نائب بالبرلمان: النيابة العمومية اذنت للحرس الوطني بمباشرة الابحاث حول شبهات فساد بشركة اللحوم    اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة يرحّبان بقرار منظمة العمل الدولية رفع عضوية فلسطين إلى دولة مراقب    الامريكية كوكو غوف تفوز ببطولة رولان غاروس للتنس لأول مرة    الوكالة التونسية للتعاون الفني تنظم يوما إعلاميا لتسهيل انتداب أخصائيي العلاج الطبيعي في ألمانيا    رونالدو يعلن عدم مشاركته في كأس العالم للأندية    غرفة التجارة والصناعة بتونس: ورشة عمل حول إنضمام تونس إلى الكوميسا يوم 17 جوان 2025    سفارة تونس في ستوكهولم تنشر بلاغا بشأن الشاب عبد المجيد الحجري    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي يحذّر: السياسات النقدية الحالية تُعمّق الركود وتمنع تراجع التضخم في تونس    في ثاني أيام العيد: صلة الرحم قبل اللحم    الإدارة العامة للاداءات تضبط الرزنامة الجبائية لشهر جوان 2025 وتدعو لتفادي الاكتظاظ    الاحتلال يرتكب مجزرة مروعة في غزة تخلّف عشرات الشهداء والجرحى    فرنسا.. التحقيق مع فرنسيين إسرائيليين بتهمة الإبادة الجماعية في غزة    تعزيز وتدعيم القطاع الصحي بجندوبة    بورصة تونس: "توننداكس" ينهي شهر ماي 2025 على إرتفاع بنسبة 0،80 بالمائة    زامبيا تلغي مباراتها مع تونس بسبب وفاة الرئيس الأسبق للبلاد إدغار لونغو    محمد علي بن رمضان :" انضممت للأهلي في الوقت المناسب"    المنتخب الجزائري: تسريح بلايلي وتوغاي للالتحاق بالترجي استعدادًا لمونديال الأندية    12 سنة و6 أشهر سجناً لمتهم خطط لعمليات قتل بدافع تكفيري    حجز حوالي 745 رأس غنم لغرض المضاربة والاحتكار خلال فترة عيد الأضحى    تدهور قيمة الدينار الليبي : أسباب الانهيار النقدي و سبل الاستقرار    1,6 مليار دولار: من هي الفنانة الأكثر ثراءً في العالم سنة 2025؟    فريق طبي بولاية القصرين ينقذ حياة مريضين تعرضا لجلطة قلبية حادة بفضل منصة "نجدةTN"    دراسة صادمة : النوم الكثير قد يقتل دماغك أكثر من قلة النوم!    جريمة مروعة: تقتل زوجها ذبحا بمساعدة عشيقها..معطيات وتفاصيل صادمة..!    استقرار في قتلى حوادث الطرقات منذ بداية السنة والى غاية 5 جوان مقارنة بنفس الفترة من 2024    فظيع/ حادث مرور مروع يوم العيد..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    المنسق العام لموسم الحج بوزارة الصحة: "كل حجاجنا صعدوا عرفة ولم نُسجل أي حالة وفاة"    جيفري إبستين.. الملياردير الغامض الذي هز أمريكا بفضائحه وحوّل الأصدقاء إلى أعداء!    خطوة مفاجئة من إيلون ماسك تجاه ترامب    عاجل/ جريمة قتل إمرأة على يد طليقها بجندوبة: جمعية أصوات نساء تكشف وتُحذّر..    وزارة الصحة تحذر من التعرض لضربة الشمس وتدعو لاتخاذ الاجراءات الوقائية اللازمة    عاجل: احذروا ضربة الشمس... نصائح وتوصيات للتونسيين يجب الالتزام بها    "الفيفا" تعتمد الذكاء الاصطناعي في كأس العالم للأندية2025    المنتخب التونسي يواجه جمهورية إفريقيا الوسطى : الوقت و المكان    بعد العيد، فرصة ثقافية للعائلة: الوجهة المتاحف!    عاجل : يوم القر 2025 ينطلق رسميًا وتوصيات بعدم تجاهله    بلدية تونس: تنفيذ سلسلة من التدخلات الميدانية في مجال النظافة يوم عيد الاضحى    طقس اليوم الثاني من العيد : هكذا ستكون الحرارة    "بعد خلاف حاد.. ماسك يرد على تمنيات ترامب له    موارد مائية: ضرورة مواجهة الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية بمرناق    السعودية.. تفاصيل جديدة في مقتل الأستاذ الجامعي    هل من الخطر شرب المشروبات الغازية مع لحم العلوش؟    