يبدو أن التحوير الوزاري في طريقه لأن يصبح عجيبة الدنيا الثامنة، لشدة ما أحاط به من جدل وتجاذبات وصراعات.. فمنذ أشهر والبلاد تعيش على وقعه.. ومنذ أشهر وأحزاب الترويكا الحاكمة تخوض في جدل أبى إلا أن يتمدّد ويتمطّط ليتحول إلى أشبه شيء بمسلسل «تركي» من تلك التي لا تنتهي.. وفي الأثناء يخفت الحديث عن الدستور وعن خارطة الطريق لنهاية المرحلة الانتقالية ويغرق المواطن في دوامة ارتفاع الأسعار وغياب الأفق الواضحة.. كيف ولماذا؟ ومتى يرى المواطن النور في نهاية هذا النفق؟ أسئلة باتت تطرح بإلحاح في المجتمع التونسي الذي بات يحسّ وكأنه في واد بمشاكله اليومية وبمشاغله وانتظاراته التي لا تجد حلولا ولا أجوبة.. فيما تعيش الطبقة السياسية وبصفة خاصة الفريق الحاكم في واد آخر.. ذلك أن الحديث عن التحوير الوزاري انطلق منذ أشهر طويلة.. وقدم وكأنه الترياق لمشاكل البلاد التي تراكمت لأسباب منها ما هو خارج عن إرادة الحكومة ومنها ما تتحمل وزره ومسؤوليته بالكامل.
فقد استبد نَهَم السلطة بأحزاب الترويكا وجعلها تنسى في لحظة زهو بوقوع دواليب الحكم بين أياديها أن للحكم نواميسه وأدواته وضوابطه واستحقاقاته التي لا يمكن أن تسقط من السماء ولا أن تحصّل بالدعوات الصالحات ولا بحسن النوايا.. فتلك نواميس تتطلب الخبرة والكفاءة والبرامج الواضحة.. وتتطلب أيضا استتباب الأمن والاستقرار ليتسنى المضي إلى تنفيذ الرؤى والبرامج.. هذا في الأوقات والظروف العادية، فما بالك والبلاد تمر بظروف استثنائية عصفت بالأمن وبالاستقرار وأصابت مؤسسات الدولة بالشلل. شلل حاولت حركة النهضة وهي التي تقع من الترويكا الحاكمة بمثابة العمود الفقري في البدن معالجته من خلال زرع مسؤولين منتمين وموالين لها.. وهو ما جعل معادلة الولاء والكفاءة تميل لفائدة الضلع الأول للمعادلة وهو ما زاد في مفاقمة الوضع.. وفي اظهار أخطاء الحكومة التي كانت أحزاب المعارضة تتصيدها.. بل وتتلذذ بتعدادها وبتوظيفها وهي تراها تتوالى وتشمل كل الميادين تقريبا.. مما بات يشكل عبءا على الفريق الحاكم ويستنزف بالخصوص رصيد حركة النهضة التي باتت تشاهد أخطاءها تضخم وتستغل في مرآة المعارضة.. وتلمس شواهد الغضب الشعبي من خلال تحركات الجهات وعديد القطاعات المهنية.. وهو ما خلق الحاجة إلى التحوير الوزاري.
٭ ٭ ٭
بلغة كرة القدم، يقول العارفون بشؤون وشجون الجلد المدور، انك لا تغير الفريق الرابح.. وبما أن حاجة الترويكا إلى التحوير وتحت ضغط المعارضة والشارع قد أصبحت ظاهرة فإنها تكون بذلك قد أقرت بفشل ما.. وأحست بالحاجة الملحة إلى ضخ دماء جديدة.. وهو احساس وصل السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة إلى اختزاله في حديث أدلى به قبل فترة إلى صحيفة الشرق الأوسط بقوله «اننا أخطأنا التقدير» في سياق حديثه عن الحكم وصعوبات إدارة شؤونه وفي سياق الترويج للتحوير الوزاري على أساس أنه الحل للمشاكل والمصاعب.
