4079 مليون دينار لدعم المواد الأساسية في 2026    منصّة رقمية باش تراقب الماكلة وتضمن الأمن الغذائي للتوانسة ...شنوا حكايتها ؟    بشرى سارة: الدينار التونسي يسجل تحسنا ملحوظا مقابل سعر صرف الدولار واليورو..#خبر_عاجل    النادي الصفاقسي: تربص مغلق بمدينة سوسة .. إستعدادا لقادم الإستحقاقات    روزنامة الامتحانات لتلامذة الابتدائي: شوفوا التواريخ وشنوا لازم تعرفوا!    كيفاش الديوانة التونسية منعت تهريب ''رأس أسد ثمين جدّا''؟    وزارة الداخلية تنتدب..#خبر_عاجل    الفنان محمد رشيد راجح في حاجة للتبرع بالدم    عاجل: ''تيك توك'' يُدمّر دماغك    هيئة المحامين تنظم وقفة تضامنية تعبيرا عن دعم المحاماة التونسية للمحكمة الجنائية الدّولية..    عاجل/ ما مقدار نسبة الزيادة في أجور القطاعين العام والخاص؟!..    كأس الاتحاد الافريقي : الملعب التونسي والنجم الساحلي من أجل قلب المعطيات والمرور الى دور المجموعات    رابطة أبطال إفريقيا : إياب الدور التمهيدي الثاني: الترجي في مهمة سهلة والاتحاد المنستيري يبحث عن ريمونتادا مذهلة    ريباكينا تحجز مكانها في البطولة الختامية للتنس للعام الثالث تواليا    تأجيل النظر في قضية عبير موسي المعروفة ب"مكتب الضبط"    مشروع ميزانية 2026 يقترح أكثر من 51 ألف انتداب جديد    عاجل/ رفض الافراج عن هذا القيادي بحركة النهضة..    حالة الطقس لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب حافلة لنقل العملة..وهذه حصيلة الجرحى..    متبرعان بالأعضاء ينقذان حياة 5 مرضى..وهذه التفاصيل..    زيادة واردات تونس من موّاد التجهيز والموّاد الوسيطة علامة على تحسّن النمو الاقتصادي    تونس تشارك في الدورة العاشرة "كوب 10" لمؤتمر الاطراف في الاتفاقية الدولية لمكافحة المنشطات في الرياضة بباريس من 20 الى 22    توتر غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب.. مسؤولون أمريكيون يعلنون أن إسرائيل "خرجت عن السيطرة"    إصابات في حادث انقلاب حافلة تقلّ عمّالاً بولاية بنزرت    وزير التجهيز والإسكان يتفقد مشاريع الوكالة العقارية للسكنى بولايتي أريانة وبن عروس    عاجل : رسالة لابن فضل شاكر تثير تعاطف الجماهير ....كلمات مؤثرة    تقرير ال BEA: حادث مطار نيس سببه خطأ بشري محتمل    عاجل: كانوا في طريقهم للعمل ... إصابة 50 عاملاً في انقلاب حافلة في بنزرت    إنتر ميامي يمدّد عقد ميسي حتى 2028    افتتاح مهرجان مسرح الجنوب بتوزر    المنتخب الوطني لكرة السلة: قائمة اللاعبين المدعوين للتربص    اكتشاف علمي يُغيّر فهمنا للأحلام    الادارة الجهوية للصحة بين عروس تنظم يوم توعويا حول الرضاعة الطبيعية يوم 4 نوفمبر القادم    بطولة الكرة الطائرة: تعيينات منافسات الجولة الإفتتاحية    مادورو لواشنطن: لا لحرب مجنونة.. أرجوكم    بسبب زوجها السابق.. إصابة كيم كارداشيان بمرض دماغي خطير    ليبيا: جرحى في اشتباكات مسلحة بمصراتة    ملعقة من زيت الزيتون يوميا.. ما تأثيرها على صحتك؟    عاجل/ ترامب يعلن عن قرار هام بخصوص الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي..    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    بعد يوم من مثوله أمام المحكمة: محمد شاكر يصدر أغنية مهداة إلى والده فضل شاكر    تونس تطلق المنصّة الوطنية لرصد الأمن الغذائي foodsecurity.tn    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    أولا وأخيرا: «مبروك هالحصان»    عاجل/ السوق التونسية تشهد نقصا في اللحوم الحمراء يناهز 65%    وزير الفلاحة يفتتح بقبلي موسم جني التمور ويؤكد أنه قطاع محرك للنمو ومصدر للعملة الصعبة    سحب أحيانا كثيفة مع أمطار متفرقة ليل الخميس    افتتاح ندوة دولية حول التعاون التونسي الفرنسي في مجال الآثار    سيدي بوزيد: اعطاء اشارة انطلاق موسم جني الزيتون    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    العثور على جثة متحللة داخل منزل منذ عام بالقيروان    التونسيتان بيسان وبيلسان كوكة تتوجان ببطولة مسابقة تحدي القراءة العربي في موسمها التاسع    تونس تصنف ضمن افضل 25 وجهة سياحية في العالم ينصح باكتشافها سنة 2026    المسرح الوطني التونسي وبيت الحكمة ينظمان بتوزر ندوة فكرية حول "أسئلة الهوية والغيرية وتمثلات الذاتية في المسرح التونسي"    وزارة الصحة: إطلاق مشروع التكفّل بحالات التوقف القلبي خارج المستشفى    المنستير ولمطة في عدسة التلفزيون الإيطالي: ترويج جديد للسياحة التونسية    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نافذتي : بذرة حبّ البقاء
نشر في الشروق يوم 25 - 08 - 2012


من أين لي أن أستشفّ الصّبح في هذي الظّلم؟
منوّر صمادح
اشتهت نفسي هذه الأيّام أن أسبّ نفسي .أن ألعن أجدادي الذين لم يختاروا غير هذا البلد سكنا...ما بالهم بعد أن حاربوا وتاجروا و حجّوا وساحوا في بلاد الله لم يختاروا التّناسل إلاّ هنا؟ لماذا قذفوني في مكان كهذا ضاق بي وضقت به...فلا أنا قادر على الإقامة به ولا مستطيع الرّحيل منه؟
هذا البلد الذي يفتخر مثقّفونا بالثلاثين قرنا من عمر حضارته ماذا ورث من تلك الثلاثين ؟ أسألكم.