تكلفة الحج 2025 في العالم العربي: أرقام وصدمات لا تتوقعها!    امتلأت بهم جنبات المسجد الحرام.. الحجاج يؤدون طواف الإفاضة    ارتفاع في درجات الحرارة وخلايا رعدية محلية في الجنوب    من القلاية للكسكسي: أطباق ما تخرج كان في عيد الكبير!    عاجل: موعد مباراة المغرب ضد تونس والقنوات الناقلة للبث الحي والمباشر    ماذا بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى؟    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    محرز الغنوشي: ''تذبح العلوش ثم البحر ينادي''    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    جمرة العقبة تُرمى فجر العيد... والحجاج يشرعون في النحر والطواف    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    









مصطفى التواتي ل«الشروق»: لا فرق بين «النهضة» و «السلفية»
نشر في الشروق يوم 23 - 09 - 2011

هو مؤسس حزب الحركة التقدمية التونسية وهو أستاذ الحضارة الذي تبنى الفكر الماركسي وناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس زمن الهياكل المؤقتة وناضل في نقابة التعليم العالي صلب الاتحاد العام التونسي.
اعتبر الدكتور مصطفى التواتي الأمين العام لحزب «الحركة التقدمية التونسية» أن الطفولية السياسية وعدم القدرة على ترجمة النضالات الى مكاسب إضافة الى الخلافات الايديولوجية ساهمت كلها في تشتيت الأطراف اليسارية حتى بعد 14 جانفي، فيما اعتبر أن العديد من الأطراف القومية التقدمية سقطت بعد الثورة في فخ الانتهازية وانساقت خلف أحزاب دينية قال إن هدفها واحد من النهضة الى التحرير وهو إقامة الدولة الدينية.
وأشار الدكتور التواتي الى أن الفكر القومي والأطراف العروبية تعاني من أزمة وجود منذ النكسة الناصرية فيما أكد أن تدخل المال السياسي بعد 14 جانفي أخطر من تدخله قبل ذلك اليوم متسائلا كيف تدعم دول خليجية معادية لكل نفس ديمقراطي في بلدانها الانتقال الديمقراطي في تونس وتدفع أموالا طائلة لدعم أحزاب بعينها. مضيفا أن هذا التدخل اضافة الى التدخل الغريب يهدف الى رهن السيادة الوطنية الى مخططات أجنبية. وفي ما يلي نص الحوار:
كيف تعرفون حزبكم وما مدى تجذره في اليسار التونسي؟
حزب «الحركة التقدمية التونسية» هو حزب في فكره ومؤسيسه متجذر في اليسار التونسي بمختلف مكوناته وهو يريد أن يكون أحد الورثة الشرعيين للحركة التقدمية في تونس منذ انطلاق حركة الاصلاح في القرن 19 وخاصة الاثراءات الهامة التي أضافها اليسار الماركسي والديمقراطي عموما للموروث التقدمي الاجتماعي والسياسي والثقافي على العموم.
إنّ مؤسسي هذا الحزب ينتمون الى هذا اليسار فكرا ونضالا عمليا، إذ كان بعضهم يناضل في النقابات والجمعيات الحقوقية والبعض الآخر في الأحزاب السياسية. فأنا مثلا ناضلت منذ شبابي الأول في الحركة التلمذية في أواخر الستينات وقد أطردت من معهد خزندار لذلك وفي السبعينات وبعد مؤتمر قربة ناضلت في صفوف الحركة الطلابية من خلال انتخابي في الهياكل الجامعية المؤقتة وتحملت بعد ذلك مسؤولية جهوية بباجة في نقابة التعليم الثانوي ثم انخرطت لسنوات طويلة في الحزب الشيوعي التونسي الذي تركته بعد خلاف فكري وسياسي مع قياداته لأعود الى النشاط النقابي من خلال تولي الكتابة العامة للنقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، اضافة الى نشاطي الحقوقي في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.
