ظهرت في مطلع ق 19 م بأول مطبعة حجريّة كان أهداها رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية لحمودة باشا سنة 1806 م مع السفينة الحربية فرنكلن(Franklin) التي نقلت وفد السفارة برئاسة سليمان ململّي إلى تونس، غير أن الأخبار لم تسجل لنا منشوراتها. و يبدو أنها نفس المطبعة التي طبع بها المشير الأول أحمد باي (1837-1855م) الأوراق النقدية التي عممها، إذ يستبعد أن يكون طبعها في المطبعة الحجرية الخاصة التي أنشأها القس بورقاد (Bourgade) سنة 1845م بمدرسته الحرة الكائنة بزنقة المبشّر المتفرعة عن نهج سيدي المرجاني. وكانت طباعتها سنة 1263ه/1847م حسب ابن أبي الضياف. و كان ذلك بدار المال بساحة سيدي زهمول، و هي المعروفة بقشلة سيدي عامر، بتوكيل محمود بن عياد و إشراف الوزير الأكبر مصطفى خزنة دار.و قصتهما في الفساد المالي معروفة . و هي تلك الأوراق النقدية مجموعة بالخزينة العامة. وفي عهد المشير الثاني محمد بن حسين باي(1855-1859م) تمّ تجهيز المطبعة الحجرية بآلات فرنسية، و جعل مقرها بنهج الحفصية. و كان غرضه نشر التشريعات الرسمية. كان ذلك سنة 1274ه/1857م. وبعد سنتين جلب لها الحروف الحديدية.وكان أول مطبوعاتها نص عهد الأمان على ورقة واحدة وزعت في حفل مشهود بقصر باردو يوم 10/9/1857 .وكان ثانيها لائحة التراتيب الداخلية، و ثالثها عهد الأمان مع شرحه. و في عهد المشير الثالث محمد الصادق باي (1859-1882م) تواصل تشغيل المطبعتين-الحجرية والحديدية - باسم «مطبعة الحكومة التونسية». فصدرت بالأولى طوابع جبائية سنة 1284ه/1867م و أطلس جغرافي من تأليف محمد بن حميدة – كاتب المطبعة و المتخصص في الطباعة – سنة 1290ه/1873م. و صدر بالثانية «الرائد التونسي». و أول عدد بتاريخ يوم الأحد 4 محرم 1277ه/ 23 جويلية 1860 تضمن أمر التأسيس للمطبعة و الجريدة معا. و هو بتاريخ سابق- طبعا - إذ كتب في 28 ذي الحجة الحرام سنة 1276/17 جويلية 1860 للجنرال حسين مستشار الأمور الخارجية و رئيس المجلس البلدي تكليفا له بالإشراف عليها و تذكيرا له بالأمر المؤرخ في 12 جمادى الثانية 1276 في صيغة عقد امتياز لريشارد هولت (Richard Holt) متألف من 13 مادة و مخوّل لهذا التاجر الإنجليزي إنشاء مؤسسة طباعة و صحافة باللغات العربية و الأجنبية تحت إشراف الدولة التونسية المتمثلة في شخص رئيس المجلس البلدي (المادة 1). وهذه المؤسسة يمكن أن تسمى «المطبعة الرسمية» بالتونسية (المادة 5) و ذلك على شروط، منها أن يكون مقرها بمقر المجلس البلدي، أي دار حسين ، حيث المعهد الوطني للتراث اليوم. غير أنّ عقد الامتياز لم ينفّذ ، فأشرفت الدولة على المشروع بنفسها بمقتضى الأمر – المذكور أعلاه- الموجه إلى الجنرال حسين تكليفا له بالمطبعة «وبالرائد التونسي». فكان له ذلك طيلة عشرين سنة ، ساعده فيها تقنيا