القرطاجيّون رحلوا بلغتهم وديموقراطيتهم وسفنهم وما تركوا لنا غير اسم أميرة وهميّة نتبرّك بذكرها.
الرّومان رحلوا أيضا آخذين معهم نظمهم الإدارية والمالية والعسكرية وكتب أبوليوس وماغون وأوغستينوس ، ولم يتركوا لنا غير أعمدة مكسورة وبعض أطلال نريها للسّوّاح ونرقص فوقها صيفا.

البيزنطيّون تركوا سبيطلة وكنائس مهدّمة ورحلوا بمسيحيّتهم المنهزمة أمام الزّحف الإسلامي.
فلول البربر ابتلعهم العرب القادمون من الجزيرة مبشّرين بدينهم الجديد .
والعرب بدورهم ، غادرهم نقاؤهم الأوّل ، وخالطتهم شعوب بحريّة، وقبائل سقطت عليهم من جبل أو زحفت من صحراء ؟
ماذا ورثنا من كلّ هؤلاء ؟ لاشيء متفرّدا، لا شيء متميّزا...وإنّما ظللنا نتنافخ وندّعي الشّرف الكاذب كافتخار الفلاح الصّعيديّ بأجداده الفراعنة.
أنا غاضب وحانق ومتألّم من خوائنا الثّقافيّ ، وتسوّلنا على الأبواب من شرق أو غرب . إنما نحن شتات لا يلتئم له شمل ، ولا اجتماع على كلمة...نحن هباء جمعه بورقيبة في كفّه ليصنع منه عجينا يكيّفه على هواه. وكما تبعناه تبعنا من قبله ، ومن جاء بعده ، لأنّنا دوما على أهبة لاتّباع كلّ ناعق .
تلك كانت سيرتنا في عهد البايات ، انقسموا إلى باشيّة وحسينيّة فانقسمنا مثلهم . أيّام فرنسا انقسمنا إلى فئة تجنّست وفئة بقيت «أنديجان» . وفي حمّى مقاومة الاستعمار انقسمنا إلى حزب الثّعالبي القديم وحزب بورقيبة الجديد . عند الاستقلال اتّبع جماعة صالح بن يوسف وقالوا : هي خطوة إلى الوراء ، واتّبع آخرون بورقيبة ونظريّته : خذ وطالب.

ثمّ آلت القيادة لبورقيبة فساقنا كالقطيع لكن بذكاء ، ولامستنا عبقريّته قليلا، ثمّ سلّمنا إلى خليفته فقادنا كالقطيع أيضا ولكن بسخف ونذالة مع سلب ونهب ، ثمّ فرّ و ترك البلد جاثيا على ركبتيه.

لنقل أنّ هذا كلّه صار وراءنا ، وأنّنا صنعنا ثورة لنصنع مصيرنا بأيدينا ، وأنّنا شطبنا بجرّة قلم عهد الظّلم والجور، وذهبنا إلى انتخابات تضع الحكم وصنع القوانين بيد الشّعب ، فتنفّس النّاس الصّعداء وبدأوا يرتّبون البيت ويتفقّدون ما انكسر فيه وما تعطّل من أدواته .

اليوم وبعد تخلّصنا من البايات ،من بورقيبة ، من بن علي ،من حزب التّجمّع بدأنا البحث عن حامل عصا جديد ليسوقنا . ومع أنّ البلد ذو شكل مستطيل إلاّ أنّنا حصرناه وسط مثلّث ملتهب يتّقد نارا ويرمي شرارا. ضلع منه حزب دينيّ ذوأجنحة وتوابع ذات زوابع ، الضّلع الثّاني أحزاب اليسار بأطيافها وزعاماتها تجرّ طوباويّات القرن الماضي ، والضّلع الأخير حزب جديد، جامع للجميع، لن يترك شيئا إلاّ احتواه ، وربّما سيعيد الذّئاب القديمة إلى السّاحة.

قلبي يحدّثني أن لا خير في الأضلاع الثلاثة ، وأن لا خيار لشعبنا في الإفلات منها إلاّ ببذر عقيدة قتاليّة صلبة ، واستمساك بحبّ البقاء لثورة ثانية وربّما ثالثة كلّما رأى السّفينة بدأت تغرق.

غفر اللّه لي كم كرهت عالمنا الكبير هشام جعيّط يوم صرّح في حديث صحفيّ مع حسن بن عثمان عنوانه بالأحرف الغليظة: «الشّعب التّونسي جاهل جهالة لم أر مثلها في حياتي». ولمّا جاء يومي هذا المليء سخطا وقلقا، وجب عليّ الاعتذار للرّجل عن سوء ظنّي به واعتقادي بشعوبيته أو طبقيّته أو تنصّله من ذاته وأمّته لغاية في النّفس يعلمها .وأتذكّر أنّ أبا القاسم الشّابّي فعلها قبله إذ قال:
أيّها الشّعب ليتني كنت حطّابا فأهوي على الجذوع بفأسي
أنت روح غبيّة ، تكره النّور وتقضي الدّهور في ليل ملس
أيّها الشّعب أنت طفل صغير، لاعب بالتّراب واللّيل مغس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.