بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية تحت 19 عاما (ذكور)- مقابلات ترتيبية من 5 الى 8 - فوز تونس على الارجنتين 2-0    بكالوريا 2025: المتفوقون وطنياً يتوزعون على ست ولايات وتلميذ من أريانة يحقق معدل 19,95    11.5 مليون دولار وهدف عالمي.. الترجي ينعش آماله في مونديال الأندية    بطولة الجزائر - مولودية الجزائر تتوج باللقب تحت قيادة المدرب خالد بن يحيي    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    حرب قذرة وطويلة: الموساد يغتال علماء الذرّة    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    دول تتمرّد على الاتفاقيات الدولية وترسانة بيد المجانين .. العالم تحت مقصلة النووي    استخدام المروحة ''عكس المتوقع'': الطريقة الأذكى لتبريد المنزل في الصيف    بارومتر 2025: 13٪ من التونسيين ملتزمون بالإستهلاك المسؤول    حملة رقابية مشتركة بشاطئ غار الملح: رفع 37 مخالفة اقتصادية وصحية    عاجل: قائمة المتفوقين في بكالوريا 2025... أرقام قياسية وأسماء لامعة!    نسبة النجاح في الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025 تبلغ 37,08 بالمائة    نتائج بكالوريا 2025: نظرة على الدورة الرئيسية ونسبة المؤجلين    صفاقس: 100% نسبة نجاح التلاميذ المكفوفين في باكالوريا 2025    بن عروس : "كبارنا في اعيننا ..وبر الوالدين في قلوبنا" عنوان تظاهرة متعددة الفقرات لفائدة المسنين    الميناء التجاري بجرجيس مكسب مازال في حاجة للتطوير تجاريا و سياحيا    "نيويورك تايمز": المرشد الإيراني يتحسّب من اغتياله ويسمّي خلفاءه    المهدية : تنفيذ عمليات رقابية بالمؤسسات السياحية للنهوض بجودة خدماتها وتأطير مسؤوليها    عاجل: وزارة الفلاحة تحذّر التونسيين من سمك ''ميّت''    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    عاجل: بداية الإعلان عن نتائج الباكالوريا عبر الإرساليات القصيرة    Titre    الدورة 56 لمهرجان الساف بالهوارية ستكون دورة اطلاق مشروع ادراج فن البيزرة بالهوارية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو (مدير المهرجان)    المنستير: انطلاق المسابقة الدولية في التصوير الفوتوغرافي والفيديو تحت الماء بعد تأجيلها بيوم بسبب الأحوال الجوية    كأس العالم للأندية 2025: ريال مدريد يواجه باتشوكا المكسيكي والهلال يلتقي سالزبورغ النمساوي    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    باجة : إجراء 14 عملية جراحية مجانية على العين لفائدة ضعاف الدخل [صور + فيديو ]    محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    "هآرتس": تحرك قاذفات أمريكية قادرة على تدمير "فوردو" الإيرانية    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    قبلي: حادث مرور يودي بحياة جزائري وإصابة مرافقه    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    توقيع اتفاقية قرض بقيمة 6,5 مليون أورو لإطلاق مشروع "تونس المهنية"    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    كأس العالم للأندية: برنامج مباريات اليوم السبت    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر عربية : يكتبها اليوم من بيروت الأستاذ ناصر قنديل : الأزمات القادمة على المنطقة
نشر في الشروق يوم 28 - 12 - 2010

تبدو المنطقة كسماء ملبدة بغيوم أزمات متعددة قادمة معا، كما لم تكن عليه الحال ربما منذ أكثر من نصف قرن، وربما يكون التشابه قابلا للمقارنة مع ما عرفته المنطقة مع أزمة الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي.
في تلك الأيام شهدت المنطقة ولادة إسرائيل ككيان سياسي على حساب محنة الشعب الفلسطيني وعذاباته، فيما تكرس تقسيم المنطقة إلى مجموعة من الدول مع إعلان الإستقلال الوطني المتلاحق لكياناتها، بينما كانت بوادر أزمات إقتصادية وإجتماعية تلف بحبلها خناق الطبقات المنتجة والقوى العاملة، وغياب آفاق واضحة لمواكبة ومواجهة هذه الأزمات.
هذه الفترة تبدو أشد تعقيدا، فالصراع المركزي الذي كانت القضية الفلسطينية محوره لستة عقود مضت، وفرض نفسه على السياسة المحلية لكل بلد عربي، يدور في حلقة مفرغة بعد جولات من الحروب والتسويات.
ويبدو الحل أبعد من اي وقت مضى، وترتبط بهذا الفراغ العلاقة المركزية للبلاد العربية بالدولة الأعظم في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، مهما حاول بعض المفكرين والمعنيين الفصل بين المستويين، فالمزاج الشعبي يزداد شعورا بالعداء للسياسات الأمريكية بسبب موقفها من القضية الفلسطينية، والتصاقها الفاقد لأي شرعية أخلاقية بالسياسات الإسرائيلية العارية من اي غطاء أو تبرير يبعد عنها صفة الجريمة المعلنة والمتمادية، مما يعني نظاما عالميا قائما على العنصرية والجريمة، يفقد كل جاذبية مفترضة في نظر الشعوب ويضعها في حالة القلق والتوتر التي تنشأ عنها الفوضى عادة ويتزعزع بسببها الإستقرار.
