لا شك أن العلاقات التركية الاسرائيلية أصبحت مرشحة لقطيعة تامة هذا اذا لم تكن آيلة الى مواجهة حقيقية. فتركيا أصبحت بالمنطق الاسرائيلي تمثل خطرا على الكيان الصهيوني اذ إضافة الى تقوية علاقاتها مع الأطراف الممانعة العربية التي تتهمها اسرائيل بالارهاب وبالسعي للقضاء على دولة اسرائيل فإنها تحيك منذ مدة علاقات متطورة جدا مع ايران التي يدعو رئيسها أحمدي نجاد الى انهاء اسرائيل ويتوعدها بالفناء التام مترجما بذلك لغويا ايديولوجيا الثورة الاسلامية منذ شرارتها الاولى. وفوق ذلك فإن تركيا ليست أي دولة تمثل ثقلا واقعيا ورمزيا، إن في محيطها الاسلامي أو على مستوى موقعها الاوروبي، وهي أيضا أول دولة مسلمة تعترف بإسرائيل وتقيم معها علاقات وتجاريها في تصورها لمعاني الحضارة ومفاهيم اللائكية وتلتقي معها في احتقار واستعداء العرب. وأن تنقلب دولة كتركيا على اسرائيل وتذهب الى كل هذا «العداء» فإن ذلك يضرّ بإسرائيل ويحاصرها استراتيجيا بكل المعاني الامنية والسياسية وحتى الثقافية الحضارية. ثم أن تتحالف مع أعداء تاريخيين لإسرائيل، فهذا معناه انها سوف تصبح طرفا مباشرا في الصراع وأنها سوف تشكل صراعها معها في أشكال أقوى من الحالية وأشدّ خطرا ووطأة على اسرائيل. وبالتالي فإنه لا يوجد أدنى شك بأن هذه الأخيرة بصدد حبك سياسات وحتى مؤامرات ضد تركيا وضد الحزب الذي يحكمها الآن فالخطر هذه المرّة حقيقي والغول التركي يرعد ويزبد علنا وبالمكشوف متجاوزا مصالحه القديمة ودائسا على ماض مشترك وغير عابئ البتة بما يسببه من خسائر لإسرائيل. إن الخلاصة التي وصل اليها العقل السياسي الصهيوني في هذه الازمة تتمثل في أن اسرائيل هانت على تركيا وأن السبب في ذلك هو صعود حزب نفسه اسلامي يحلل الأشياء من زاوية عقائدية وإن حاول أن يلبسها ثوب الحداثة والتقدم ويرى بالضرورة في اسرائيل عدوا ويجب عليه بالتالي وبالمعنى العقائدي أن يواجهه. أما القول بخيارات تركية جديدة أملاها غلق أبواب أوروبا عن الأتراك وتحالف أمريكا مع أتراك العراق وحاجة تركيا الأكيدة لما يساعدها على قفزة اقتصادية كبرى ويزيد من قوّتها ومناعتها فتفاصيل صغيرة أمام ضعف قادتها كلّما تأمّلوا صورة المسجد الأقصى.