الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة 7 ''بلاي أوف''    سبيطلة.. الإطاحة بمروج مخدرات في الاوساط التربوية    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    ساهمت في ارتفاع مخزون العملة الأجنبية الى 108 أيام توريد ..تواصل ارتفاع عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج    أبرزهم كاظم وماجدة وحكيم...هل يقدر مهرجان قرطاج على «كاشيات» النجوم العرب ؟    القصرين..مهرجان «الحصان البربري» يعود بعد 19 سنة    رسائل قوية في خطاب التنصيب ... بوتين يعلن قيام النظام العالمي الجديد    ابطال اوروبا.. ريال مدريد يطيح بالبيارن ويضرب موعدا مع دورتموند في النهائي    إرساء تصرّف ذكي في المياه    توقّع تراجع انتاج الحليب في الصيف    في لقاء بوزير خارجية البحرين ... سعيّد يؤكّد وقوف تونس الثابت في صف الشعب الفلسطيني    تونس تدعو للوقوف صفا واحدا ضد حرب الإبادة والتهجير القسري التي يشنها الاحتلال    صفاقس.. إتخاذ الإجراءات الضرورية لإعفاء الكاتب العام لبلدية ساقية الزيت    توقيع اتفاقيات مشروعي إنجاز محطتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة ترفض اعتراض النادي الصفاقسي ضد الترجي الرياضي شكلا وتقر النتيجة الحاصلة فوق الميدان    الأستاذ محمد العزيز بن عاشور يرصد تحولات الموروث الثقافي التونسي في كتاب جديد باللغة الفرنسية    أول تعليق من عميد المحامين على "أزمة المهاجرين"    محيط قرقنة يُقصي الترجي من سباق كأس تونس    الرابطة ترفض إثارة النادي الصفاقسي.. و لا ويكلو ضدّ النادي الإفريقي    عاجل - إغلاق محل لبيع منتجات لحوم الخيول في بن عروس    باب بحر: القبض على متورّط في عمليات سرقة    نُصب له كمين: القبض على عون رقابة للصحة العمومية مُتلبّسا بالرشوة    وكالة التحكم في الطاقة: نحتاج استثمارات ب 600 مليون دينار لتخفيض الاستهلاك الطاقي في البلديات    جامعة السباحة : تفاجأنا بخبر غياب الحفناوي عن أولمبياد باريس    تطاوين: الشرطة البلدية تُنقذ طفلين من الموت    بين المنستير وصفاقس: الاحتفاظ بشخصين والقبض على منظمي "حرقة" ووسطاء    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    سليانة: تسجيل جملة من الاخلالات بكافة مراكز التجميع بالجهة    نجيب الدزيري لاسامة محمد " انتي قواد للقروي والزنايدي يحب العكري" وبسيس يقطع البث    انطلاق اختبارات 'البكالوريا البيضاء' بداية من اليوم الى غاية 15 ماي 2024    يُوهم الفلاحين بالبحث عن أرض لكرائها ويترصّد مواشيهم ثم يعود ليلا لسرقتها..    هام/ تسميات جديدة في وزارة التجهيز..    البطولة العربية لألعاب القوى: ريان الشارني يتوج بذهبية سباق 10 الاف متر مشي    التونسي أيمن الصفاقسي يحرز سادس أهدافه في البطولة الكويتية    وزيرة الإقتصاد في مهمة ترويجية " لمنتدى تونس للإستثمار"    عاجل : قضية ضد صحفية و نقيب الموسقيين ماهر الهمامي    أريانة :خرجة الفراشية القلعية يوم 10 ماي الجاري    قصر العبدلية ينظم الدورة الثانية لتظاهرة "معلم... وأطفال" يومي 11 و12 ماي بقصر السعادة بالمرسى    إنقاذ فلاّح جرفه وادي الحطب بفوسانة..    