تونس 5 جانفي 2011 (وات) - احتل الشباب ولا يزال صدارة الأولويات الوطنية بوصفه رمز المستقبل وقوة الدفع لتحقيق المزيد من مقومات النماء والمناعة. وتكريسا لتلك المكانة الطلائعية استفاد الشباب التونسي على مدار أكثر من عقدين من مبادرات إصلاحية وإجراءات وبرامج خصوصية استهدفت الارتقاء بمكانته وتعزيز دوره التنموي وتفعيل مشاركته في الحياة العامة. وقد حظيت المقاربة التنموية الوطنية التي تعلي مكانة الشباب وتستثمر في سبل ارتقائه معرفيا وماديا بالتتويج عالميا سنة 2010 من خلال مصادقة الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة بالإجماع على مبادرة الرئيس زين العابدين بن علي المتعلقة بإعلان سنة 2010 "سنة دولية للشباب". وكان موكب انطلاق الاحتفالات العالمية بهذه السنة الدولية يوم 12 أوت الماضي من مقر الأممالمتحدةبنيويورك وهو موكب حظيت فيه تونس بصفة ضيف الشرف محطة مميزة أبرز فيها شباب العالم ما تنطوي عليه مبادرة تونس من معان وأبعاد إنسانية تؤسس لمستقبل آمن يسوده التقارب والتسامح والسلم والتضامن ونبذ كل أشكال العنف والتطرف. كما كان للكلمة البليغة التي توجه بها رئيس الدولة الى الشباب التونسي في الداخل والخارج إيذانا بانطلاق الاحتفالات على الصعيد الوطني الصدى الايجابي الكبير حيث دعاهم إلى المشاركة النشيطة في التظاهرات الوطنية والجهوية حاثا إياهم على الحرص على ربط جسور المودة والحوار مع غيرهم من الشباب من مختلف الحضارات والثقافات وإرساء علاقات احترام معهم قوامها التفاهم والتسامح وإشاعة مقومات الخير والسلام. وحرصا على المساهمة الفاعلة في إنجاح فعاليات هذه التظاهرة الدولية تكثفت الانشطة على المستويين الوطني والجهوي بالتعاون مع الهياكل الحكومية والأحزاب الوطنية والمنظمات والجمعيات وبقية هياكل المجتمع المدني وتعددت مشاركة الوفود التونسية في كبرى التظاهرات الدولية على غرار المؤتمر العالمي للشباب بالمكسيك في اوت الماضي وأعمال اللجنة الثالثة للدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بالشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية في نيويورك في اكتوبر الماضي. وليس من التجاوز في شيء القول بأن سنة 2010 مثلت في تونس "السنة الشبابية بامتياز" لما تضمنته من أحداث شبابية هامة ومن كم زاخر من الإجراءات والقرارات الرائدة التي جاءت لتعزز مكاسب هذه الشريحة البارزة من المجتمع التونسي على أكثر من صعيد. وفي هذا الإطار أتى تركيز برلمان الشباب يوم 25 جويلية الماضي ليسهم في تعميق مسارات الإصلاح السياسي ونشر ثقافة الممارسة الديمقراطية لدى هذه الشريحة فضلا عن ترسيخ مقومات المواطنة لدى الشباب وتفعيل مشاركته في الشأن العام السياسي منه والتنموي. وقد أذن رئيس الدولة في الذكرى الثالثة والعشرين للتحول بأن يتناول البرلمان خلال دورته في شهر مارس 2011 دراسة مشروع الإعلان الذي سينبثق عن المؤتمر العالمي للشباب المقرر لصائفة 2011 بإشراف منظمة الأممالمتحدة وذلك في خطوة من أجل تشريك الشباب التونسي في إثراء الوثيقة المرجع التي ستتوج فعاليات السنة الدولية. وتعد الإجراءات التي أقرها الرئيس زين العابدين بن علي لفائدة قطاع الشباب في أكتوبر الماضي لدى إشرافه على مجلس وزاري للنظر في تجسيم أهداف البرنامج الرئاسي "معا لرفع التحديات" حلقة جديدة في مسار تعزيز الإحاطة بالشباب ومزيد الارتقاء بواقعه واستشراف مستقبل أفضل له. ويجسد القرار المتعلق بالشروع في تركيز المنتديات الجهوية والمنتدى الوطني للحوار مع الشباب الارادة السياسية الثابتة في حفز الشباب على التعبير عن آرائه واستقراء تصوراته بخصوص أساليب التعاطي مع وسائل التواصل الحديثة. وفي إطار دورية الاستشارات مع الشباب التي دأبت تونس على تنظيمها مرة كل خمس سنوات للاستئناس بنتائجها عند إعداد المخططات التنموية شهدت سنة 2010 إنجاز الاستشارة الشبابية الرابعة تحت شعار "شباب قادر على رفع