لماذا تكوين حزب عوضا عن الالتحاق بأحزاب أخرى؟
بالفعل لم نبادر بتأسيس حزب إثر الثورة مباشرة رغم أنني ومجموعة من المناضلين التقدميين كنا نعدّ مشروعا في هذا الشأن منذ التسعينات وذلك أملا في أن نجد في الأحزاب العديد التي ظهرت بعد 14 جانفي ما يمكن أن يعبر عن طموحاتنا لبلادنا والقطع مع ما أسميه الطفولية السياسية لبعض مكونات اليسار التونسي والتي تتمثل في النضال البطولي والتضحيات، ولكن دون ترجمة ذلك الى مكاسب سياسية للفكر اليساري بسبب طغيان الخلافات الايديولوجية وغلبة الأحلام الطوباوية بالمدن الفاضلة على حساب الواقعية وهو ما لم نجده من وجهة نظرنا في العديد من الأحزاب القائمة رغم أن بعضها قد حقق تطورا لا ينكر في هذا المجال، ولذلك رأينا أنه ماتزال توجد على الساحة السياسية في تونس اليوم مساحة فارغة رغم كثرة الأحزاب التي يكرّر بعضها البعض في كثير من الحالات.
كيف تقرؤون واقع اليسار بعد 14 جانفي؟
الحقيقة هو أن أول شيء، يجب الانتباه إليه بعد 14 جانفي هو سقوط المعادلة التقليدية (يمين يسار) فقد اختلطت السبل والأوراق الى حدّ الهزل فنجد مثلا من يسمي نفسه (محافظ تقدمي) ولذلك لا بدّ من إعادة النظر في المفاهيم والمصطلحات على ضوء متطلبات الواقع اليوم والمهام السياسية التي يتبناها كل طرف ولذلك اخترنا عبارة «التقدمية» باعتبار أن الاختيار اليوم هو بين نمطين من المجتمع نمط لمجتمع حداثي يعيش عصره ويتفاعل مع محيطه الدولي ويقر انسانية الانسان دون اي اعتبار آخر يمكن ان يكون أساسا للميز والتفرقة ونمط ثان للمجتمع يقوم على تغييب الانسان ونكران انسانيته لحساب صورة مفارقة لمجتمع ملائكي لا وجود له على الارض، وهو ما يجعل الفرز لا يقوم على الاعتبارات الايديولوجية الضيقة التي كانت سائدة سابقا.
الخارطة السياسية اليوم؟
تتوزّع الخارطة السياسية في تونس اليوم بين أحزاب تدور حول الدين وقطبها حركة النهضة وتضم الاحزاب التي أسسها أعضاء سابقون في النهضة وكذلك حزب التحرير الاسلامي والحركة السلفية بمختلف مكوّناتها وهي احزاب تلتقي في الهدف الاستراتيجي والمتمثل في اقامة الدولة الدينية حتى وإن انكر بعضها ذلك ورفع شعارات حداثية ولكن ما ان يجد نفسه امام اختيار واضح إلا وانحاز الى مشروع الدولة الدينية كرفضهم توضيح الفصل الاول من الدستور في اتجاه اقرار مدنية الدولة رغم رفعهم لهذا الشعار والمجموعة الثانية هي احزاب قومية تضم البعثيين بشقهم السوري والعراقي والناصريين والقوميين العرب بمختلف مشاربهم وللأسف فإن هذا التيار الذي قدم في تونس تضحيات كبيرة وكان دوما جزء من الحركة التقدمية نرى اليوم ان فصائل عديدة منه تقع في الانتهازية السياسية وتعلن تحالفها مع الحركة الدينية عدوة الأمس.
ولعل ذلك يعود الى ازمة الوجود التي يعاني منها الفكر العروبي بعد فشله الذريع في العراق وسوريا وليبيا حاليا بعد خيبة الناصرية منذ الستينات وهزيمة 1967 الأمر الذي يجعل المواطن التونسي يتساءل محقا ماذا سيقدّم لنا هذا الفكر غير ما قدّمه في العراق وسوريا وليبيا؟
ويدل ان ينكب القوميون على بلورة اجابات جديدة على مثل هذا السؤال نراهم ينساقون الى حلول سهلة ولكنها خطيرة تقوم على الاستقواء بالاحزاب الدينية التي يظنونها قوية.
