أن تكون مشهورا أمر ليس بالهيّن إذ دونك والشهرة جهد كبير ونفس طويل ومثابرة وكذلك حظوظ! وليست الشهرة دوما نتاج عمل دؤوب وكفاءة بيّنة وذكاء متميز فقط وإن كان لا مناص من توفر هذه العوامل فهي أي الشهرة تحصل أحيانا بفعل الصدفة أو الحظ أو الدعاية المغشوشة، تماما كما يقع الترويج لبضاعة كاسدة! فبعض الوجوه البارزة قفزت الى عالم الشهرة وهي فاقدة لكل ما يميزها عن غيرها من الاشخاص العاديين، بل قد تجد لدى كثير من الناس المغمورين مؤهلات ومواهب لو وجدت الرعاية والاحاطة اللازمتين لأصبح لها شأن عظيم ولاستفادت وأفادت وأسهمت أيما إسهام في الرقيّ بالمجموعة نحو الافضل! يشعر الواحد منا بالاسف ويصاب بالقرف وهو يشاهد أحد هؤلاء المفلسين واضعا رجلا على رجل وهو يتحدث بنرجسية بغيضة عن مسيرته المظفرة وعن إبداعاته وصولاته وجولاته والغريب أن أمثال هؤلاء كثيرون ولهم جمهور عريض ويحظون بكل الحب والتقدير، لكن ماذا تريدون انه مظهر من مظاهر أو صورة من صور هذا الزمن التعيس! وفي اعتقادي أن أمثال هؤلاء سيطويهم النسيان فهو كالزبد الذي يذهب جفاء فلا يبقى إلا ما ينفع البلاد والعباد. وللشهرة وجه آخر فهي وإن كانت تفتح الباب على مصراعيه أمام تحقيق النجاحات وولوج عالم الثراء والجاه فإنها تحدّ من حرية الفرد المشهور بما أنه يصبح محطّ أنظار الجميع، فالكل يلاحقه ويحصي عليه تحركاته وسكناته، فهو بهذه الوضعية لم يعد ملك نفسه ولن يمارس حياته بعفوية وحرية وهذا من شأنه أن يولّد في الشخص المعني مشاعر التوتر والقلق النفسي خصوصا إذا كان الجانب الروحي لدى صاحبنا باهتا أو منعدما تماما فإن ذلك سيؤدي به الى الانهيار والانتحار. وقد حصل هذا في عالم المشاهير ومازال يحصل طالما انتفى الجانب الروحي لدى الانسان وهيمنت المادة على العقول والاجسام!