التحديات" لاستجلاء آراء الشباب وتطلعاته وتعزيز مساهمته في رسم ملامح السياسة الشبابية وبرامجها. كما تجددت مظاهر العناية من خلال إطلاق بوابة الشباب والرياضة في شكلها التفاعلي الجديد وتركيز خلية تهتم بالاتصال مع الشباب عبر التكنولوجيات الحديثة صلب وزارة الشباب والرياضة والتربية البدنية. وفي إطار مواصلة تكريس البعد التضامني وقيم التآزر تم وضع إطار قانوني جديد ينظم العمل التطوعي ويحقق مساهمة أوسع للشباب في الحقل الاجتماعي وفي مختلف المجالات ذات المصلحة العامة والنشاط الخيري. وتعمل الدولة في هذا الإطار على حث الشباب على الانخراط في الشبكات العالمية للخدمات المدنية التطوعية قصد مزيد دعم تكوينهم الميداني وتحسين تشغيليتهم وتطوير قدراتهم على الاندماج الاقتصادي والاجتماعي سيما على المستوى العالمي. وتجسيما لصياغة الاستراتيجية الوطنية للشباب (2009-2014) التي تشكل إطارا مرجعيا لمزيد النهوض بواقع هذه الشريحة الاجتماعية وتحقيق تطلعاتها خاصة في مجالات التعليم والتكوين والتشغيل وتكنولوجيات الاتصال، أذن رئيس الدولة بوضع آليات للتنفيذ والتنسيق والرصد والتقييم، من خلال منهجية تتسم بالدقة والموضوعية والنجاعة، وتتميز بمشاركة واسعة وفعالة من قبل الشباب. وستتجه الجهود في السنة الحالية 2011 نحو وضع الخطط العملية لتجسيم هذه الاستراتيجية وتطوير التقرير السنوي لأوضاع الشباب إلى تقرير متابعة وتقييم لتنفيذ هذه الاستراتيجية. واعتبارا لحق الشباب في الترفيه عرفت برامج الترفيه والسياحة الشبابية دفعا قويا خاصة من خلال القرار الرئاسي القاضي بالتخفيض بنسبة 50 بالمائة من معلوم الرحلات البحرية والجوية لفائدة الشباب سنة 2010 ومواصلة تنفيذ الخطة الوطنية لتأهيل مراكز الإقامة والتخييم والاصطياف وتهيئة الفضاءات الترفيهية بمؤسسات الشباب. وستتواصل جهود الدولة في هذا الصدد من أجل تحسين ظروف الإيواء والاستجمام بمراكز التخييم والاصطياف ومراكز الإقامة والارتقاء بمستوى خدماتها فضلا عن تمكين الشباب من إحكام استغلال أوقاته الحرة في فضاءات ترفيهية ملائمة لاسيما شباب الأحياء ذات الكثافة السكانية والمناطق الداخلية من خلال تطوير البنية الأساسية الترفيهية وتنظيم الرحلات والمخيمات. وعلى مستوى حفز القطاع الخاص على الاستثمار في المجال الشبابي سيتواصل تمتيع المستثمرين بامتياز اقتناء أراض بالدينار الرمزي لبعث الفضاءات الترفيهية للشباب والأطفال. كما ستشهد منظومة التنشيط الشبابي تطورا هاما من خلال تنويعها وإثرائها في كل المجالات العلمية والتكنولوجية والثقافية حيث سيتواصل نشر الثقافة الرقمية بهذه المؤسسات التي ارتفع عددها الى 307 دار شباب بعد أن تم سنة 2010 إحداث 3 دور جديدة بالإضافة إلى إحداث مركب شبابي في الكاف. وسيتم في هذا الإطار دعم هذه المؤسسات بالتكنولوجيات الحديثة للاتصال والوسائل متعددة الوسائط وربطها بالسعة العالية للانترنات وتوفير الإطارات الفنية المختصة فضلا عن توسيع تجربة نوادي الإعلامية المتنقلة لتغطية المناطق الريفية والعمل على دعم انفتاح المؤسسات الشبابية على محيطها بإرساء شراكة فاعلة مع المؤسسات التربوية والثقافية الرياضية ومختلف مكونات المجتمع المدني. ودعما للعمل البيئي وترسيخا لمفهوم التنمية المستدامة لدى هذه الشريحة الاجتماعية من المنتظر أن يتم تركيز منتدى للشباب والبيئة بخمس دور شباب إلى جانب دعم مختلف نوادي الاختصاص لإكساب الشباب ثقافة ثرية ومتنوعة ترتكز على تنمية المواهب الإبداعية والفكرية للرفع من مؤهلاته في مختلف الميادين. ولا ريب في أن تونس التي راهنت على الشباب وحرصت على استثمار ما يتحلى به من إرادة وطموح في كل ما له علاقة بوطنه وبعالمه تعول على أجيالها الصاعدة لرفع تحديات المستقبل وهو ما يدعو الشباب التونسي للعمل والبذل لتحصيل العلوم واكتساب المعارف بما يؤهلهم للمساهمة الفاعلة في كسب رهانات الغد ودفع مسيرة تونس على درب التنمية والإصلاح والتحديث.