يستطيع طارق الغريسي أن يلخص لنا مشكلته في ثوان : «اشتريت سيارة تونسية في ظروف قانونية ثم افتكوها مني دون أن أفهم حتى لماذا»؟ أما حين يستسلم للحديث عن مشاعر الأسى التي انتابته منذ أن فقد سيارته دون أن يفهم المبررات فلا يكاد يتوقف بسبب غرابة ما حدث له. يقول طارق الغريسي الذي كان نجم كرة قدم معروف منذ زمن بعيد في تونس : «يؤلمني كثيرا أني لا أفهم ما حدث لي، أني لا أجد من يتحمل المسؤولية فيما حدث لي من خسارة فادحة، قبل ذلك كانت هذه السيارة في خدمة زوجتي وأبنائي ثم وجدنا أنفسنا فجأة ودون أن نقترف شيئا نطارد سيارات الأجرة». بطاقة رمادية يعود طارق الغريسي بذاكرته إلى أربعة أعوام حين جمع مدخراته المالية وتوجه الى العاصمة لشراء سيارة لأسرته، يقول : «لأن الأمر يتعلق بعائلتي فقد كنت مستعدا للتضحية بكل ما أملك لكي تكون فاخرة ومتميزة على كل المستويات، لم أكن مستعدا لأية مغامرة بسيارة العائلة، لذلك اخترت أن أشتريها من بائع رسمي معترف به أيا كان الثمن». لدى أحد أشهر معارض السيارات الحديثة في تونس، عاين طارق الغريسي أنموذجا لسيارة يابانية نال اعجابه واعجاب أسرته لم يتطرق له الشك أبدا في الوضع القانوني للسيارات المعروضة والتي قارب سعر أحداها 200 ألف دينار وكان صاحب هذا المعرض يعلن عن أحدث أنواع السيارات العالمية في الصحف في ظروف قانونية لا يتطرق إليها الشك. يضيف طارق الغريسي : «ثم إن كل السيارات المعروضة تحمل بطاقات رمادية قانونية» وهكذا دفع 63 ألف و500 دينار ثمن السيارة التي نالت اعجاب أسرته واعجابه وعاد بها إلى بيته بعد أن أتم كل الاجراءات القانونية من معاينة السيارة لدى مصالح الفحص الفني للسيارات والحصول على بطاقتها الرمادية الجديدة باسمه. لقد أوفت تلك السيارة بوعودها من حيث الأمان والرفاهة لأسرته وظل الأمر كذلك حتى غرة أفريل الماضي حين قدم محققو الديوانة الى بيت طارق الغريسي لحجز السيارة. قدم محققو الديوانة إليه وصلا في حجز سيارته، لكن دون أن يفهم شيئا أو أن يجد من يعوض له خسارته. تبين له فيما بعد أن الحجز جاء بأمر من وكيل الجمهورية لدى محكمة تونس لكن دون تفاصيل أخرى. إذا كانت هذه السيارة تواجه مشاكل فكيف مرت بكل المراحل القانونية حتى البيع والحصول على بطاقة رمادية جديدة ثم العرض في واجهات أحد أشهر معارض السيارات؟ ثم كيف حصلت هذه السيارة على بطاقة رمادية دون أن تثير الشبهة؟ كيف ظلت لديه أربع سنوات دون أن تثير الشكوك حتى أنه سافر بها إلى الخارج مرارا؟ يعتقد السيد الغريسي أنه بصفته مواطنا يحترم القانون يعول على مصالح الدولة لحمايته ويعتبر أن الدولة هي الضامن لمثل هذه العمليات التجارية لأنها هي التي ترخص لمثل هذه المعارض في توريد السيارات وهي التي تتولى معاينتها من الناحية الفنية والقانونية لتمنحها وثائق ملكية وجولان تونسية ويضيف بمرارة : «لو كنت اشتريتها بنفسي من بلد أجنبي لحق علي اللوم لكني اشتريتها من متجر تونسي معروف تحت مراقبة كل مصالح الدولة» والغريب أن صاحب المعرض لا يعترف بأي تقصير في ما حدث ويرفض التعويض له فيما لم تقدم له مصالح الديوانة أو النيابة العمومية ما يبرر حجز السيارة أو حتى وجهة الأبحاث أو طبيعة المشكل الذي يحيط بالسيارة لذلك يقول : «لا تستطيع أن تتخيل المرارة التي أحسها كل يوم، ثم إن 63 ألف و500 دينار هي مدخرات عمر كامل، أكتب أرجوك إلى من يهمه الأمر فقط لكي أفهم أين خطئي حين اشتريت هذه السيارة تحت حماية مصالح الدولة التي منحتها بطاقة رمادية؟»