تعرضنا في العدد الماضي الى ضرورة وجود مراقبين للسوق حتى يحدّوا من ظاهرة الاحتكار والغش وغيرها. ومن أهم مهام محتسب السوق : تأمين الرضا والحرية لرواد السوق، لقوله «البيعان بالخيار ما لم يتفرّقا أو قال حتى يتفرّقا فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبامحقت بركة بيعهما». مراقبة الافصاح والبيان في البيع، لقوله فإن صدقا وبيّنا. التدخل في حال التروي بالدعاية الكاذبة أي بصفات ليست موجودة أصلا في السلعة، قوله {ثلاثة لا يكلّمهم اللّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم}. قال فقرأها رسول اللّه ص ثلاثا، قال أبو ذر : خابوا وخسروا من هم يا رسول اللّه ؟ قال : «المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب». مراقبة الميازين والمكاييل ومنع التلاعب بها لقوله تعالى: {فأوفوا الكيل ولا تبخسوا النّاس أشياءَهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها}. (الأعراف : 85). وقوله أيضا {والسماء رفعها ووضع الميزان، ألاّ تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}. (الرحمان : 7). تنظيم أعمال الوساطة والسمسرة في السوق وذلك بمنع تلقي الركبان وعدم الكذب وإظهار العيب ونهي بيع الحاضر لباد حتى تتبيّن جميع الظروف المتحكمة بالعرض والطلب. تهيئة كل ما يضمن حرية الانتقال والدخول والخروج من السوق وإليها، لذلك قال ابن تيمية في تعريفه : «ورفع الضرر عن الطريق بدفع الحرج عن السابلة من الغادين والرائحين» حفاظا على حرية رواد السوق لتأمين الرضا لهم في اتخاذ القرار الأنسب وحفظ حقوقهم. منع الاحتكار والبيوع المنهي عنها، ومعالجة مشكلة التسعير. وهو ما سنتعرض له في المباحث القادمة إن شاء اللّه بشيء من التفصيل.