لكن، حتى في هذا الاتجاه، فإن احزاب المعارضة الفاعلة والتي تمثل أرقاما مهمة في المشهد السياسي رفضت مدّ قصبة النجاة للحكومة بما كان سوف يمكّن من اختزال الزمن والمسافات وانجاز تحوير يأتي بفريق حكومي ينهي صداع الحكومة ويمكن من ايجاد نوع من الوفاق اللازم لحسن ادارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية.. رفض جعل دخان الازمة يتصاعد من بيت الترويكا وربما أيضا من بيت حركة النهضة نتيجة التجاذبات والصراعات حول الأولويات وحول تصورات الحل والمخارج الحقيقية لأزمة بات استفحالها يهدد الرصيد الانتخابي لأحزاب الحكم بالتآكل لفائدة أحزاب المعارضة التي وجدت نفسها في وضع مريح وهي تتلذذ باستثمار أخطاء الفريق الحاكم. وبالمحصلة فقد ضاع دم القضايا والملفات الحقيقية في خضم هذه الصراعات والتجاذبات التي لا تريد ان تنتهي. قضايا وملفات يأتي انجاز الدستور في طليعتها... ليبدو الدستور وكأنه الخاسر الأكبر من تواصل هذا الوضع بين التحوير واللاتحوير... وضع أضحى بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة... غابة الملفات الأخرى والقضايا الحارقة التي لا تحتمل التأجيل.. وفي طليعتها انشاء هيئات الانتخابات والقضاء والاعلام.. وهذه وتلك مفاتيح أساسية وعناوين رئيسية لنهاية المرحلة الانتقالية وانتقال البلاد الى الوضع النهائي.. فإنهاء الدستور وهو الأساس الذي سوف تتحرك منه البلاد نحو الوضع النهائي والذي انتخب المجلس التأسيسي لصياغته يتطلب المزيد من التركيز ومن الوفاق بين الكتل.. والوفاق داخل المجلس يتطلب توافقا خارجه بين مكونات المشهد السياسي.. وهذا التوافق يتطلب رؤى مشتركة وتنازلات متبادلة يبدو ان لعبتها جديدة على فرقاء الساحة السياسية الذين تشقهم خلافات ظاهرة وبيّنة حول الإقصاء وحول أجندة المرحلة الانتقالية... وهذه الأجندة بدورها تنتظر الدستور وتنتظر هيئة الانتخابات بالخصوص... وكل هذه الاستحقاقات تنتظر نهاية هذا الجدل حول التحوير وتنتظر نهاية هذا المخاض الصعب وبروز حكومة تتوفر على شروط النجاعة وتستجيب لاشتراطات كل الفرقاء حتى لا تولد ميتة وحتى تحظى بالتوافق والالتفاف اللازمين لمباشرة الملفات الحارقة للبلاد سواء في ما يتعلق بمشاكل التنمية والضغط على الاسعار ومباشرة حل معضلة التشغيل.. أو ما تعلق بحسن ادارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية والعبور بسيفنة الانتقال الديمقراطي الى شاطئ الأمان.
مفارقة تبدو مستعصية على الحل.. ونحن نرى كيف أن رياحها ما انفكت تعصف بالفريق الحاكم منذ مدة..وكيف أن شظاياها تأتي على خيوط تحالف بدأت تتآكل تحت ضغط اشكالات التحوير وحسابات الانتخابات القادمة... وبالمحصلة تبقى ملفات مصيرية مؤجلة ومعلقة... ويضيع الدستور وتضيع خارطة الطريق لنهاية المرحلة الانتقالية.. وتتوه انتظارات الناس ومشاكلهم الحقيقية، وسط غبار التجاذبات والصراعات حول تحوير كان يفترض ألاّ يتجاوز انجازه الأسبوعين لتعود البلاد الى العمل وهي تملك كل مفاتيح العبور من دوامة المرحلة الانتقالية.. بأخف الأضرار.
«إنّا للّه وإنّا إليه راجعون»
تنعى النقابة الأساسية لأعوان وإطارات السجون والإصلاح المربي الفاضل المغفور له بإذن الله الذي وافته المنية يوم السبت 02 فيفري 2013: محمد عامر زروق وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم النقابة الأساسية لأعوان وإطارات السجون والإصلاح وكافة النقابيين الأمنيين بأحر التعازي للزميل النقابي «وليد زروق» نجل المرحوم وكافة عائلته ونرجو من الله أن يرزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.
موكب فرق تعلم النقابة الأساسية لأعوان وإطارات السجون والإصلاح أن موكب فرق المربي الفاضل المغفور له بإذن الله الذي وافته المنية يوم السبت 02 فيفري 2013: محمد عامر زروق والد الزميل النقابي «وليد زروق» سيقام يوم الثلاثاء 05 فيفري 2013 بمنزلهم الكائن ب03 نهج الوفاق حي المثابرة المرسىتونس.