور بانتمائنا جميعا الى الوطن. هناك تجربة تؤكد أن قيادة البحث العلمي تلاقي صعوبة في التأقلم مع التغيرات الحاصلة وتعيش ازمة تتمثل في اختناق التنمية باغراق المؤسسات الجديدة بثرواتها ومبدعيها في مصلحتها العلمية وهذا من اهم اهدافها كما يشير اليه اسهامي في رفع التحديات بمؤسسة حجمها الانتاجي للإستهلاك والتصدير يساوي50 مؤسسة تونسية حجم الثمن الذي دفعته لتحقيق هذا الهدف اربع سنوات ونصف استثمار في البحث عن ثروات جديدة وكتب في المجال التكوين الاساتذة الجامعين والمهندسين مقابل هذا النجاح كانت المكافأة ان نكون ضحية انحراف قيادة البحث العلمي وهو السبب الاساسي من اسباب تراجع الاستثمار في القطاع الخاص خوفا من سلوكيات قيادة البحث العلمي التي تؤدي الى الافلاس لا شك ان قيادة البحث العلمي تمثل عبئا يزداد ثقلا من سنة الى اخرى باشتداد الضغوطات على ممارسة حرية الاستنباط والاضافة بهدف الوقوع في تدهور متواصل للعلاقات الابداعية وعدم الايمان بإمكانية تجاوزها. وبعد انعدام النظر في التصرف الغريب لقيادة البحث العلمي ادعو باجلال راعي النظام الديمقراطي الرئيس بن علي الى إيجاد حل عادل للقضية المطروحة وضع الابداع المعرفي والتكنولوجي في اولوية سياسة التنمية الشاملة واثبات بطريقة ان حق الباثح المبدع في احداث المؤسسات الصناعية والتشغيل وتحقيق الرفاهة هو حق مقدسم وله علوية الاولوية التامة على كل الحقوق الاساسسية الاخرى في البناء الحضاري الديمقراطي بالاعتماد على الذات.