تعتبر حوادث الإختناق بالغاز من أخطر الحوادث المنزلية فذلك المارد الخفي يتسلل إلى بيوتنا دون إستئنذان ويفتك بالصغار والكبار يصيب العرسان والرضع والطلبة فيقتل العديد منهم على عين المكان وقد ينجو البعض بصعوبة في حين يعيش البعض الآخر لكن في غيبوبة مدى الحياة وتصبح حياتهم جحيما لا يطاق كيف لا وهم عبارة عن جسد بلا حراك.. عائلات تشتت وأطفال إختنقوا بثاني أكسيد الكربون فكانت الحكايات التالية : جدت في الآونة الاخيرة العديد من حوادث الإختناق بالغاز وقد أصابت العرسان ممن توفوا على عين المكان وحتى الاطفال الصغار في عمر 5 و 6 سنوات من جهة حي الزهور والزهروني وقد نقلوا إلى مستشفى الاطفال بباب سعدون وتم إسعافهم ليكتب لهم عمر جديد ويوميا تسجل عشرات الحالات من الاطفال ممن إختنقوا بالغاز، إتصلنا بالسيد مولدي عمامو مدير مركز الاسعاف الطبي بمنفلوري عن بعض الحوادث ومخاطر الإختناق بالغاز حدثنا فقال : «تكثر مثل هذه الحوادث عادة في الفترة الممتدة بين أكتوبر إلى أواخر شهر مارس حيث أن إرتفاع درجات الحرارة يساهم بقسط كبير في إنخفاض مثل هذه الحوادث بإعتبار أن إستعمال وسائل التدفئة يقل وبحكم إرتفاع درجات الحرارة تصبح المنازل أكثر تهوئة ويقل غلق النوافذ والذي يكثر في فترات البرد مما يرفع من عدد الوفيات بالغاز في فترة الشتاء.. وبالتالي عادة ما تقل مثل هذه الحوادث كلما إقتربنا من الصيف ويضيف محدثي أن ٪85 من حوادث الإختناق بالغاز سببها الأول هو السخان المائي الذي يطلق في مثل هذه الحالات مجموعة من الافرازات هي التي تسبب الاختناق وتتمثل في ثاني أوكسيد الكربون مما يتسبب في الإختناق.. تركيب خاطئ ويرى محدثي أن أغلب الحوادث سببها بالأساس الطرق الخاطئة في تركيب السخانات المائية حيث أن بعض الأسر لا تهتم بمكان وضع «الشاروق» والذي يفرز فضلات الإحتراق فيكتفي البعض بثقب في الحائط أو يضعونه بطريقة غير سليمة فتدخل الافرازات إلى المنزل من جديد وحسب السيد مولدي عمامو فإنه وللأسف لا تزال العديد من الأسر تضع السخانات المائية داخل بيوت الاستحمام وفي ذلك خطر كبير على الاسرة في حالات تسرب الغاز.. لكن ليست السخانات المائية وحدها المسؤولة عن حوادث الإختناق بالغاز لأن أي وسيلة تدفئة وكل ماهو قابل للإشتعال بإمكانه أن يشكل خطرا على الانسان إذا غابت التهوئة لذلك لابد من وجود نافذة على الأقل مفتوحة وهو ما من شأنه تغيير الهواء داخل المنزل. عائلات بأكملها إختنقت وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الحوادث عادة ما تصيب عائلات بأكملها من الأب إلى الأخ إلى الأطفال وقد تم نقل بعض الحالات إلى المستشفيات وخاصة مراكز الاستعجالي وأبرز الحالات الواردة هي من أريانة ومنوبة والملاسين وتونس تقريبا مختلف المناطق ويضيف محدثي «يوميا نستقبل مثل هذه الحالات ولكن تختلف الخطورة من حالة إلى أخرى فكلما يتعرض الشخص لإستنشاق