تداول صور فضائية لآثار قصف "انصار الله" لحاملة طائرات أمريكية    جيش الإحتلال يبحث عن متطوعين للقتال معه في غزة    من أعلام تونس .. الشيخ إبراهيم بن الحاج معمر السلطاني ..أوّل إمام لأوّل جامع في غار الدماء سنة 1931    بداية من الإثنين.. المبلغون عن الفساد في اعتصام مفتوح    مدرب البرتغال يكشف للملأ انطباعه عن رونالدو    محمد كوكة أفضل ممثل في مسرحية كاليغولا بالمسرح البلدي بالعاصمة    الفنان والحرفي الطيب زيود ل«الشروق» منجزاتي الفنية... إحياء للهوية بروح التجديد    في صالون الرواق جوهرة سوسة .. معرض «مشاعر بالألوان» للفنان التشكيلي محمود عمامو    بعد 17 عاما في السجن.. رجل متهم بالاغتصاب يحصل على البراءة    علي مرابط يشيد بدور الخبرات والكفاءات التونسية في مجال أمراض القلب والشرايين    أول تعليق للرئاسة الفلسطينية على ادراج الكيان الصهيوني ضمن قائمة الدول التي تنتهك حقوق الطفل..#خبر_عاجل    عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    خطير/ حجز كمية من التبغ غير صالح للإستهلاك    إحالة ملف حطاب بن عثمان وشخص آخر على الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب    الأهلي القطري يعلن توصله لاتفاق مع مرياح    صفاقس الإحتفاظ ب8 أشخاص من أجل تكوين وفاق للإتجار بالأشخاص وتبييض الأموال    عاجل/ جيش الاحتلال يكشف عن حصيلة قتلاه منذ 7 أكتوبر    بسبب اشتداد الحرارة...توجيه بإختصار خطبة وصلاة الجمعة في موسم الحج    ل20 عاما: الترخيص لشركة باستغلال وحدة انتاج كهرباء من الطاقة الشمسية بهذه الجهة    بمواصفات عالية الجودة: افتتاح مؤسسة ''أم الخير'' لرعاية كبار السنّ    يوم تحسيسي حول المستجدات الدولية والوطنية في مجال مكافحة المنشطات    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    بقيادة مدرّب تونسي: منتخب فلسطين يتأهل الى مونديال 2026    الحرارة تكون عند مستوى 31 درجة هذه الليلة بالجنوب    عاجل/ اصطدام سفينة أجنبية بمركب صيد تونسي.. وجيش البحر يتدخّل    البكالوريا: 22 حالة غش في هذه الولاية    هيئة الانتخابات تعقد جلسة عمل مع وفد من محكمة المحاسبات    بنزرت: الاحتفاظ بإمرأة محكومة ب 48 سنة سجنا    مسؤول بال"شيمينو": هذا موعد عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    مفتي السعودية: "هؤلاء الحجّاج آثمون"..    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    الحماية المدنية 12حالة وفاة و355 مصابا في يوم واحد.    الرصد الجوي: سنة 2023 في المرتبة الثالثة للسنوات الأشد حرارة    فظيع/ سيارة تنهي حياة فتاة العشرين سنة..    نابل: اقتراح غلق 3 محلات بيع لحوم حمراء لهذا السبب    بقيادة التونسي "مكرم دبوب": المنتخب الفلسطيني يتأهل إلى الدور الحاسم لمونديال 2026    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    دعوة من الصين للرئيس التونسي لحضور القمة الافريقية الصينية    لرفع معدل الولادات في اليابان...طوكيو تطبق فكرة ''غريبة''    الرابحي: قانون 2019 للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية فرض عدة إجراءات والتزامات على مُسدي الخدمات    وزارة التربية: صرف أجور المتعاقدين بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    مناسك الحج بالترتيب...من الإحرام حتى طواف الوداع    مديرة الخزينة بالبريد التونسي: عدم توفير خدمة القرض البريدي سيدفع حرفائنا بالتوجّه إلى مؤسسات مالية أخرى    اليوم: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة لمترشحي البكالوريا    نظّمه المستشفى المحلي بالكريب: يوم تكويني لفائدة أعوان وإطارات الدائرة الصحية بالمكان    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    مدنين: رصد حالة غش في اليوم الثاني من اختبارات البكالوريا    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    عاجل : النادي الإفريقي يؤجل الجلسة العامة الإنتخابية    تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة: وزارة الصحة تصدر بلاغ هام وتحذر..#خبر_عاجل    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الخامسة والعشرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نافذتي : بذرة حبّ البقاء
نشر في الشروق يوم 25 - 08 - 2012


من أين لي أن أستشفّ الصّبح في هذي الظّلم؟
منوّر صمادح
اشتهت نفسي هذه الأيّام أن أسبّ نفسي .أن ألعن أجدادي الذين لم يختاروا غير هذا البلد سكنا...ما بالهم بعد أن حاربوا وتاجروا و حجّوا وساحوا في بلاد الله لم يختاروا التّناسل إلاّ هنا؟ لماذا قذفوني في مكان كهذا ضاق بي وضقت به...فلا أنا قادر على الإقامة به ولا مستطيع الرّحيل منه؟
هذا البلد الذي يفتخر مثقّفونا بالثلاثين قرنا من عمر حضارته ماذا ورث من تلك الثلاثين ؟ أسألكم.

