عكست مشاورات توسيع الائتلاف الحاكم خطأ رهانات عدد مهم من الفاعلين السياسيين في السلطة والمعارضة ، مرة أخرى يكشف هؤلاء عن نظرة ضيقة ومحدودة لأفق العمل الوطني في مرحلة محلية وإقليمية ودولية عصيبة جداً. في وقت تحتاج فيه البلاد إلى وحدة حقيقية فاعلة وناجزة ترفع فيها مختلف القوى والأحزاب الرهانات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الماثلة والمستجدة والمنتظرة تعري المفاوضات والتصريحات والمواقف رؤى حزبية ، ومرات شخصية ، ضيقة جداً بعيدة عن هواجس الشارع ومخاوف الناس وتحذيرات المحللين والمراقبين والمختصين في شتى القطاعات والميادين.ان مسار توسيع الائتلاف الحاكم وإنجاح الحوار الوطني أمران مصيريان في تاريخ البلاد من أجل وضع الأسس التوافقية حول أولويات المرحلة الحالية ورسم خارطة طريق واحدة واضحة لضمان الانتقال السريع والسلمي إلى محطة الحكم النهائي والمستقر.
إنّ طبيعة الراهن الوطني وتطورات الأوضاع الإقليمية المحيطة بحدودنا الجنوبية والغربية تستدعي روحا من المسؤولية الوطنية العالية لتجنيب البلاد الدخول في مطبات التوتر والاهتزاز الخطيرة وقدرا هاما من الاعتدال والوسطية والتنازلات الحزبية والنأي عن منطق الاستقطاب الأيديولوجي المدمر للوصول إلى تجاوز النقاط الخلافية وتقريب وجهات النظر خدمة للصالح العام.المؤشرات الاقتصادية والمعطيات الأمنية ذات الصلة بالإرهاب وتجارة السلاح ومجموعات العنف والتهريب والأجرام تؤكد على مختلف الأحزاب والقوى الوطنية ضرورة ، بل حتمية ، المضي قدما في نزع فتيل التوترات والمزايدات والاحتجاجات العشوائية وفوضى الشارع والانتصار إلى مبادئ وتوجهات السياسة الوطنية البناءة ، المجمعة لا المشتتة ، واليقظة والمتحفزة لا التائهة والمترددة.
من اكبر الرهانات الخاطئة أن ينخرط الفاعلون السياسيون في تصيد عثرات الخصوم والبحث عن تسجيل نقاط ضدهم في سياق مواجهة انتخابية ما يزال لم يحن وقتها وفي تجاوز صارخ لأولويات اللحظة التاريخية وتحدياتها الجسيمة على الأمن العام واستقرار البلاد والخطيرة على كيان الدولة وتماسك أجهزتها ووحدة المجتمع وانسجامه وتعايشه الحضاري والمدني.تونس تحتاجُ اليوم إلى نظرة وطنية شاملة وموحدة لا إلى نظرات حزبية وفئوية ضيقة ورهانات خاطئة.