الداء البطني، الابطن، والداء الزلاقي، والسيلياك وأحيانا مرض حساسية الڨلوتين، أسماء كثيرة لمرض مناعي ذاتي مكتسب يصيب الامعاء الدقيقة. وهو من بين الأمراض المزمنة التي ترافق المصاب بها لسنوات، ويعاني المريض إثر الإصابة به من عدم قابلية هضم مادة "الغلوتين" الموجودة في القمح والمواد المستخرجة منه نتيجة الحساسية الحادة لها، حساسية تؤدّي إلى التهاب بطانة المعي الدقيق.
ولأن هذا المرض يتطلب نظاما غذائيا خاصا خاليا من الغلوتين، فإن المصابين به يعانون عدة صعوبات في اقتناء المواد الغذائية نظرا لغلائها من جهة وعدم توفرها بالشكل العادل من جهة أخرى.
مشاكل تعمقت مع الحجر الصحي الشامل
وصرخة السلياكيين في تونس تمتد الى ما قبل الكورونا، إذ طالما طالبوا بتوفير المواد الغذائية الخاصة بهم في كافة ولايات الجمهورية الى جانب دعم الدولة لهم، ولكن اليوم هذه المشاكل تعمقت مع الحجر الصحي الشامل.
وان تفاوتت مشاكل السلياكيين في تونس خلال الحجر الصحي، بين من نفذت مواده الغذائية الخاصة ومن اضطر الى تناول نوع واحد منها، وبين من لم بجد مراده حيث يسكن، فإنهم اجمعوا على أن مشكلتهم سبقت أزمة الكورونا وستظل بعد زوالها.
وفي حديثها مع حقائق أون لاين تقول سمية انها وجدت صعوبة في توفير بعض المواد الغذائية لابنها على اعتبار انها خيرت التوجه الى المساحات التجارية الكبرى في ظل إغلاق بعض المساحات العامة التجارية المختصة في صناعة المواد الغذائية الخالية من الڨلوتين ابوابها.
والحل في نظرها ان تتحرك وزارة التجارة من اجل توفير هذه المواد في كل المساحات التجارية الى جانب دعم وزارة الشؤون الاجتماعية لهذه الفئة من المرضى ممن يعانون ظروفا اقتصادية صعبة نظرا لارتفاع اسعار هذه المواد.
ومن جهتها تفصح ضحى عن استيائها من عدم قدرتعا على توفير المواد الغذائية خلال فترة الحجر الصحي مما اضطرها الى الاكتفاء بدقيق الذرة والارز الذي اعدته لوحدها.
ومن بين مشاكلها ايضا، ان أزمة الكورونا اقعدتها عن العمل وهو ما يجعلها غير قادرة ماديا على اقتناء مواد أخرى عبر الطلبات على المواقع الرقمية.
ونفس الموقف، تتقاسمه معها أميرة التي تعتبر ان السلياكيين لا يخظون باهتمام الدولة ولا يتمتعون بحقهم في الغذاء لاسباب منها الغلاء الفاحش للاسعار وعدم توفر المواد الخالية من الڨلوتين في كامل المناطق والجهات مما يضطر البعض للتنقل بعيدا لشرائها، وهو أمر صعب في ظل الحجر الصحي.
ومع الحجر الصحي الشامل تفاقمت أزمة بعض مرضى الابطن لأنه يتعذر عليهم التنقل لاقتناء المواد الغذائية الخاصة بهم، وفق حديث آمال إحدى المصابات بهذا المرض.
ومن بين مشاكل السلياكيين ايضا، حسب حديثها، غلاء المواد بالنسبة للفئات الضعيفة خاصة في ظل الظروف الراهنة وهو ما يتطلب تدخل وزارة الشؤون الاجتماعية.
وبعض المرضى يمضون عمرا في تناول الارز، لأنهم لا يقدرون على شراء بقية المواد لغلائها، وهو ما دفع عددا منهم الى توجيه نداء استغاثة عبر المجموعة الخاصة بهم لايجاد حل جذري لمشاكلهم.
وفي السياق ذاته تشير سلوى الى الغلاء الذي يرجعه المزودين الى توريد المواد الاولية وغياب البديل وهو الأمر الذي يضطر السيلياكي الى التعويل على وجبة واحدة في احيان كثيرة.
ومن بين المشاكل الاخرى التي تحدثت عنها غياب نقاط بيع المواد الخالية من الڨلوتين في المناطق الداخلية وهو ما يضاعف معاناة المرضى خاصة في فترة الحجر الصحي، وهو الأمر الذي اكدته سميرة التي تعاني من نفس الاشكال ما جعلها تنكب فقط على آكل الارز أو الذرة، وفق قولها.
والحجر الصحي جعل وحيدة عاجرة عن اقتناء المواد الغذائية التي كانت تقتنيها من مركز الولاية على اعتبار انها غير متوفرة في المناطق الريفية وهي معاناة يتقاسمها معها مرضى آخرون.
بارقة أمل..
ولأن بارقة الأمل في زمن الكورونا ظلت تشع وسط سوداوية الواقع، فإن بعض المبادرات الخيرية خففت من معاناة هذه الفئة إذ تقول إحدى المصابات بالأبطن ان جمعية في مدينة دوز أمنت دقيق الارز والذرة للسلياكيين وان صاحبة محل لبيع المواد الغذائية التزمت بتوفير الاغذية الخاصة بهم.
ومن جهته يقول أيمن شعباني، وهو صاحب مشروع لبيع المواد الغذائية الخالية من الغلوتين إن الحجر الصحي عمّق مشاكل السلياكيين.
ومحدثنا يعاني من مرض الابطن منذ ثمانية سنوات، وكانت هذه التجربة دافعا لأن يؤسس مشروعه الخاص والمتمثل في بيع المواد الخالية من الڨلوتين وهو خريج المحاسبة.
وبعد دورات تكوينية في تونس وخارجها، رأى مشروعه النور في ظل نقص كبير في نقاط بيع المواد الخالية من الڨلوتين في كامل الجمهورية.
وفي ظل هذا النقص تشهد الأسعار ارتفاعا يحول دون حصول بعض المرضى على المواد الخاصة بنظامهم الغذائي خاصة في الظرف الراهن، الأمر الذي دفعه الى إطلاق مبادرة تخفف وطأة المشاكل.
والمبادرة تتمثل، حسب محدثنا، في جمع مساعدات سواء كانت اموال أو مواد غذائية خالية من الڨلوتين وتوزيعها على من تعذر عليه شراؤها.