انطلقت مؤخرا بأحد نزل مدينة سوسة أولى جلسات الحوار الوطني حول مسودة مشروع الدستور بحضور أعضاء المجلس الوطني التأسيسي المنتخبين عن دائرة سوسة و بعض المواطنين وممثلين عن بعض الجمعيات. هذه الجلسة طرحت عديد التساؤلات. كان من المتوقع أن تكون مداخلة بعض ممثلي المجلس الوطني التأسيسي والتي سبقت تدخلات الحاضرين مصحوبة بعرض على الشاشة ولكن بسبب عائق فني حال دون ذلك اكتفوا بالقراءة الجهرية التي تم فيها استعراض ما تمّ وصفه ب»الحقوق المستجدة» مثل حق النفاذ إلى المعلومة والحق في بيئة سليمة ومتوازنة وفي التنمية المستدامة.... وأيضا استعراض الهيئات المستحدثة مثل المحكمة الدستورية.
كما تمت الإشارة إلى بعض المسائل التي لاقت اختلافا داخل اللجان بالمجلس الوطني التأسيسي مثل مسألة الحصانة القضائية لرئيس الجمهورية بعد انتهاء مدته الرئاسية ومسألة الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ومسائل تخص الجانب القضائي مثل التي تتعلق بتركيبة المجلس الأعلى للقضاء وغيرها من المسائل.
وقد تمحورت جل المداخلات حول الصبغة الشمولية والعامة التي طغت على العديد من الفصول وأجمع المتدخلون على استغرابهم من تواجد الأممالمتحدة كطرف مساعد في تنظيم هذا الحوار مستائين من التنصيص على اسمها في اللافتة الرسمية وأيضا في الوثائق الموزعة الخاصة بسبر الآراء حول هذا اليوم.
وطغى على المداخلات موضوع الشريعة الإسلامية حيث أشار المتدخلون إلى المفارقة الحاصلة بين الإقرار الصريح بأن تونس دولة دينها الإسلام فيما اتسم محور الشريعة الإسلامية باحتراز وتحفظ وعمومية في المصطلحات وطالب العديد من المتدخلين باعتماد الوضوح في هذا الجانب والتنصيص على تطبيق الشريعة الإسلامية.
ومن الفصول التي شكلت محاور نقاش أيضا تلك المتعلقة بالسلط الثلاث وبعض الحقوق كحق المواطن في الماء حيث تساءل أحد المتدخلين لماذا الماء دون المرافق العمومية الأخرى وتساءل آخر عن الضمانات التي تكفلها الدولة في الفصل 41 (تضمن الدولة الحق في الثقافة لكل مواطن) وتم الاستفسار عن الفصول المحتشمة حول حقوق المسنين والأطفال ومشروعية دمج الأطفال بذوي الاحتياجات الخصوصية في الفصل التاسع مما يقر ضمنيا بالقصور ويخلق عدة تأويلات.
ودعا أحد الحاضرين إلى وجوب توضيح السياسة الخارجية والنظام الاقتصادي للبلاد في الدستور.
وبدل أن يقع الرد بعمق وبوضوح على مختلف الإشكاليات المطروحة أو حتى دراسة أولى لمختلف الآراء والاقتراحات وتبويبها في ورقة خاصة تُتلى في آخر الجلسة اكتفى المشرفون على تنظيم هذا الحوار الجهوي (ورغم التنصيص في البرنامج المصاحب على تلاوة التقرير النهائي المحوصل لفعاليات هذا اليوم) بقراءة تقرير معدّ مسبقا طغت عليه اللغة الخشبية بعموميات ذُيّلت بالعبارة التي عادة ما يتداولها أي مسؤول ثانوي وهي «سيقع رفع كل ما استمعنا إليه إلى لجان المجلس التأسيسي».