ثاني أوكسيد الكربون وكلما كانت الكمية أكبر كلما كانت الخطورة أكبر» وفي سؤال عما إذا كانت مثل هذه الحوادث تكثر في المناطق الشعبية دون سواها فقد أكد محدثي أن معظم الشرائح الواردة على المستشفى هي من مختلف المستويات والمناطق ومثال ذلك أن طبيبة معروفة إنتقلت للسكن بشقة بمنطقة راقية صحبة والدتها ووالدها وتعرضت العائلة بأكملها للإختناق بالغاز وكادت تهلك العائلة لولا ألطاف الله وقد مكثت هذه الطبيبة شهرا ونصف بالمستشفى إلى أن تماثلت للشفاء. كذلك ورد على مركز الطب الاستعجالي بمنفلوري منذ حوالي 20 يوما عديد الحالات ومنها عروسين لم يمض على زواجهما طويلا وقد نجم عن تسرب الغاز وفاة الزوج في حين بقيت العروس في غيبوبة ويضيف السيد مولدي أن هذه الغيبوبة مزمنة ولن تستفيق منها العروس أبدا. كذلك من أخطر الحالات الاخرى حكاية طالبة جامعية أصيلة منطقة قبلي تدرس بالعاصمة تعرضت للإختناق بالغاز وستعيش هذه الطالبة أيضا في غيبوبة مدى الحياة وقد مكثت بالمستشفى نحو 6 أشهر كاملة وهنا تدخل محدثي ليقول : «عادة ما تمكث مثل هذه الحالات بالمستشفى لفترة طويلة فكلما كان الشخص غير قادر على التنفس الطبيعي لا يمكنه مغادرة المستشفى وحتى وإن غادر المريض وتعرض لحالة غيبوبة فإن تماثله للشفاء شبه مستحيل وتتطلب مثل هذه الحالات عناية فائقة من الأهل لأن المرضى في الغالب عاجزون عن الأكل بمفردهم والقيام بمختلف النشاطات المعتادة وللأسف لدينا في تونس الكثير من ضحايا الغاز. علامات تسرب الغاز وعن أبرز علامات تسرب الغاز يوضح السيد مولدي عمامو أن ثاني أوكسيد الكربون لا رائحة ولا لون له ولا يمكن للشخص التفطن إليه تلقائيا لأنه لا توجد علامات تبين تسرب الغاز ولكن بالنسبة للأعراض فهي آلام بالرأس فكلما شعر الشخص بثقل وبحدة الآلام فإن ذلك دليل على تسرب للغاز كذلك يشعر المتعرض للإختناق بآلام حادة بالأذنين ثم قد تتفاقم الأعراض ليصل المصاب إلى مرحلة عدم التمييز بين الاتجاهات ثم يفقد الوعي وأول خطوة يجب القيام بها هي فتح النوافذ ودفع المصاب إلى إستنشاق الهواء ثم الاتصال بالرقم (198) لإسعاف المريض ومنحه الأوكسجين المطلوب وتختلف الخطورة من حالة إلى أخرى حسب الوقت والمدة التي إستنشق فيها الشخص ثاني أوكسيد الكربون وكمثال دخلت الزوجة للإستحمام وكان هناك تسرب للغاز ويوجد السخان بالمطبخ في قاعة الجلوس يتعرض الزوج لإستنشاق ثاني أوكسيد الكربون وبعد ذلك يدخل للإستحمام أي بعد زوجته عندما تخرج الزوجة فإن كمية ثاني أوكسيد الكربون تصبح أكثر من ذي قبل فتموت الزوجة في هذه الحالة قبل الزوج لأنه تعرض لكمية أقل. ولابد في النهاية من توخي الحذر لأن الإختناق بالغاز من أخطر الحوادث المنزلية التي قد ينجم عنها الوفاة وعلى مقتنيي المنازل الجديدة التثبت من كيفية وضع السخانات المائية وخاصة التثبت من أن «الشاروق» والذي يفرز الافرازات في وضعية سليمة.