حظيت برامج المساعدات المالية والقروض التي تعتزم الدول والمنظمات العالمية منحها لتونس بإهتمام كبير لدى «الحكومة الانتقالية في الأيام القليلة الماضية. حيث أكد حسين الديماسي وزير المالية في بداية هذا الأسبوع على أن الوقت قد حان لتفعيل الاتفاقات الحاصلة مع مجموعة الثماني (G8 ) والقاضية بمنح مساعدات مالية إلى تونس في شكل قروض تم اقرارها في آخر قمة للمجموعة في ماي الفارط. كما عبرت «اليان مورا» ممثلة البنك العالمي بتونس في لقائها بجمال الدين الغربي وزير التنمية الجهوية والتخطيط على التزام البنك ب «دعم البرنامج الاصلاحي المزمع تنفيذه في الفترة المقبلة». واندرج هذا اللقاء الذي جمع ممثلة البنك العالمي بوزير التنيمة في اطار الاعداد للزيارة المرتقبة للمدير الاقليمي للبنك ونائبه قريبا إلى البلاد. ويذكر أن عبد الحميد التريكي وزير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة الباجي قائد السبسي المتخلية كان أكد قبل عقد قمة الثمانية التي شاركت فيها الحكومة التونسية آنذاك أن تونس تحصلت على حجم أموال بلغ 1400 مليون دينار تونسي في شكل قروض ومنح ومساعدات مالية بعد ثورة 14 جانفي . ونظرا للوضع الاقتصادي الصعب الذي عاشته البلاد ونسبة العجز الذي بلغ 6 ٪ في ميزانية الدولة لسنة 2011 وهو رقم قياسي مقارنة ببقية السنوات أو جملة الاستحقاقات التي تنتظر الحكومة في عملها من توفير لمواطن شغل وتنمية جهوية ومحلية فإن الاعتماد على المساعدات والقروض يعد مصدرا آخر للتعجيل في هذا العمل. البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وكانت «كاثرين أشتون» المفوضة العليا للاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن أعلنت في وقت سابق على أن حجم الأموال التي سيضخها الاتحاد الأوروبي إلى تونس سيبلغ 258 مليون يورو حتى عام 2013 اضافة إلى ما ستقدمه الحكومات بصفة ثنانية في اطار العلاقات التي تجمع البلدان الأوروبية بتونس. ومن ناحيتها أقرت مجموعة الثمانية اقراض توسن 25 مليار دولار منها 5 مليارات دولار في أقرب وقت لمجابهة التحديات التي يفرضها الانتقال الديمقراطي، وأشترطت المجموعة أن تكون للحكومة التونسية (آنذاك) استراتيجية واضحة للاصلاح السياسي والاقتصادي حتى يتم ضخ تلك الأموال للخزينة التونسية وموازاة مع هذه المساعدات والوعود فإن الحكومة الانتقالية التي تتكون من «الترويكا» تعمل من أجل إيجاد قرض جديد للاستثمار في تونس. الاستثمار هو الحل في زيارته الأخيرة أكد السيناتور ليبرمان من الكونغرس الأمريكي على عزم بلاده التشجيع على الاستثمار «الأمريكي» في تونس مؤكدا على أن «الأوضاع المستقرة، والانتقال الديمقراطي يساعدان على الاستثمار في البلاد» كما عبر ليبرمان عن استعداد بلاده لدعم تونس وتوفير ضمانات بنكية للمساعدة على الاستثمار فيها. كما تعهد آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي في زيارته إلى تونس بأن تحظى بلادنا بمساعدات اقتصادية وسياسة من أجل انجاح المسار الديمقراطي، وأكد عزم بلاده على الحث للاستثمار في تونس. ومن جانبه أكد وزير الخارجية الألماني في لقاءاته التي جمعته مع المنصف المرزوقي وحمادي الجبالي على عزم ألمانيا التعاون مع تونس وطرح مسألة الاستثمار كآلية من آليات التعاون بين البلدين. الخليج على الخط وفي لقاء جمعه مع رئيس الحكومة التونسية أول أمس، أكد رئيس مجموعة كيوتل عبد ا& آل ثاني، المالكة ل75٪ من رأس مال «تونيزيانا» على عزم المجموعة «توسيع استثماراتها المخصصة في مجالات الاتصال والتكنولوجيات الحديثة في تونس». كما أعلن «بيت التمويل الخليجي» بنك الاستثمار الاسلامي في البحرين عن انطلاق تأهيل المقاولين الرئيسيين لمشروع «مرفأ تونس المالي» الذي يزمع تنفيذه بضاحية ڤمرت العاصمة، وذلك بعد اعلان الحكومة التونسية عن دعمها للمشروع بقيمة تصل الى 50 مليون دينار تونسي. وتدل كل المؤشرات السياسية والاقتصادية ان الأيام القادمة ستحمل الجديد في اطار العلاقات التونسية الخليجية. قوى رافضة من جانب آخر فقد عبرت العديد من القوى خاصة في «المعارضة» عن مواقفها الرافضة لسياسة «الأقراض» والاعتماد «الكبير» على مثل تلك الأموال لإيجاد حلول اقتصادية للنهوض بالواقع الصعب الذي تعيشه البلاد. وتؤكد هذه القوى مثل حزب العمال الشيوعي التونسي وعدد من القوى اليسارية والقومية على أن «الأموال التي يضخها البنك الدولي والدول الغربية والخليجية» هو من باب التدخل في الشؤون الداخلية ومحاولات لفرض سياسات تمس من «استقلالية القرار الوطني». وخلاف ذلك فإن الوضع الاقتصادي الصعب على كل المستويات وفي مختلف القطاعات كما السياحة ونسق الاستثمار، اضافة الى بلوغ المليون عاطل عن العمل، واستحقاقات التنمية الجهوية بالمناطق المغيبة في عهد النظام السابق، والمحافظة على استقلالية القرار الوطني وبلوغ نسب محترمة من النمو الاقتصادي معادلة صعبة ستكشف الأشهر القادمة قدرة الحكومة على بلوغها.