من بين الخطط الجديدة التي جاء بها التحوير الوزاري الاخير خطة كاتب دولة لدى وزير التجارة مكلف بالتجارة الداخلية. خطة تتجه لها أكثر من غيرها أنظار كل التونسيين لإيقاف «فوضى» السوق. تونس - الشروق - أصبحت التجارة الداخلية بمقتضى التحوير الوزاري الاخير مفردة بكتابة دولة لدى وزير التجارة وذلك لأول مرة في تونس، وكلف بها سمير بشوال. فبعد عشرات السنين من بقاء شؤون التجارة الداخلية في مستوى إدارة عامة بوزارة التجارة اصبحت اليوم تحت اشراف كتابة دولة. تحول اعتبره المتابعون حاملا لدلالات عديدة خاصة في مثل هذه الفترة التي تشهد فوضى على مستوى منظومة السوق والتجارة الداخلية اصبحت تهدد قوت المواطن ومعيشته اليومية من حيث التهاب الاسعار وغياب بعض المواد عن السوق والتلاعب بالمواد المدعمة فضلا عن انتشار الغش والمخاطر الصحية. فهل سيقدر هذا الهيكل الجديد على القطع مع كل هذه المظاهر؟ فوضى السوق بشهادة اغلب الخبراء والمختصين، اصبحت منظومة السوق في تونس تعاني في السنوات الاخيرة من حالة غير مسبوقة من الفوضى والتهميش واختراق القانون . فالبلاد اصبحت تعيش على وقع مظاهر غير مالوفة قبل 2011 على غرار الترفيع اللا متناهي في الاسعار على مستوى الانتاج والتوزيع والانتشار المهول لمخازن السلع غير القانونية ولبيوت التبريد (frigo) الناشطة بلا رقابة في مجال الاحتكار والمضاربة، والتهريب العشوائي لمواد اساسية من تونس في اتجاه دول اخرى فضلا عن انتشار السوق الموازية داخل البلاد بشكل لافت وغياب بعض السلع الاساسية وبعض المواد المدعومة من السوق وانخرام منظومة الدعم بشكل تام. وهذا دون الحديث عن انتشار المخاطر الصحية ببعض السلع والمنتوجات وانتشار الغش على مستوى الجودة والمواصفات المطلوبة وسط غياب اداء صارم ومتشدد لمنظومات الرقابة. مجرمو السوق كل ذلك يعود في راي المختصين الى تغول فئة يمكن تسميتها ب»مجرمي السوق» وتفوقها على الدولة وتحديدا على وزارة التجارة، وهي المعني الاول بالرقابة الاقتصادية ( الى جانب الاطراف الاخرى على غرار الداخلية - المالية والديوانة- الصناعة - الفلاحة..). فالادارة العامة للتجارة الداخلية التابعة لوزارة التجارة اصبحت في السنوات الاخيرة عاجزة عن تامين السوق من مختلف المخاطر المحدقة به. وبالتالي ستكون كل الانظار متحهة في الفترة القادمة نحو كتابة الدولة الجديدة ( للتجارة الداخلية) المطالبة بوضع حد لمختلف المظاهر المذكورة وبتكثيف الرقابة وبالتشدد والصرامة في تطبيق القانون من اجل هدف اساسي وهو الضغط على الاسعار ومنع الاحتكار والعمل على توفير كل المنتوجات للمواطن. كتابة دولة تخصيص كتابة دولة للتجارة الداخلية لاول مرة في تاريخ البلاد يعني ان شان السوق الداخلية اصبح على قدر كبير من الاهمية بالنظر الى المخاطر المذكورة آنفا والتي اصبحت تهدد قوت التونسيين وسبق لرئيس الحكومة ان خصص لها جانبا كبيرا من برنامج عمله المعروض مؤخرا امام البرلمان. وهذا الهيكل الجديد ستكون له كافة الامكانات البشرية واللوجستية وله ميزانية خاصة به وله الاستقلالية الادارية والمالية وبالتالي سيكون مطالبا بتغيير واقع منظومة السوق نحو الافضل. اما إذا ما تواصل العمل تجاه اخلالات وتجاوزات السوق الداخلية بالنسق نفسه وبالآليات نفسها ( بالضعف والارتباك والمحسوبية والفساد والرشوة) فان احداث كتابة دولة سيكون بلا معنى و سيجد كاتب الدولة الجديد نفسه في مواجهة الانتقادات نفسها التي كانت موجهة سابقا لوزارة التجارة ولمختلف مصالحها ولن يتغير الواقع كثيرا عما كان عليه في السابق وخاصة احتقان المواطن الذي لم يعد قادرا على تحمل المزيد في هذا المجال. وكل ذلك يتطلب من الدولة تمكين هذا الهيكل الجديد من وسائل العمل اللازمة لتشديد الرقابة وتطوير المنظومة القانونية للسوق الداخلية وتشديد الرقابة وخاصة تشديد العقوبات على المخالفين من تجار ومنتجين ومضاربين ومحتكرين وعلى كل من يساندهم من مسؤولين وموظفين في ارتكاب التجاوزات ويساعدهم على الافلات من العقاب. ملفات عاجلة امام كتابة الدولة الجديدة - الحد من ارتفاع الاسعار على مستوى الانتاج والتوزيع بالجملة والتفصيل -محاربة المحتكرين والمضاربين بمختلف السلع خاصة السلع الحساسة - التصدي بشدة وصرامة للمتلاعبين بالمواد المدعمة الذين تغولوا على حساب الدولة والقانون ويجنون من وراء ذلك ارباحا كبيرة - تشديد العقاب على المتواطئين الذين يسهلون عمل المخالفين - تطوير المنظومة القانونية للتجارة الداخلية - توفير الامكانات اللازمة للهياكل الرقابية - التنسيق الجيد مع بقية السلط لتنفيذ القاون بقوة وصرامة