شهدت الساحة السياسية نشأة حزب التحالف الديمقراطي الذي ضم العديد من الوجوه السياسية والشخصيات الوطنيّة المعروفة، فهل لهذا الحزب خلفية وإيديولوجية أم هو مجرد جبهة انتخابية.؟ وهل سيتمكّن من تحقيق الإضافة على مستوى الحد من الاستقطاب بين النهضة ونداء تونس وتجميع القوى الوسطيّة؟ أفاد محمد قوماني (الناطق باسم التحالف الديمقراطي) بأن التحالف الجديد الذي تم الإعلان عنه يوم 8 نوفمبر هو حزب سياسي وليست جبهة انتخابية يسعى إلى تقليص عدد الأحزاب وخلق أطراف وازنة وفاعلة وإعطاء الخارطة الحزبية توازن ضروري لنجاح الديمقراطية لأنه في ظل هيمنة حزب واحد وضعف البقية تفقد التعددية السياسية مدلولها والتحالف الديمقراطي نداء إلى الأحزاب والمجموعات والشخصيات التي تتقارب في تشخيص الأوضاع وفي تصور الحلول وتتفق في التوجهات العامة إلى أن تنصهر في حزب واحد يملك عناصر الجاذبية والقوة التي تعطيه التأثير في المشهد السياسي وتمنحه خطوة في الانتخابات.
وذكر «على هذا الأساس سعينا في التحالف إلى وضع أرضية اتفقنا عليها وسنوجهها لبقية المكونات لتقوم أساسا للحوار ولإمكانية الانضمام إلى هذا الحزب الجديد الذي لم يعلن مكتملا وإنما أعلنت مبادرة لبنائه ضمن دينامكية سياسية تمنح المنضمين الى المبادرة نفس حقوق المبادرين على أن تعقد مؤتمرا تأسيسيا في غضون 3أشهر يكون من أهم أهدافه تعميق الأرضية من خلال مقترحات بديلة في ميادين مختلفة ويكون هدفه الثاني اختيار هياكل ممثلة تعكس بناء مؤسساتيا وتسييرا ديمقراطيا للحزب وبعد المؤتمر التأسيسي يكون الظرف ملائما للبحث عن التحالفات الانتخابية والاستعداد للاستحقاق الانتخابي,
وعن علاقة التحالف الديمقراطي بسائر الأطراف السياسية وخاصة حركة النهضة ونداء تونس قال القوماني: «التحالف يطرح نفسه منافسا جديا للترويكا ولنداء تونس والجبهة الشعبية و يعمل على كسر حالة الاستقطاب بإحلال التنافس السياسي مكان العداوة السياسية وبالعمل على تجنيب البلاد مخاطر الاستقطاب الحاد والصراع غير الديمقراطي حول السلطة فما نراه من خلال بعض الشعارات مثل «القضاء على أيتام بن علي» أو«إعادة الخوانجية إلى السجون» أو «لا دساترة ولا خوانجية» وغيرها من الشعارات ذات المنحى الإيديولوجي الفج لا تبشر بالتنافس السياسي وتفتح المجال للاحتراب الأهلي».
بدوره أكد جمال التليلي (منسق الهيئة الوطنية للاتحاد الوطني الحر ) على أنهم على اتصال دائم مع كوادر التحالف الديمقراطي ولا يعتبرون قادته غرباء عنهم فهم تقريبا لهم نفس المبادئ و يقاسمونهم نفس الأفكار والتوجهات وقال «الساحة السياسية التونسية تحتاج في هذه الفترة الى بروز قطب ثالث يمكن من وضع حد للاستقطاب الثنائي والتخفيض من حالة الاحتقان السياسي».
أما رأي الأستاذ قيس سعيد فيبدو مخالفا اذ يعتبر أنه من السابق لأوانه الإقرار بقدرة التحالف الديمقراطي على كسر الاستقطاب الثنائي وأنه من السابق لأوانه على الأقل في هذه المرحلة الجزم بجواب واحد في هذه الاتجاه أو ذاك لأن المشهد السياسي مازال لم يتشكل بصفة واضحة وقال «لا بد من التأكيد على أن التنظيم الحزبي اليوم بالشكل التقليدي سواء كانت في إطار حزب أو ائتلاف بين مجموعة من الأحزاب لم يعد هو الآلية التي يمكن أن تنظم بها الحياة السياسية لان ما حصل في تونس في شهري ديسمبر 2010 وجانفي2011 لم يتم بناء على أي إشارة من أي حزب أو تنظيم سياسي ولو كان الشعب التونسي بحاجة إلى قيادة في ذلك الوقت لكان أفرز بصفة طبيعية قيادة ولكن الشعب التونسي مشروعه واضح ولم يعد ينتظر المشاريع التي تتقدم بها الأحزاب,
لا بد من التفكير في هذا السياق التاريخي المستجد بكل المقاييس فلو كانت الأحزاب هي بالفعل الآلية التي تمكن من تنظيم الحياة السياسية لكانت الانتخابات الأخيرة التي توصف دائما ب«الحرة» و«النزيهة» قد حسمت الأوضاع في انتظار الموعد الانتخابي القادم ولكن الانتخابات فجرت أزمة سياسية جديدة وهذا الامر ينطبق على تونس ومصر وتابع «لو كانت هذه الآليات بالفعل ملائمة لهذه الأوضاع الجديدة لكانت الانتخابات قد أدت إلى استقرار الأوضاع ولكن العكس هو الذي حصل فبمجرد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات تبدأ ردود الفعل وتنفجر أزمة سياسية جديدة هذا فضلا عن عزوف نصف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات وقد يكون هذا التحالف الجديد مصدرا لعقلنة الحياة السياسية ولكن قد لا يحقق إلا القليل من الأهداف التي يسعى الى تحقيقها ولا بد من تصور لآليات مختلفة تستجيب لمتطلبات هذا الوضع الذي لم يعرفه التاريخ من قبل.»
محطات الاعلان عن تأسيس التحالف الديمقواطي الذي تم يوم الخميس 08 نوفمبر 2012 لم يكن أول تحالف شهدته تونس بل كان قد سبقته عدة تحالفات سياسية أخرى مثل تأسيس الجبهة الشعبية التي تم بعثها في اوائل شهر أكتوير الفارط في مسعى لكسر الاستقطاب الثنائي بين الأحزاب وبالتحديد بين حركة النهضة التي تقود الترويكا وحركة نداء تونس وتتكون الجبهة الشعبية من حوالي 12 حزبا قوميا و يساريا.