يا حسرة على رمضان زمان حيث كان التراحم والتواصل والتزاور والتآخي سمة من سمات ذلك العصر للأسف لم نعد نلحظ الترابط العائلي الذي كنا عليه من قبل إلا ما رحم ربي. وتحول شهر رمضان اليوم إلى فرصة للتنافس في كثرة الإسراف وإعداد وتتفنن في تصنيف المأكولات. كنا نكتفي بنوع واحد من الغذاء كوجبة رئيسية فلم يكن همنا إعداد الأكل بقدر ما كانت مظاهر الأخوة والترابط الأسري من ابرز اهتماماتنا ولم نكن نعطي للدنيا أكثر همنا على عكس اليوم.
فشهر رمضان فرصة للتلاقي ولم الشمل وفيه يتم التسامح بين الناس وفيه تتم خطب البنات وفيه تجتمع العائلات على طاعة الله وعلى المحبة الصادقة كنا نعلم بدخول شهر رمضان عن طريق المذياع حيث يتجمع الناس عند من له مذياع وهم قلة لمعرفة موعد دخول شهر رمضان، ومن لا يتسنى لهم الحصول على مذياع يرسلون احد الأشخاص إلى بن عون البلدة والعودة بخبر قدوم رمضان وإعلام كافة العرش وسكان الريف.
أما بعض العائلات فهي تعتمد على الحساب الذي لا يتطابق في كثير من الأحيان مع بداية الشهر لتجدهم يصومون يوما أو يومين قبل البداية الحقيقية لشهر رمضان. أما ليالي رمضان فكانت ليالي للتعبّد والسمر حيث تتلاقى العائلات في أجواء حميمية فيها كثير من التحابب والتسامح والألفة إلى وقت السحور الذي نتناول فيه كسكسي بحليب توفره مواشينا لا غير، ولم نكن نعتمد على بوطبيلة ولكن كان صياح الديك دليلنا في الإمساك. وكنا نود أن يطول شهر رمضان لأنه شهر يؤلف بين الناس ويقرب العبد من ربه بالتصدق والتواصل والتراحم حتى أن كثيرا من الناس يمنون النفس بان تطول أيام رمضان. أما ليلة السابع والعشرين منه فان لها نواميس خاصة فالوجبة لا تكون إلا كسكسي باللحم وعادة ما يكون لحما من المواشي التي نربيها وفيه توزع المأكولات على الفقراء والمساكين ترحما على الموتى.
أما يوم العيد فبعد الصلاة اغلب الناس يتوجهون إلى المقبرة الواقعة قرب مقام الولي الصالح سيدي علي بن عون لقراءة فاتحة على مواتهم أما النصف الثاني من اليوم ففيه يتم التزاور والتواصل بين العائلات.