القرطاجيّون رحلوا بلغتهم وديموقراطيتهم وسفنهم وما تركوا لنا غير اسم أميرة وهميّة نتبرّك بذكرها.
الرّومان رحلوا أيضا آخذين معهم نظمهم الإدارية والمالية والعسكرية وكتب أبوليوس وماغون وأوغستينوس ، ولم يتركوا لنا غير أعمدة مكسورة وبعض أطلال نريها للسّوّاح ونرقص فوقها صيفا.

البيزنطيّون تركوا سبيطلة وكنائس مهدّمة ورحلوا بمسيحيّتهم المنهزمة أمام الزّحف الإسلامي.
فلول البربر ابتلعهم العرب القادمون من الجزيرة مبشّرين بدينهم الجديد .
والعرب بدورهم ، غادرهم نقاؤهم الأوّل ، وخالطتهم شعوب بحريّة، وقبائل سقطت عليهم من جبل أو زحفت من صحراء ؟
ماذا ورثنا من كلّ هؤلاء ؟ لاشيء متفرّدا، لا شيء متميّزا...وإنّما ظللنا نتنافخ وندّعي الشّرف الكاذب كافتخار الفلاح الصّعيديّ بأجداده الفراعنة.
أنا غاضب وحانق ومتألّم من خوائنا الثّقافيّ ، وتسوّلنا على الأبواب من شرق أو غرب . إنما نحن شتات لا يلتئم له شمل ، ولا اجتماع على كلمة...نحن هباء جمعه بورقيبة في كفّه ليصنع منه عجينا يكيّفه على هواه. وكما تبعناه تبعنا من قبله ، ومن جاء بعده ، لأنّنا دوما على أهبة لاتّباع كلّ ناعق .
تلك كانت سيرتنا في عهد البايات ، انقسموا إلى باشيّة وحسينيّة فانقسمنا مثلهم . أيّام فرنسا انقسمنا إلى فئة تجنّست وفئة بقيت «أنديجان» . وفي حمّى مقاومة الاستعمار انقسمنا إلى حزب الثّعالبي القديم وحزب بورقيبة الجديد . عند الاستقلال اتّبع جماعة صالح بن يوسف وقالوا : هي خطوة إلى الوراء ، واتّبع آخرون بورقيبة ونظريّته : خذ وطالب.

ثمّ آلت القيادة لبورقيبة فساقنا كالقطيع لكن بذكاء ، ولامستنا عبقريّته قليلا، ثمّ سلّمنا إلى خليفته فقادنا كالقطيع أيضا ولكن بسخف ونذالة مع سلب ونهب ، ثمّ فرّ و ترك البلد جاثيا على ركبتيه.

لنقل أنّ هذا كلّه صار وراءنا ، وأنّنا صنعنا ثورة لنصنع مصيرنا بأيدينا ، وأنّنا شطبنا بجرّة قلم عهد الظّلم والجور، وذهبنا إلى انتخابات تضع الحكم وصنع القوانين بيد الشّعب ، فتنفّس النّاس الصّعداء وبدأوا يرتّبون البيت ويتفقّدون ما انكسر فيه وما تعطّل من أدواته .

اليوم وبعد تخلّصنا من البايات ،من بورقيبة ، من بن علي ،من حزب التّجمّع بدأنا البحث عن حامل عصا جديد ليسوقنا . ومع أنّ البلد ذو شكل مستطيل إلاّ أنّنا حصرناه وسط مثلّث ملتهب يتّقد نارا ويرمي شرارا. ضلع منه حزب دينيّ ذوأجنحة وتوابع ذات زوابع ، الضّلع الثّاني أحزاب اليسار بأطيافها وزعاماتها تجرّ طوباويّات القرن الماضي ، والضّلع الأخير حزب جديد، جامع للجميع، لن يترك شيئا إلاّ احتواه ، وربّما سيعيد الذّئاب القديمة إلى السّاحة.

قلبي يحدّثني أن لا خير في الأضلاع الثلاثة ، وأن لا خيار لشعبنا في الإفلات منها إلاّ ببذر عقيدة قتاليّة صلبة ، واستمساك بحبّ البقاء لثورة ثانية وربّما ثالثة كلّما رأى السّفينة بدأت تغرق.

غفر اللّه لي كم كرهت عالمنا الكبير هشام جعيّط يوم صرّح في حديث صحفيّ مع حسن بن عثمان عنوانه بالأحرف الغليظة: «الشّعب التّونسي جاهل جهالة لم أر مثلها في حياتي». ولمّا جاء يومي هذا المليء سخطا وقلقا، وجب عليّ الاعتذار للرّجل عن سوء ظنّي به واعتقادي بشعوبيته أو طبقيّته أو تنصّله من ذاته وأمّته لغاية في النّفس يعلمها .وأتذكّر أنّ أبا القاسم الشّابّي فعلها قبله إذ قال:
أيّها الشّعب ليتني كنت حطّابا فأهوي على الجذوع بفأسي
أنت روح غبيّة ، تكره النّور وتقضي الدّهور في ليل ملس
أيّها الشّعب أنت طفل صغير، لاعب بالتّراب واللّيل مغس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.