يحيي العالم اليوم وكافة الشعوب والأمم المحبّة للعدل والسلام الذكرى 61 للاعلان العالمي لحقوق الانسان، هذا الاعلان الذي كان تتويجا لمسيرة نضالات خاضتها الفئات المضطهدة والقوى التقدمية من اجل التأسيس لعالم افضل تميّزه القيم الانسانية القائمة على العدل والمساواة وتترسّخ فيه الحريات النقابية والحريات العامة والفردية وتضمن فيه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية :الحق في التعليم المجاني وفي الصحة للجميع، الحق في الحماية الاجتماعية وفي الضمان الاجتماعي، الحق في التنظيم وفي التعبير الحرّ، الحق في شغل قار يضمن العيش الكريم، الحق في الانتساب النقابي وفي النشاط الحر بعيدا عن كافة الضغوطات وعن كل التأثيرات وعن اي تدخّل في الشؤون النقابية من اجل استقلالية القرار الضامن الأساسي للممارسة الديمقراطية البناّءة. انها الحقوق التي أضحت مهدّدة في ظل ما يشهده العالم من تحوّلات اقتصادية واجتماعية وسياسية جوهرها اقتصاد مفتوح يقوم على تنافس وحشي هدفه الربح الأقصى في بيئة تقلّصت فيها التوازنات بين الرقي الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، مخاطر ازدادت حدّتها في ظلّ الأزمة المالية الاقتصادية التي عمّقت معاناة الشعوب وقلّصت من فرص التشغيل وعمّقت ظاهرة البطالة وأثّرت سلبا على القدرة الشرائية لكافة الأجراء ومن تحصين عقود الشغل وتعميق الحق النقابي في الوظيفة عبر التنصيص الصريح على حقّ الاضراب فضلا عن جعل مسألة حق الشغل والحق في نظام جبائي عادل في صدارة اهتماماته . لقد اختارت منظمة الشغالين، في اطار تجسيم منحاها الحقوقي الانحياز الى القضايا العادلة في ظلّ عالم تعدّدت فيه انتهاكات حقوق الانسان واحتدّت فيه الاعتداءات على حقوق الشعوب في أنحاء مختلفة، اعتداءات مسّت وطننا العربي في فلسطين والعراق ولبنان وسوريا والسودان حيث يتواصل احتلال العراق وتتصاعد الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حقّ شعبنا في فلسطين بدعم واضح من امريكا وحلفائها وفي ظلّ صمت مستراب من أغلب القيادات العربية وانقسام حاد للفصائل الفلسطينية وتتواصل التهديدات لشعبنا في لبنان وفي السودان وفي عدد من الأقطار العربية. انها السياسات التي صاحبتها جملة من التراجعات الخطيرة وفي مواقع أخرى من العالم حيث تقلّص حق الشغل واصبح امتيازا تستفيد منه فئات دون اخرى وأضحى الحق في التعليم وفي الصحة مستهدفا وبات الحق في التنظيم النقابي الحرّ مهمّشا واحتدّت الاختلالات في التوازن بين مداخيل الضمان الاجتماعي وبين نفقاته في ضوء تنامي البطالة واستفحال التشغيل الهشّ وتقلّص هامش الحوار بين مكونات المجتمع ومنظّماته ممّا يمهّد لتوتّرات اجتماعية مرشّحة للتأثير على مناخ الاستقرار العالمي يظلّ محدّدا في مسار الرقي والتنمية. ان الذكرى 61 مناسبة نجدّد فيها التأكيد على أهمية النضال قطريا واقليميا وعالميا من اجل تثبيت الحقوق الأساسية للانسان والحقوق والحريات النقابية جزء لا يتجزّأ منها ونسجّل بارتياح اطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي راجين من السيد رئيس الجمهورية اعادتهم الى سالف عملهم وبنفس الروح وبتوجّه قوامه تصليب ارضية الحوار والتوافق، نجدّد الدعوة الى تمكين الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان من عقد مؤتمرها ومن احترام قرارات مناضليها باعتبارها مكسبا وطنيا يعكس ما ادركه مجتمعنا من خطوات في التأسي لهياكل هدفها ارساء آليات تسهم في الارتقاء بالمنظومة الحقوقية في بلادنا. تونس 10ديسمبر الأمين العام