ما زال ملف النيابات البلدية الخصوصية «منتهية الصلاحية»، الذي انفردت الشروق بنشره الاسبوع الماضي، يثير كثيرا من الجدل لدى الرأي العام ولدى المسؤولين بمن في ذلك رؤساء وأعضاء هذه النيابات. تعيش عدة بلديات هذه الايام حالة استثنائية من الفراغ بعد أن أصبحت نياباتها الخصوصية، التي عوضت منذ العام الماضي المجالس البلدية، فاقدة لصلاحياتها. ومعلوم أنه منذ أفريل 2011 شرع رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع في اصدار أوامر يعين بمقتضاها نيابات خصوصية بكامل البلديات وتواصل اصدار هذه الاوامر إلى شهر اوت، وقد نص كل امر على ان النيابة تمارس عملها مدة عام فقط. وتبعا لذلك فقد فقدت عدة نيابات منذ مطلع أفريل 2012 وجودها القانوني بعد ان انقضى عام كامل على تعيينها، في انتظار حلول أجل نيابات اخرى، وذلك دون أن تتخذ الحكومة أي قرار في الغرض لتجاوز هذا الاشكال القانوني الذي خلفته الأوامر المذكورة.
مخاوف
وقد ادى ذلك الوضع إلى بروز مخاوف لدى المواطنين من امكانية تعطل قضاء مصالحهم العاجلة والمتأكدة لدى البلديات على غرار ابرام عقود الزواج واستخراج الوثائق الرسمية والحصول على التراخيص بما أن النيابات الخصوصية التي يمر اجل عام على تعيينها تصبح فاقدة للصلاحيات وقد ترفض قضاء شؤون المواطن والابرام على الوثائق الرسمية. وهذا الوضع يهدد بضرب واحد من أبرز مهام الدولة وهو العمل البلدي المرتبط ارتباطا وثيقا بالعمل الاقتصادي والاجتماعي في شتى انحاء البلاد. وقد علمنا في هذا الصدد أن المصالح المعنية بوزارة الداخلية تنكب حاليا على دراسة كل السبل الكفيلة بإيجاد مخرج لهذا المأزق القانوني، وذلك إما بالتمديد بصفة استثنائية لهذه النيابات أو بوضع حد لها وتعيين اخرى محلها، وكل ذلك في انتظار اجراء انتخابات بلدية.
تباطؤ.. وشكوك
فتح هذا التباطؤ من الحكومة في معالجة ملف حساس كهذا الباب أمام عدة تأويلات وردود أفعال لدى الرأي العام والملاحظين السياسيين.من ذلك مثلا أن الحكومة أصبحت متهمة بتعمّد المماطلة في معالجة هذا الملف وعدم التسرع فيه حتى تأخذ الوقت الكافي لتركيز مسؤولين بلديين (قواعد) موالين للحزب الحاكم او على الأقل لأحزاب الترويكا، سواء عبر انتخابات بلدية او عبر التعيين المباشر قبل اجراء انتخابات، وبذلك تضمن أقصى ما يمكن من استقرارها السياسي في مختلف الاعماق القاعدية للبلاد.
انتخابات او تمديد..لتفادي التجاذبات
يرى البعض ان هذا الوضع يتطلب التعجيل بإجراء انتخابات بلدية لوضع حد لهذا المأزق الخطير الذي يهدد أكثر من 260 بلدية مع حلول شهر اوت القادم. وحسب مختصين، فانه يمكن اجراء هذه الانتخابات البلدية قبل اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وللمجلس التأسيسي السلطة الكاملة في اتخاذ قرار في هذا المجال، على ان يعجل بإعداد نص قانوني خاص بالانتخابات البلدية.
بينما يرى شق ثان أن ضرورة استمرارية وتواصل المرفق العام (على غرار العمل البلدي) تقتضي التمديد للنيابات الخصوصية الحالية حتى تواصل عملها إلى حين اجراء انتخابات بلدية. ويقول كثير من الملاحظين أن أعضاء النيابات الحالية وقع تعيينهم في عهد حكومة الباجي قائد السبسي على أساس الاستقلالية والكفاءة وبالتوافق مع المواطنين ومكونات المجتمع المدني وان تعيين نيابات جديدة في هذا الوقت بالذات من شانه ان يُدخل لخبطة على العمل البلدي فضلا عما قد يثيره من ردود أفعال «سياسية» قد تزيد في احتقان الاوضاع وفي مزايدات وتجاذبات تونس في غنى عنها الآن.