استمرّ أمس الوضع متفجّرا في مناطق عراقية عديدة غداة التفجيرين اللذين أوقعا 66 قتيلا و200 جريح على الأقل في النجف وكربلاء ودفعا الشيعة إلى التحذير من حرب طائفية. وفي سياق هذا الانفجار الأمني تواصلت على الميدان العمليات المسلحة والمواجهات وتواصل أيضا استهداف القوات الأمريكية والمتعاونين معها من الأجانب والعراقيين. وشهدت أمس بغداد والمدن والبلدات الواقعة في محيطها شمالا وغربا وشرقا، هجمات عديدة استهدفت القوات الأمريكية وأجهزة الأمنالعراقية وكذلك الأجانب المتعاونين مع الاحتلال. انفجار كبير وقتل أمس ما لا يقلّ عن ثلاثة أجانب ربما يكونون من عملاء المخابرات الأمريكية في هجوم على قافلة من السيارات التي يستخدمها بالأساس الأمريكيون وغيرهم من الغربيين الذين يعملون مع الجيش الأمريكي في العراق. وسقط الأجانب ومعهم عراقي في كمين نصبه لهم مقاتلون في قضاء الاسحاقي على مسافة 20 كيلومترا إلى الجنوب من مدينة سامرّاء. وذكر ضابط في شرطة مدينة بلد التي تتبع لها بلدة الاسحاقي أن القتلى سقطوا إثر تفجير عبوة ناسفة في قافلتهم. وأضاف الضابط ذاته أن الجثث نقلت على متن السيارات التي لم تصب في الهجوم الذي وقع غير بعيد عن المنطقة التي قتل فيها قبل 12 يوما تقريبا عضوان سابقان في المخابرات الأمريكية. وفي قضاء الدجيل شمالي بغداد أيضا عثرت الشرطة العراقية الليلة قبل الماضية على جثة نقيب في الحرس الوطني المتعاون مع الأمريكيين مقتولا بالرصاص. وفي بيجي الواقعة في محافظة صلاح الدين غير بعيد عن تكريت قتلت الليلة قبل الماضية سيدة عراقية إثر تفجير عبوة ناسفة كانت تستهدف دورية أمريكية. وكانت بغداد نفسها قد شهدت أول أمس عددا من الهجمات أسفرت إحداها عن مصرع ثلاثة من أعضاء المفوضية العليا للانتخابات. وكان 4 أشخاص على الأقل قد أصيبوا أول أمس أيضا إثر سقوط قذائف هاون في حديقة مسجد «ابن تيمية» في بغداد الذي كان أمامه الشيخ مهدي الصميدعي قد اعتقل يوم 11 نوفمبر الماضي خلال مداهمة القوات الأمريكية للمسجد. وفي الموصل اشتبكت أمس المقاومة العراقية مع قوات الاحتلال بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وقتل عراقيان على الأقل بنيران الأمريكيين الذين داهموا مسجدين في حي الأندلس واعتقلوا إمام أحدهما. وفي محيط تكريت قتلت مهندسة معمارية عراقية تعمل مع الأمريكيين بعد مقتل مترجم في المنطقة ذاتها كما قتل 4 أكراد في هجوم بقضاء الحويجة قرب كركوك. وفي أبو غريب غربي بغداد فجر مقاومون عبوة ناسفة في دورية أمريكية مما أدى الى إعطاب آلية وإصابة عدد من الجنود. تحذير من حرب طائفية وقد بلغت أمس حصيلة التفجيرين بواسطة السيارة المفخخة في النجف وكربلاء ما لا يقل عن 66 قتيلا و200 جريح. وسقط في تفجير كربلاء 14 قتيلا و57 جريحا بينما قتل في تفجير النجف الذي وقع بعد ساعات من الأول، 52 شخصا إضافة إلى 142 جريحا حسب آخر حصيلة. ووقع هجوم النجف على مقربة من مرقد الامام علي بينما وقع تفجير كربلاء بجوار مرقد العباس. وحسب محافظ النجف عدنان الذرفي فقد كان هناك على الأرجح ترابط بين العمليتين اللتين نسبهما الى أنصار الرئيس العراقي صدام حسين وتنظيم «القاعدة» في العراق حسب تقديره. وفي نظر عدد من القيادات الشيعية العراقية وكذلك إيران، فإن الهدف من هذه العمليات اشعال الفتنة الطائفية وعرقلة الانتخابات المقرر أن تتمّ في نهاية جانفي المقبل. وحسب قول المرجع الشيعي محمد سعيد الحكيم فإن تفجيري مساء أول أمس اللذين سبقهما تفجير مماثل في كربلاء قبل أيام (جرح فيه ممثل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني) يهدفان إلى إثارة الفتنة الطائفية وزعزعة الاستقرار في العراق. من جهته قال محمد بحر العلوم عضو مجلس الحكم السابق المنحل أن منفذي مثل هذه الهجمات يسعون الى اشعال حرب أهلية طائفية ومنع إجراء الانتخابات في موعدها. وفي السياق ذاته اعتبر أمس رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي أن عمليتي كربلاء والنجف تشكلان رسالة تفيد أن المنفذين مصمّمون على تدمير وحدة العراق وإشعال حرب طائفية. أما عبد العزيز الحكيم الذي يرأس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية والذي يقود اللائحة الشيعية في الانتخابات المقبلة، فقد نسب تفجيري كربلاء والنجف إلى أبي مصعب الزرقاوي وعرض أن يقوم 100 ألف من أعضاء «منظمة بدر» (الجناح العسكري للمجلس) بحماية صناديق الاقتراع. وكانت إيران قد اعتبرت بدورها أول أمس ما حدث في كربلاء والنجف يرمي إلى تأجيل الخلافات بين الطوائف والمذاهب في العراق.