الحل في يوسف الشاهد. كان هذا عنوان المرحلة التي تلت إقالة سلفه الحبيب الصيد. لكننا لم نلمس الحل المأمول بعد ما يقرب من السنتين. بل الأخطر أنّ الشاهد تحول من حل إلى مشكل. تونس الشروق: الفساد «استفحل وتغلغل في كيان الوطن»، مما يجعل مكافحة الإرهاب «أسهل» من مكافحة الفساد. هذا بعض ما صارح به رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد الشعب التونسي غداة مثوله يوم 30 جويلية 2016 أمام البرلمان. البلاد في أزمة خانقة. والجزء الأول من الحل كان من وجهة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي وطيف كبير من الأطراف السياسية المؤثرة في الاستعاضة عن حكومة الصيد بحكومة وحدة وطنية. أما الجزء الثاني فكان في تكليف الندائي الشاب يوسف الشاهد برئاسة الحكومة الجديدة وسط موافقة جميع الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج (الأولى). «سنواجه مصاعب عديدة. سنواجه رفضا للتغيير. سنواجه لوبيات ترفض الإصلاح» ما قاله رئيس الحكومة (الجديدة آنذاك) في جلسة منح الثقة كان مقدمة للتحدي أملا في ما وصفه بالإنقاذ قبل أن يطلب من التونسيين كلهم أن يقفوا معه لتونس. فماذا تحقق بعد حوالي سنتين؟ أشد من الأولى انطلقت في عهد الشاهد حربه المعلنة والمثيرة للجدل على الفساد. وتحسنت نسبة النمو. إذ فاقت مستوى النقطة الثانية بعد أن كانت تلامس النقطة الأولى أواخر عهد الصيد. وتواصل النجاح الأمني. وانخفضت نسبة الاعتصامات والإضرابات... لكن الأزمة الاقتصادية مازالت مستفحلة، والاجتماعية خانقة، والأخطر أن المشهد السياسي ازداد توترا وتعفنا. ولا يمكن حل المشكلة الاجتماعية دون حل الأزمة الاقتصادية. ولا يمكن إنقاذ الاقتصاد دون توفير مناخ معقول من الاستقرار السياسي. وكان الحل النظري في تقليص دائرة المعارضة وتوسيع دائرة الأطراف المشاركة في الحكم والمساندة للحكومة حتى تجد ظروفا أحسن للعمل. لكن عقد وثيقة قرطاج (الأولى) انفرط بانسحاب العديد من الأطراف المشاركة أو المساندة قبل أن يتحول الشاهد من حل للمشكلة إلى مشكلة في حد ذاته أشد من الأولى. عنوانها الشاهد لا تهمنا مدى أهلية الشاهد بالرئاسة، ولا يعنينا إن كان الحل الأفضل في إقالته أو في تثبيته، وما يهمنا أن هناك خلافا حادا لا يتعلق بالأولويات ولا بالبرامج بل بنقطة وحيدة عنوانها الشاهد وحكومته: هذه الحكومة باتت «عنوان أزمة سياسية ولم تعد حكومة وحدة وطنية» من وجهة نظر حزب نداء تونس وفق ما جاء في بيان لها أصدرته قبل أيام ولما بات من الضروري إقالتها وتغييرها بحكومة جديدة. وهو ما تتفق فيه حزب النداء مع اتحاد الشغل والاتحاد الوطني الحر... وفي المقابل تصر حركة «النهضة» على ضرورة «الحفاظ على الحكومة الحالية» لأنه «يمثل استقرارا لتونس» على حد قول رئيس الحركة راشد الغنوشي قبل أيام قبيل تعليق وثيقة قرطاج الثانية. «اتفاق مستحيل»؟ محتوى الخلاف أن هناك من يصر على إقالة الشاهد وأن هناك من يلح على بقائه ولو استجاب أحدهما للثاني ولو من باب تقديم المصلحة الوطنية على الذاتية لتحققت الخطوة الأولى في البحث عن حل. والخطير في الأمر أن يصح استشراف البعض مثل القيادي في الجبهة الشعبية أحمد الصديق فيكون «من المستحيل الاتفاق الشامل حول وثيقة قرطاج 2 نتيجة تضارب الأجندات والمصالح والصراع على مراكز القرار». والسبب حسب ما قاله الصديق قبل أيام في تصريح إعلامي هو أن «وثيقة قرطاج في حد ذاتها ليست حلا وإنما هي مشكل لا تعكس سوى الصراع على توزيع مواقع النفوذ والقرار». الوثيقة معلقة إلى أجل غير مسمى، وأطرافها مختلفون في ما بينهم حتى يأتي ما يخالف ذلك. ويوسف الشاهد يواصل ترؤسه للحكومة في ظل توتر سياسي ظاهر لا يزيد الأزمة الاقتصادية إلا شدة والاجتماعية إلا تعقيدا فيما يبقى أمل التونسيين في توصل من فوّضوهم مهمة الدفاع عن مصالحهم ومصالح وطنهم إلى اتفاق ينهوا به مشكلة الشاهد أولا ويضعوا به حجر الأساس لحل المشكلة الأهم. بعض المؤشرات الاقتصادية في حكومة الصيد تباطؤ نمو الاقتصاد سنة 2016 حتى أن نسبته لم تبلغ 1 بالمائة. انخفاض قيمة الدينار التونسي بنسبة 25 بالمائة. تضاعف حجم الدين الخارجي ليصل إلى 65 مليار دينار (نسبة 62 بالمائة من الناتج الخام). ارتفاع العجز في الميزانية العامة إلى 6.7 مليارات دينار. تراجع نسبة البطالة إلى 15 بالمائة. بعض المؤشرات الاقتصادية في حكومة الشاهد ارتفاع نسبة التضخم لتبلغ 8 بالمائة. ارتفاع مؤشر الأسعار عند الاستهلاك حتى موفى أفريل الماضي إلى 7.7 بالمائة. تواصل انهيار قيمة الدينار، وارتفاع العجز في الميزانية، وحجم الدين العام. تراجعت البطالة من 15.5 بالمائة خلال الثلاثي الرابع من سنة 2017 إلى 15.4بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2018.