بينما تشهد الساحة السياسية الأمريكية حوارا ساخنا وسامّا وشرسا حول العراق وكل ما له صلة باستراتيجية «مكافحة الإرهاب» حصان طروادة المحافظين الجدد أشعر وكأن القيادات العربية صاحبة القرار تتابع مثل سائر المواطنين المغلوبين الأحداث عن طريق شاشة التلفزيون.. حيث يكتفي العرب بدور «الرّشامة».. اليوم جرح اثنان ومات ثالث في العراق وقتل خمسة وجرح «برشة» في فلسطين.. أمس ضربت العراق وغدا سوريا وبعد غد إيران.. وطلّع تربح المليون.. في الأثناء وضعت أمريكا خطة الاعلام قبل خطة الحرب وجهزت ديكور سيناريو قديم فإذا بنا نشهد نفس المفردات التي كانت تستعمل في الحرب العالمية الثانية.. هناك قوات التحالف التي تسعى الى التحرير وهناك المحور وقوات الجبروت والدّمار..وهناك اليهود الذين يعانون من العنصرية البغيضة ويعيشون في محيط عدائي ومتخلّف.. حتى الجدار الذي يبنى الآن على أجساد الفلسطينيين حجارته قادمة من نفس ذلك الجدار الذي فرّق العباد والأكباد في برلين.. كل يوم تقصف اسرائيل المدنيين وتقتل الأطفال وتهدم البيوت ولا أحد يجرؤ على أن ينبس ببنت شفة مخافة اللعنة.. لعنة معاداة السّامية.. وصارت صور الأشلاء والخراب أمرا عاديا لا يستفز الغرب الذي نفخ كلانا بالقيم الانسانية ولا العرب الذين تلحفوا بالصّمت المريب لا تشقه أحيانا إلا تصريحات إنشائية تصبّ الملح في الجرح وتطيّب خاطر الأمريكان وتساوي بين الجلاد والضحية في فلسطين.. وحين يجتمع المهرولون والمتسوّلون لا تسمع جعجعة ولكنك ترى طحينا.. بعد أيام، يحلّ رمضان وسيجد حال العرب أسوأ من العام الماضي كيف لا ومدافع العرب لا تستعمل إلا في هذا الشهر.. لإعلان الإفطار..