أوقست قربيرون (Auguste Garbéiron ( الفرنسي، ومنصور كرلتي (M.Carleti) الإيطالي أصلا، السوري نسبة و لغة، وساعده فيها إداريا الكاتب الأوّل مصطفى لازغلي إلى سنة 1279 – 1280 ه / 1863 م تاريخ استخلاف ابنه حسن. كما ساعده في رئاسة التحرير محمود قابادو و محمّد السنوسي بإدارة بيرم الخامس إلى سنة الاستعمار. ثمّ كلّف حسن لازغلي – المذكور أعلاه – بالنظارة و رئاسة التحرير إلى سنة 1319 ه / 1901 م تاريخ تكليف محمد بن الخوجة إلى سنة 1915 م . فانتقلت المطبعة إلى نهج الدريبة المفتح على نهج دار الجلد، وألغيت رئاسة التحرير ، وأرجع النظر على الرائد التونسي إلى إدارة الاقتصاد ثمّ إلى الإدارة العامّة للداخليّة ثمّ إلى الكتابة العامة للحكومة التونسيّة، وأصبح يصدر في نشرتين – بالعربيّة والفرنسيّة – مقصورتين على النصوص التشريعية ،وذلك منذ صدور الأمر المؤرخ في 18 ربيع الأوّل 1300 ه/27 جانفي 1883. على أنّ النشرة الفرنسية كانت تطبع خارج المطبعة الرسمية – التي ظلّت عربيّة – وذلك بمقتضى عقد امتياز تبرمه الدولة مع مطابع خاصّة مثل سابي (S.A.P.I ( إلى تاريخ 25 صفر 1365 ه / 28 جانفي 1946 تاريخ إنشاء « المطبعة الرسمية للمملكة التونسية « المستعملة للّغتين . و ذلك بعد اقتناء أجهزة فرنسية و تجديد أجهزة المطبعة العربيّة . وهي الآن مطبعة الاتحاد العام التونسي للشغل بعدد 42 نهج 18 جانفي 1952 بتونس ( نهج بروفنس سابقا) ، في موقع مطبعة فرنسية خاصة على ملك جوزيف ألوسيو ( Joseph Aloccio). و كانت قد اندلع فيها حريق فاشترتها الحكومة التونسية في عهد الكاتب العام ريني برويياي (René Brouillet). ثمّ انتقلت في جوان 1973 إلى مقرّها الجديد – الحالي – بشارع فرحات حشّاد برادس بمساعدة رئيس بلديّتها عبد الله فرحات ، و ذلك مدّة إدارة محيي الدّين الدرويش (1959– 1974 م). و قد سمحت لها تجهيزاتها المتطورة بالإعلامية بتوسيع صلاحياتها لتشمل النشر الإداري و القانوني و الجامعي. ذاك ما نصّ عليه الأمر عدد 587 لسنة 1981 المؤرّخ في 30 أفريل 1981 المنقّح و المتمّم للأمر عدد 165 لسنة 1966 المؤرخ في 18 أفريل 1966 المتعلق بتنظيم «المطبعة الرسميّة للجمهورية التونسية» . (*) (*) نشر في : الموسوعة التونسيّة ، ط 2013، ج 2 ، ص 293 – 294 بسقوط المراجع ! ابن الخوجة (محمد) : ظهور الطباعة بالأحرف العربيّة بتونس . – في : المجلة الزيتونية ، م 4 ، ج 5 ، فيفري 1941 ، ص 143 ... ؛ وفي: صفحات ... ، ص 164 - 175 ؛ الحبيب (محمد) : تاريخ الصحافة التونسيّة . – في : المجلة الزيتونيّة ، م 6 ، ج 1 ، جوان 1945 ، ص 350 ؛ صميدة ( المنجي) : نشأة الصحافة بتونس. – المطبعة الرسمية ، تونس 1979 ؛ الصبّاغ ( رشيد) : المطبعة الرسمية التونسيّة . – في : مجلة « معالم و مواقع « ، ع 8 ، ماي 2000 ، ص 22 – 36 . يتبع