وجاء هذا التنقيح بإضافات هامة ترمي كلها الى مزيد ترسيخ التعددية وتوسيع دائرة المشاركة وضمان الشفافية التامة في العملية الإنتخابية. ومن ضمن هذه التنقيحات إقرار الترفيع في عدد المقاعد المخصصة للمستوى الوطني في انتخابات أعضاء مجلس النواب الى 25 بالمائة. وقد نصّت الفقرة الأولى الجديدة من الفصل 72 من المجلة الإنتخابية على أنه «يضبط العدد الجملي للمقاعد بمجلس النواب بأمر على قاعدة مقعد بالنسبة الى كل ثمانية وأربعين ألفا وسبعمائة ساكن (48700) ويسند مقعد إضافي اذا أفضت العملية الى بقية تفوق نصف القاعدة السكانية المعتمدة لضبط العدد الجملي للمقاعد». وكانت القاعدة السكانية المعتمدة في الإنتخابات السابقة بنحو 52500 ساكن.. وسيمكن التخفيض من هذه القاعدة من الترفيع في عدد المقاعد على المستوى الوطني في مجلس النواب من 37 حاليا الى 53 مقعدا تقريبا أي بزيادة 16 مقعدا. هذا طبعا الى جانب الترفيع في العدد الجملي للمقاعد بمجلس النواب من 189 حاليا الى أكثر من 200 مقعدا... ذلك أن عدد المقاعد على المستوى الوطني يتّم تحديده بطرح مجموع المقاعد المخصّصة للدوائر من العدد الجملي للمقاعد... وبما أن القاعدة السكانية المعتمدة في تحديد عدد المقاعد المخصصة للدوائر لم يشملها التنقيح الاخير للمجلة الانتخابية فإنه يمكن القول بأن عدد هذه المقاعد قد لا يشهد تغييرا مقارنة بالانتخابات التي جرت في اكتوبر 2004 وكان الامر المؤرخ في 14 جويلية 2004 والمتعلق بضبط عدد المقاعد بمجلس النواب والدوائر الانتخابية قد حدّد عدد المقاعد المخصّصة للدوائر ب 152 مقعدا من مجموع 189 مقعدا بمجلس النواب. وإذا اعتمدنا نفس عدد المقاعد المخصصة للدوائر في الانتخابات السابقة وأضفنا إليه عدد المقاعد على المستوى الوطني باعتماد التنقيح الاخير للمجلة الانتخابية (152 + 53) فإن مجموع المقاعد بمجلس النواب سيكون في حدود 205 مقعدا. غير أن ما ينبغي التأكيد عليه أن عدد المقاعد بمجلس النواب والدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد على الدوائر سيحدّدها أمر يصدر لاحقا مثلما تنص على ذلك المجلة الانتخابية. وتكمن أهمية التنقيح الاخير للمجلة الانتخابية في كونه سيمكّن الاحزاب المعارضة من الترفيع في «حصّتها» في مجلس النواب ذلك أن توزيع المقاعد على المستوى الوطني يعني بدرجة أولى الاحزاب التي لم تفز بمقاعد على مستوى الدوائر وجاءت خصوصية التشريع الانتخابي في تونس في كونه يعتمد نظام الاغلبية في توزيع المقاعد على مستوى الدوائر وعلى نظام التمثيل النسبي في توزيع المقاعد على المستوى الوطني وقد مكنت هذه الطريقة بعض احزاب المعارضة من الظفر ببعض مقاعد مجلس النواب ما كانت لتظفر بها لو تمّ اعتماد طريقة أخرى في توزيع المقاعد. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا من سيستفيد أكثر من غيره من أحزاب المعارضة من الترفيع في «حصتها» في مجلس النواب وهل سيمكن هذا الترفيع لبعض الأحزاب «غير البرلمانية » من دخول مجلس النواب لأول مرة؟ تبقى صناديق الإقتراع وحدها الكفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة.