1 في طعم الولادة الاولى بعد عقود انتظار... في ساحة ثقافية صغيرة وتقليدية ومكبلة... وبعد صراعات طويلة مع النفس والجيب والمدينة القاتلة للابداع... في زحام ساحة ثقافية مريرة وحياة متعبة ضيع نجم الدين سنوات طويلة انقطع في بعضها عن الشعر وغاب عن المشهد... وها هو قبيل الخمسين يصدر باكورته الشعرية الاولى رغم أنه كان في ساحة الشعر منذ نعومة أظافره... 2 جاء نجم الدين بعد مخاض طويل محملا بجراح كثيرة ومتنوعة لفها في غلاف ذي دلالات عديدة... ورود وأغلال في الغلاف الأول وخريف ورحيل وعلى الكتف قلب في الغلاف الثاني... لا يمكن ان يمر الغلاف دون تعليق وتحليل وسيكون سندا نقديا... 3 جاء وعلى كتفه أوجاع كثيرة... عشق وعروبة وحياة... رافعا قصائد مهووسة وجريئة ومتنوعة... بكى نجم الدين الشهيد صدام وتألم للحال العربي وسخر كثيرا... تلك السخرية الجارحة التي تداوي الجراح... 4 تتفاعل قصائد نجم مع الراهن العربي لذلك تحضر قصائد الأحداث ويبدو ان اكثر قصائد هذا النوع قيلت في فترة غزو العراق حيث نجد قصائد عن محمد الدرة وإعدام صدام وعالم جورج بوش وحذاء الزيدي كما نجد قصائد تعبر عن نفسية الفرد العربي المحبطة وعن اليأس الذي دب من ذلك قصيدة «نبوءة في زمن الالحاد» التي تطرق فيها الى القمم العربية «يعودون حتما بخفي حنين وشرخ جديد وبعض الوصايا وكل يعد بصمت بنود الكمين» 5 يجيء نجم الدين في هذا الخريف بهذا الكتاب الاول حاملا أوجاعا كثيرة وكاتبا نصوصا فيها الكثير من الذكاء الشعري والكثير من المرارة والمكابدة... لكن الجرح واحد ولعله جرح الانسان العربي عموما... يجيء مختارا لجزء من سجله الشعري على امتداد عقود حاملا شعرا سلسا مستمدا من أعماق الواقع اليومي والعربي مبتعدا عن التجريب اللغوي الممل... وحاملا بعض المشاغبات الشعرية (التي يسميها بعضهم من باب التخفيف مشاكسات). 6 هذا الكتاب الذي مازلنا نتذوقه ونقرؤه القراءات الاولى التي يغلب عليها احساس بالفرح كلما تمكن مبدع معان من اصدار عمل لأن اصدارات من يستقوون بمالهم وجاههم تزيدنا كآبة حمل عنوان «أوجاع كثيرة لجرح واحد» وقد ضم جملة من قصائد الشاعر نجم الدين الحمدوني ونصوصه التي عرف ببعضها في الامسيات الشعرية.ولنا عودة.