أما التيار الثالث فيضم جملة من الاحزاب الليبرالية بعضها يعود الى ما قبل 14 جانفي وبعضها فرضه حزب التجمع المنحلّ وبعض هذه الأحزاب يحاول ان يكتسب شرعية من خلال ارتباطه بالواقع ومحاول الاجابة عن المطالب الشعبية وإن كنا نختلف معهم في الطرف والوسائل ولكننا نلتقي في التصوّر العام للدولة المدنية والبعض الآخر إنما هو محاولة يائسة لاستعادة مكاسب النظام الفاسد الذي ألقى به الشعب التونسي الى غياهب التاريخ.
ويأتي أخيرا التيار اليساري والماركسي بالتحديد وهذا التيار أبدى باستمرار روحا نضالية في عهدي بورقيبة وبن علي ولكنه عجز في ترجمتها الى حضور سياسي منظم وفاعل.
ومن الواضح انه قد استفاد من أخطائه الماضية وبادر بالارتباط بالثورة قبل غيره من الأحزاب والتيارات مستفيدا من وجوده المتميز في النقابات ولا ينكر أحد دور هذا اليسار بمختلف فصائله في اسقاط حكومتي الغنوشي 1 و2 والدفع في اتجاه مسار التأسيسي حتى وإن كنت شخصيا لا أتفق مع هذا التوجه وكنت أود لو انخرطنا في مسار آخر أضمن وأقصر وأقل مخاطر، وهو مسار الاستفتاء على تنقيح الدستور والمبادرة ببعث مؤسسات ذات شرعية لرعاية الانتقال الديمقراطي.
المال السياسي؟
في كل العصور اذا ارتبط المال بالسياسة كانت الكارثة وآخر الأمثلة على ذلك ما حل بنا في ظل حكم بن علي حيث تحولت السياسة الى عامل استثمار مالي فأدى ذلك الى سيادة الفساد وتعفينه لمختلف مؤسسات الدولة بدءا بمؤسسة الرئاسة وحوّل نظام الحكم من نظام سياسي على علاّته زمن بورقيبة الى نظام مافيوزي تقوده العصابات.
وما يجري اليوم من تدخل للمال المشبوه في السياسة أخطر بكثير مما حدث في عهد بن علي لأن الأطراف المستثمرة لهذا المال هي في جملتها أطراف أجنبية والأطراف الوسيطة في ذلك هي أحزاب سياسية المفروض ان الشعب سيوكل اليها مصير البلاد.
إن القوى الاجنبية التي تنفق كل هذه الاموال التي يتصرف فيها بضعة أحزاب تنتظر مقابلا باهظا لا يمكن ان يقل عن ارتهان سيادة تونس وحرية قرارها السياسي. أليس من العجيب ان بلدانا خليجية تعتبر الديمقراطية كفرا وتسجن وتعذب وتقتل كل من ينادي بها في بلدانها ولكنها تقود الثورات الديمقراطية في بلدان أخرى وتغدق الاموال فيها على أحزاب بعينها. من المعلوم أنها أبعد ما يكون عن الديمقراطية، أما القوى الغربية التي تمول بعض الأحزاب عندنا فإن أهدافها الحقيقية لا تخفى على أحد.
من هو مصطفى التواتي ؟
مولود في 1950 في بلطة بوسالم.
شهادة تبريز ودكتوراه دولة في الآداب والحضارة العربية الاسلامية.
أستاذ حضارة بكلية الآداب بمنوبة.
مؤلف وله عدد من الكتب المنشورة في تونس والخارج ومنها «التعبير الديني عن الصراع الاجتماعي في الاسلام»، و«المثقفون والسلطة في الحضارة العربية»، و«تونس الناهضة من التجديد الى التحديث في القرنين 18 و19».
كاتب عام نقابة التعليم العالي من أواخر التسعينات الى 2006.
مؤسس ومدير تعاونية أساتذة التعليم العالي والبحث العلمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.