بطاحات جزيرة جربة تاستأنف نشاطها بعد توقف الليلة الماضية    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 8640 فلسطينيا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر الماضي..    جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين بهذه الجهة..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    بشرى سارة للتونسيين بداية من هذا التاريخ..    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار هادئة في محيط متشنج: الشعب يريد التشغيل قبل الأحزاب
نشر في الشروق يوم 20 - 04 - 2011

في التاريخ تندلع الثورات مرة بعد قرون لكل شعب...أما إذا نظرنا الى التاريخ العالمي فسوف نقف على عدة ثورات...حرب الاستقلال الأمريكية(1775 1783) الثورة العربية في مصر(1881 1882) والثورة السورية الكبرى من أجل الوحدة(19251927) والثورة العراقية سنة 1920 ضد الانتداب البريطاني والثورة الفلسطينية برئاسة الحاج أمين الحسيني(1936 1939) والتي توسط فيها الملوك العرب في احدى محطاتها، بين الثوار والانتداب البريطاني لوقف القتال، والثورة الجزائرية(19541962) من أجل تحرير البلاد، وثورات التحرر في البلاد العربية وأنحاء العالم...وأهم هذه الثورات وأكثرها انتشارا والتي فاقت ثورة البلاشفة في روسيا سنة 1917 برئاسة لينين، هذه الثورة التي نعنيها هي الثورة الفرنسية التي بدأت بانقلاب سياسي حدث سنة 1789 والذي تحدى فيه أعضاء«مجلس طبقات الأمة» الملك لويس السادس عشر، وفي 17 جوان1789 أعلن أعضاء المجلس أنفسهم «جمعية وطنية» ودبجوا دستورا قبله الملك قسرا... وفي 14 جويلية 1789 سقط سجن(الباستيل) وهو رمز لسقوط جبروت السلطة واستبدادها...وفي 4 أوت 1789 تم الغاء الامتيازات التي كان يتمتع بها الاقطاع...وفي 5 أكتوبر 1789 احتشدت الجماهير الغفيرة أمام القصر الملكي في«فرساي» لإجبار الأسرة المالكة على الانتقال الى باريس... وفي سنة 1791 كان الدستور قد أنجز من طرف الجمعية التأسيسية (أي الجمعية الوطنية) وفر الملك لكنه وقع في قبضة السلطة وتمت محاكمته مع زوجته الملكة «ماري أنطوانيت» وأعدما سنة 1793 وتولى «روبسبيار» الحكم ونشر الارهاب وقتل الناس في الساحات العمومية لكنه أعدم سنة 1794...ولم تهدأ الأوضاع وشاع الفساد الى أن كان الانقلاب العسكري الذي قام به «نابليون بونابارت» سنة 1799 والذي أفضى الى الاعلان عن حكمه للبلاد مدى الحياة سنة 1802 ثم خلع على نفسه صفة«الإمبراطور» سنة 1804...وعاد الشعب الفرنسي الى حكم الفرد والى الاستبداد بعد أن حسب نفسه أنه تجاوزها بثورته سنة 1789.
حضرة القارئ الكريم، تعمدت الاطالة في الحديث عن الثورة الفرنسية للتذكير بما آلت إليه.
2 الثورة التونسية
في تونس، اندلعت الثورة يوم 17 ديسمبر 2010 يوم أحرق البوعزيزي نفسه واحتج المواطنون في مدينة سيدي بوزيد ومن الخطإ، ونتمنى أن يكون الأمر خطأ وليس سوء نيّة. أن يطلق على ثورة البوعزيزي: ثورة 14 جانفي 2011...وعادة تؤرخ الثورات ببداياتها وليست بنتائجها...فيوم 14 جانفي 2011: هو يوم فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أي نتيجة الثورة كان الفرار... لهذا على وسائل الاعلام والمسؤولين أن تصلح الخطأ جميعا: ثورة البوعزيزي هي ثورة 17 ديسمبر2010 ولا يمكن تسميتها بغير ذلك...
