مشروع السدّ يتحرّك: مفاوضات جديدة لإنهاء ملف انتزاع الأراضي بجندوبة!    عاجل/ تونس تطرح مناقصة دولية لشراء القمح الصلب والليّن    عاجل/ صدور أحكام سجنية في قضية هجوم أكودة الارهابي    مباراة تونس وموريتانيا الودية : وقتاش و القناة الناقلة ؟    كاس افريقيا للامم لكرة اليد - المنتخب التونسي في المستوى الاول    مدير المركز الوطني لنقل الدم: هدفنا بلوغ 290 ألف تبرّع سنوي لتلبية حاجيات البلاد من الدم ومشتقاته دون ضغوط    مجلس الجهات والأقاليم ينتدب في هذه الخطط الإدارية..#خبر_عاجل    الإعلان عن الهيئة المديرة للدورة الجديدة لأيام قرطاج المسرجية    سليانة: انطلاق مهرجان "نظرة ما" في دورتها الثانية    عاجل: 8 سنين حبس لفتاة تروّج في المخدّرات قدّام مدرسة في الجبل الأحمر!    انقلاب سيارة في جسر بنزرت..#خبر_عاجل    عاجل/ انشاء هيكل جديد لتنظيم قطاع القهوة في تونس    الترجي الجرجيسي: استئناف التمارين.. وإطلاق حملة لخلاص خطايا الرابطة    محاولة سطو ثانية على لاعب تشلسي... واللاعب وأطفاله ينجون بأعجوبة    عاجل : مداخيل'' البروموسبور'' تحقق قفزة وقانون جديد على قريب    الهند: ارتفاع حصيلة انفجار السيارة إلى 12 قتيلا    أطباء بلا حدود تكشف: الأوضاع الإنسانية بغزة ما تزال مروعة..    نواب ينتقدون مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026: "استنساخ للسابقة واعتماد مفرط على الجباية"    مدنين: قريبا تركيز وحدة الاساليب الحسية لتذوق حليب الابل بمعهد المناطق القاحلة    استعمال'' الدرون'' في تونس : وزارة الدفاع تكشف مستجدات المشروع الجديد    الترجي الرياضي: توغاي يعود إلى تونس.. ورحة بأيام ل"بن سعيد"    انطلاق معرض الموبيليا بمركز المعارض بالشرقية الجمعة 14 نوفمبر 2025    عاجل: هزة أرضية بقوة 5.36 ريختر تُحسّ بها عاصمة بلد عربي    ائتلاف السوداني يحقق "فوزاً كبيراً" في الانتخابات التشريعية العراقية    فنزويلا: مادورو يوقّع قانون الدفاع الشامل عن الوطن    يوم مفتوح لتقصي مرض الانسداد الرئوي المزمن يوم الجمعة 14 نوفمبر بمركز الوسيط المطار بصفاقس    تحطم طائرة شحن تركية يودي بحياة 20 جندياً...شنيا الحكاية؟    النجم الساحلي: زبير بية يكشف عن أسباب الإستقالة.. ويتوجه برسالة إلى الأحباء    تونس تشارك في بطولة العالم للكاراتي بمصر من 27 الى 30 نوفمبر بخمسة عناصر    وزارة المالية: أكثر من 1770 انتدابا جديدا ضمن ميزانية 2026    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    قفصة: وفاة مساعد سائق في حادث جنوح قطار لنقل الفسفاط بالمتلوي    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    عاجل/ هذه حقيقة الأرقام المتداولة حول نسبة الزيادة في الأجور…    سباق التسّلح يعود مجددًا: العالم على أعتاب حرب عالمية اقتصادية نووية..    تحب تسهّل معاملاتك مع الديوانة؟ شوف الحل    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    خطير: تقارير تكشف عن آثار جانبية لهذا العصير..يضر النساء    بش تغيّر العمليات الديوانية: شنوّا هي منظومة ''سندة2''    عاجل/ بعد وفاة مساعد السائق: فتح تحقيق في حادث انقلاب قطار تابع لفسفاط قفصة..    حادث مؤلم أمام مدرسة.. تلميذ يفارق الحياة في لحظة    تحذير عاجل: الولايات المتحدة تسحب حليب أطفال بعد رصد بكتيريا خطيرة في المنتج    طقس الاربعاء كيفاش باش يكون؟    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    محمد علي النفطي يوضّح التوجهات الكبرى لسياسة تونس الخارجية: دبلوماسية اقتصادية وانفتاح متعدد المحاور    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    3 آلاف قضية    وزارة الثقافة تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الصناعة تنتدب مهندسين وتقنيين ومتصرفين    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة شهيد لم يبكه أحد
نشر في الشروق يوم 22 - 01 - 2011

عبد السلام تريمش أصيل المنستير أشعل جسده شمعة سارع باعة الوطن إلى إطفائها قبل أن تنير السبيل ورموه بأبشع النعوت لإخماد ثورة الروح... محمد البوزيدي... ألهب الروح قبل الجسد فانطلقت شرارة الثورة من ربوع سيدي بوزيد في غفلة من «رجال إطفاء» رغبة الشعوب في الحرية والكرامة... أسماء حفظها التاريخ... ولكن كم من شهدائنا الأبرار وئدوا قبل أن يفوح خبر استشهادهم.. وقبل أن تصل صرختهم الأخيرة إلى قلوب أبناء شعبهم المقهور.