وعلى جهة موازية لهذا كله يتغير المشهد الإقتصادي الإجتماعي في البلاد العربية بلا إستثناء، رغم تزايد الموارد الناتجة عن إرتفاع اسعار النفط، حيث يعيش العالم كله تداعيات الأزمة المالية الكبرى الناجمة عن كساد الإقتصاد الأمريكي، ونضوب الكثير من موارد قوته التي إستنزفت في حروب لا طائل منها، وضعت الإقتصاد الأعظم في الدولة الأعظم أمام مأزق بنيوي غير مسبوق، وخلافا لظاهر الأشياء فقد ترتب عن هذه الأزمة ترددات بطيئة طالت كل الإقتصادات العالمية، ولو بتفاوت المدى الزمني للشعور بآثارها وتبدل درجات الإهتزاز التي حملتها، لكن الخطير فيها أنها بنيوية أيضا، أي من النوع الذي لا تمكن مواجهته بالإجراءات الإدارية، ومثلما دخلت العديد من دول الإتحاد الأوروبي في مدارات هذه الأزمة متأخرة عن توقيت نشأتها وتفاعلاتها الأمريكية، تبدو ساعة الترددات العربية للأزمة في طريق التحول إلى منخفضات قاسية وعواصف عاتية، بدءا من توقف دوران دولاب الهجرة التي كانت تمتص جزءا كبيرا من فائض العمالة، مرورا بتراجع واردات التحويلات الناتجة عن التصدير والمهاجرين معا، بسبب كساد الإقتصادات الغربية، وصولا إلى نضوب الموارد الحكومية اللازمة لملاقاة التفجرات الاجتماعية متزايدة الحضور.
يجري كل ذلك فيما التشكيل السياسي للنظام العربي المولود مع الإستقلال في حقبة الخمسينات لم ينجح في بناء آليات سلسة لإمتصاص الأزمات والإحتقانات، ومصادر القلق والتوتر وبالتالي نقل الحياة السياسية من الشارع إلى المؤسسات، وعندما تتعاظم عناصر اليأس والتوتر والقلق تصبح الحاجة لبنى سياسية تعطل مفاعيل المزيد من التدهور قضية وطنية وقومية، لا يجوز مقاربتها بمنطق الفئوية الضيقة سواء من قوى الحكم أو المعارضة، فلا القوى الحاكمة يحق لها الإفتراض أن مزيد الإنفراد والتجاهل وإدارة الظهر يمكن أن يعالج التصاعد في التوتر القادم لا محالة، ولا قوى المعارضة يحق لها مقاربة الأزمات بمنطق التوظيف المصلحي لتحقيق مكاسب ضيقة وتسجيل نقاط واستثمار القلق بتشجيع الذهاب إلى الفوضى.
وبمقدار ما يبدو الإستمرار وفق القواعد القديمة لصناعة الإستقرار مستحيلا، يبدو الإسهام في زعزعة الإستقرار بحسابات التوظيف السياسي الضيق مخاطرة غير مضمونة النتائج، وتتقدم معادلة واحدة قابلة للحياة، هي معادلة الوفاق الوطني التي تحتاج إلى درجة عالية من روح المسؤولية والعقلانية لدى اللاعبين السياسيين حكاما ومعارضين.
التوترات التي ستصاحبها أصوات مرتفعة تأتي بينما تتجه بعض دول المنطقة نحو إختبارات قاسية لوحدة كياناتها بسبب فشل محاولات الوفاق الوطني، ومهما بدت اللعبة الدولية طرفا في تشجيع مناحي التقسيم فإن الفشل الوطني يبقى السبب الرئيسي في هذه المسارات، التي تبدو قابلة للتكرار في حال إندلاع ازمات إجتماعية أو سياسية تظهر أنها تحت السيطرة في بداياتها لكنها سرعان ما تتحول إلى عنصر تهديد للإستقرار فمصدر للفوضى لتستقر على إطار يهدد الوحدة الوطنية للكيانات.
الخيارات التي عجزت عنها أشكال النظام السياسي العربي في الخمسينات أدت إلى ظهور تغييرات في طبيعتها، لكنها هذه المرة تهدد بظهور تغييرات في الجغرافيا، التي ستشهد إذا كان التجاهل والإطمئنان الخادع سيدي الموقف، ولادة المزيد والمزيد من التصدعات على المشهد العربي، الذي سيكون أبعد ما يكون عن التغيير الواهم الذي قد تتامل حدوثه بعض قوى المعارضة العربية.
إن الذهاب إلى حوار وطني شامل وبلا شروط مسبقة يبدو نداء وطنيا عاجلا في كل بلد عربي، لصياغة ميثاق وفاق وطني جديد يشكل وحده شبكة الأمان في وجه العواصف القادمة والأعاصير التي تتجمع مكوناتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.