وهذه الثورة التي كانت الشرارة التي أشعلت أوكار الظلم والاستبداد في الوطن العربي، كانت ثورة اجتماعية بلا جدال، إذ أنها اندلعت في جهات تشكو ضعفا في التنمية، والشعارات التي كانت ترفع (التشغيل استحقاق...) كانت تؤكد هذا المنحى كما أن جحافل العاطلين عن العمل وآلاف الشبان من حاملي الشهائد الجامعية كل ذلك يبرز دون عناء يذكر أن هذه الثورة كانت اجتماعية بكل تأكيد... وما يزيد المرء يقينا في ذلك أنها، أي الثورة، كانت تلقائية ولم تخطط لها الأحزاب السياسية، ولم تؤطر مسيراتها لكن الأحزاب التفت على هذه الثورة وغلبت «السياسي» على «الاجتماعي»... وهذا انزلاق فادح نرجو أن لا يؤول الأمر عندنا كما آل اليه في الجزائر سنة 1989 حين كان الشعب الجزائري يطالب الرئيس الشاذلي بن جديد (بالتنمية) فمنحه(الحرية) فكانت الحرب الأهلية التي دامت سنوات ضاعت فيها الأرواح وأزهقت فيها الديمقراطية والحرية...
إن تكالب البعض على قطف ثمار الثورة بشراهة، دون اعتبار لمطالب الشعب في التشغيل والتنمية، يضعنا أمام نقاط استفهام...ونقطة الاستفهام الأكبر أمام مستقبل وطننا تونس...
ان شعارات: الحرية والديمقراطية والانتماء السياسي، والتعبير الحر والاعلام غير المقيّد، كلها أهداف نطمح اليها جميعا لكنها لا تعوض التشغيل...فالعاطل عن العمل تسود في عينيه الدنيا، وتتبرقع بدخان اليأس، ويرفض كل شيء ولا يقبل الا «الشغل»...الا العمل فالشعب يطلب التشغيل قبل الأحزاب...وهذا البطء في سدّ الفراغ الإداري في بعض الولايات، لا يزيد الشعب الا تشنجا ونقمة، وربما انفلاتا اجتماعيا، خصوصا أنه مرت ثلاثة شهور دون حراك لساكن...
3 ماذا غيرت الثورة في تونس؟
ان الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي أثارت جدلا كبيرا حولها، وتساءل الكثيرون عن «الشرعية الشعبية» و«الشرعية الدستورية» لهذه الهيئة... كما تساءل الكثيرون عن البعض ممن كانوا في قائمة«المستقلين» بهذه الهيئة ذكرت هذا، لتكون قراراتها في الموقع القيمي لها...وكل قراراتها إذا لم تعرض على الشعب تعتبر لا تستند الى متكإ صلب...وهي قرارات مهزوزة مثل أصحابها...لهذا نثير ثلاث قضايا تناولها القانون الانتخابي للمجلس التأسيسي المزمع احداثه بانتخابات 24 جويلية 2011....
1 طريقة الاقتراع 2 التناصف في المجلس 3 الاقصاء...
فطريقة الاقتراع على القائمة هي الطريقة التي كانت معتمدة سابقا في عهد النظام السابق...وهي تدعم الأحزاب الكبيرة وتضعف الأحزاب الصغيرة... ولا تمنح الفرصة لفوز المستقلين...وهذه الطريقة بعيدة عن الديمقراطية القي ينشدها الشعب التونسي الذي أنجز الثورة وليست الأحزاب... فالأفضل أن يكون التصويت على الأفراد وهي الطريقة المثلى والمتبعة في أغلب البلدان الديمقراطية...فلماذا تثير هذه الطريقة الجدل قديما مع نظام الرئيس المخلوع، ونقبلها باستحسان اليوم؟
قضية التناصف بين المرأة والرجل في قائمة الترشح ستقضي الى التناصف في المجلس التأسيسي، وهذا يخلق وضعا، لا أدري ان كانت الأحزاب واعية به...وهو أن الولاية...كل ولاية، لها عدد من الأحزاب التي ستقدم قائماتها مناصفة، فكيف ستحصل هذه الأحزاب على العدد الضروري للنساء اللواتي يجب أن تتضمنها قائماتها...وأضرب مثلا لذلك:
ستكون القاعدة: واحد عن كل 60 ألف مواطن...وأخد ولايات لها عدد من النواب مرتفع وأخرى متوسط وثالثة عدد النواب ضعيف وهنا أحدد : صفاقس لها 16 نائبا، وجندوبة: 8 نواب وتوزر : 4 نواب...