التعتيم جعلنا نعتقد غلطا أن ثورة الشعب التونسي الأبي عمرها شهر وبضعة أيام والحقيقة أن ثورتنا انطلقت منذ أن أحس شعبنا بخيانة القادة، وتملق المسؤولين وارتماء فيالق المتمعشين في أحضان سلطة غاشمة...
اليوم نفتح ملف النضال في كل شبر من ربوع الخضراء، اليوم نعيد الروح إلى شهدائنا لنقول كلمة حق أجبرنا على كتمانها لسنوات عديدة، اليوم نطلق القلم ليعيد لنا البعض من كرامة أهدرت، والبعض من شرف مستحق.
نعود اليوم إلى مدينة الساحلين المناضلة وتحديدا إلى نهج الحبيب ثامر يوم 11 ماي 2005 حيث انطلقت صرخة مواطن قتله القهر والظلم والاستبداد والتعسف، يومها أسلم الشهيد نجيب بن محمد بن عبد السلام شهر «الأزرق» الروح إلى باريها... يومها لم يجد رب العائلة والعائل الوحيد لها من مفر من القهر سوى إطلاق رصاصة من بندقية صيد في قلبه ليريحه من أثقال القهر والجبروت.
كان المرحوم صاحب سيارة أجرة، وكان معروفا بدماثة الأخلاق وحسن المعشر ولا غرابة في ذلك فهو ينتمي إلى عائلة عريقة أصيلة وكان رحمه ا& متطوعا لإقامة الأذان وإمامة الصلاة في المسجد القريب من بيته. ومن هنا بدأت معاناته حيث شدد عليه معتمد المنطقة عبد الوهاب المسعودي وعمدتها الشيخ يوسف بأن لا يتأخر في الوشاية بالشباب الذي يؤم المسجد في صلاة الصبح ويواظب عليها وطلبا منه تقديم تقارير حول ما يدور بينهم من حديث فرفض أن يكون عينا للسلطة وتمسك بموقفه رغم كل الضغوطات وقدم استقالته من مهمته تاركا مكانه لمن له باع في الخيانات والوشاية... كان المرحوم يعتقد أن الأمر توقف عند ذلك الحد ولكنه نسي أن شياطين الإنس لا ترمي المنديل وأن نارهم الحارقة تخمد حينا لتشتعل من جديد...
في يوم 7 ماي دعاه معتمد المنطقة عبد الوهاب المسعودي وأفتح قوسا لأشير إلى أن هذا المسؤول ألقي عليه القبض أخيرا من طرف لجان حماية مدينة المنستير متلبسا بسرقة مقر معتمدية المنستير لحواسيب وهواتف وأثاث... كان فارا بها على متن سيارة «بارتنار»... إذن دعاه، هذا المعتمد المختص في خطب «الشفافية ونظافة اليد»، إلى أن يضع سيارة التاكسي على ذمة المعتمدية يوم انتخاب المجلس البلدي 8 ماي 2005 وذلك جريا على عادات السلط الحزبية والإدارية في المناسبات الحزبية و«الوطنية» في تسخير أصحاب السيارات والمحلات والفضاءات الخاصة وغيرها بالترغيب والترهيب. لم يستجب المواطن النظيف لأوامر المسؤول وأعلمه بأنه ملتزم بعمله وعائلته ولا علاقة له بالسياسة ولا بغيرها من الأنشطة، وحصل ما لم يكن ينتظره الرجل إذ حضر أمام بيته يوم 11 ماي 2005 عونا أمن ليسحبا منه رخصة التاكسي... كان هذا الإجراء بمثابة الكارثة... أدخل سيارته المستودع ودخل بيته... وقف وسط أهله... ودع الجميع بنظرة صامتة... ودخل غرفة نومه مستنجدا ببندقية صيد على ملك أبيه المرحوم محمد بن عبد السلام أشهر صيادي الساحل وأمهرهم... أخذ البندقية ووجهها إلى قلبه... ذلك القلب المثقل بالقهر والظلم... قلب أخرج آخر آهات الظلم مع دخول الرصاصة...
لم يكتف القتلة بقتله، بل مثلوا بذكراه، نعتوه بالجنون والخبل، شوهوا سمعته وبرّؤوا الجاني الحقيقي... رمز سلطة القهر والاستبداد... لقبوا الضحية بالمنتحر المجنون والجاني ب«المعتمد الفاضل»... ولكن عجلة التاريخ لا تتوقف والتاريخ لا يرحم... اليوم نعلم أن المرحوم نجيب بن محمد بن عبد السلام كان شهيدا و«المعتمد الفاضل» يقبض عليه كمجرم وسارق خسيس... سرق المواطن في كرامته وعزته وسرق الوطن في أحلك فترات تاريخه... أهل الضحية لا يطلبون تعويضا... ولا استعطافا... إنهم يطلبون رد اعتبار إلى شهيد لم يبكه أحد...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.