وعدد الأحزاب اليوم قد وصل الى 50 حزبا وسوف يرتفع بلا شك ونفترض أن هذه الولايات سيتقدم فيها 30 حزبا فقط قائمات لمرشحيهم فسيكون عدد النساء بهذه القائمات كالآتي:
صفاقس : 16 نائبا أي 8 نساء في 30 قائمة حزبية أي: 240 امرأة
جندوبة : 8 نواب أي 4 نساء في 30 قائمة حزبية أي: 120 امرأة
توزر : 4 نواب أي : امرأتان في 30 قائمة حزبية أي: 60 امرأة
فهل فكر هؤلاء الأعضاء في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي أن مثل هذه الأعداد من النساء صعب تحقيقها الا إذا كان المترشح سيرشح زوجته أيضا في نفس القائمة نقول هذا ، ولا يمكن لأحد أن يرفع تلك الكلمات الجوفاء (ها...إنه ضد حرية المرأة ،وضد حقوقها)...إننا مع مكتسبات المرأة ومع مجلة الأحوال الشخصية، وعلينا أيضا أن نكون موضوعيين وواقعيين، لأن هذا الإجراء لم يعتمد في أي بلد من العالم.
الاقصاء: عملية إقصاء كل من تحمل مسؤولية في التجمع الدستوري الديمقراطي على امتداد 23 سنة أبرزت صواب المشككين في أهلية أعضاء الهيئة العليا لحماية الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي...فهؤلاء الأعضاء قد أظهروا محدودية تجربتهم السياسية وثقافة«التشفي» و«الثأر؟» و«الانتقام» التي تسربل عقولهم...وهذا السلوك يبعدهم كثيرا عن «تحمل مسؤولية مصير بلد صنع ثورة مجيدة صارت مثالا يحتذى»
ان الثورات التي شهدت عديد دول العالم بدءا من اسبانيا الى دول أوروبا الشرقية ما أفرزت هياكل تروم التشفي وخلق الانقسام في المجتمع وقد يفضي الى ما لا يحمد عقباه والى ما يعجز عن الوعي به هؤلاء أعضاء الهيئة العليا... إن المفسدين والذين أساؤوا للبلاد والعباد يتحملون مسؤولياتهم أمام القضاء والعدالة أما التعميم فهو «رؤية قصيرة» تعني«قم لأجلس» ألا يفكر هؤلاء في الصناديق الانتخابية؟ فإذا كان هؤلاء صادقين فلماذا يخافون من الاقتراع رغم قولهم «مطلب شعبي»؟
ان الذين يفكرون بعواطفهم غير مؤهلين للتفكير في مستقبل الوطن؟
هل فكر هؤلاء أن هذا الإجراء يجعل المعنيين يلتحمون ببعضهم البعض، وحين نضيف إليهم توابعهم (من الذين يؤثرون عليهم من أقارب وأصدقاء وغيرهم) قد يرتفع العدد الى أكثر من 6 ملايين إن الذين يعتبرونهم دكتاتوريين لم يدونوا في قوانين مراحل حكمهم حرمان منافسيهم في الحكم...بورقيبة لم يذكر في قوانين حكمه أنه يحرم «اليوسفيين» من الترشح الى أي هيكل وزين العابدين بن علي لم يدون في قوانين مرحلة حكمه أنه يحرم النهضة أو الحزب الشيوعي العمالي التونسي من الترشح.
زج بالبعض منهم في السجون لكنه لم يدون في القوانين وفي أي مرسوم صادر عنه مثل هذا الاجراء...
ان الثورة أنجزتها الجهات المحرومة وكل الجهات ساهمت فيها،وتطالب بالتشغيل والتنمية فلا يمكن أن تلتف عليها الأحزاب لتغرقنا في الديماغوجيا والتنظير الزائف.
ان الشعب يريد الاستقرار والأمن والتنمية والتشغيل للشباب العاطل عن العمل...والشعب جاهز دائما لتحقيق مطالبه، ولا يثنيه عن ذلك تكاثر الأحزاب التي تناسلت بعد 14 جانفي 2011.
فالشعب يريد التشغيل قبل الأحزاب فتبصروا يا أولي الألباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.